كتبَت إليه :
أرجوك و للمرة الأخيرة بعد المئة .. لا تخبرني كم أنا جميلة ..
أنا أملك ألف مرآة و عين تخالف قناعاتك .. و إني أثق في أن عالمنا كله ... يقف في صفّي ..
جمعتُ كلمات الغزل التي حاكها لك ضعف بصرك و خدعتك به نظارتك الطبية ... و ضللك بها قلبك الطيب ..
عندما أقنعك قلبك أن جمال الروح يسكب ألوانه على الجسم و الملامح ...
و يصنع ما لا تصنعه عمليات التجميل في امرأة متوسطة الجمال ...
هب أني صدقتكَ ذي بدء .. و أسرفت بقراءة كتب العناية ببواطننا و إبراز جمالها حتى نمارس سحرا طاغيا يخلّ بقاعدة الجمال ...
ربما اعتنيت - من أجلكَ - بابتسامتي دون أن أحقن شفتي بمادة تخل باتزان كلماتي ..
أو أنني اعتدلت بجلوسي - أمامك - حتى لا يتقوس فكرك بعيداً فتعيدك استقامتي ...
و أظن أنني - في زمن ما - أدمنت ترديد أغنيات مطربة مغمورة ... لأنها رفيقة مراهقتك ..
ربما فقدت نفسي ... و أنا أنبش أرضي بحثا عن ما يثير إعجابك ...
رغم أن ذوقك سهل ممتنع .. قد تأتي به امرأة فائقة الجمال .. و تجمع الكمالين .. جمال الباطن و الظاهر ..
نعم ... فقدت الكثير الكثير مني في رحلة البحث التي قادتني إليك ..
أو قادتك إلي و أنا أحمل الوهم و الحلم بين ذراعي ...
كطفلين توأمين ولِدا معي من رحم أمي ...
ليتني ما صرخت يومها .. ليتني أتقنت فن الصمت و لم أقل للشجرة و الحائط و القلم و التراب و البحر .. ها أنا ذا ..
ليتني كنت مثل أترابي ... فقط أكبر .. دون أن يكبر شيء آخر غير جسدي ..
لكن النمو باطّراد أصاب كلّي .. من أقدامي إلى شعري .. و أحلامي و اعتزازي بي و كبريائي المزعوم .. و همومي ..
ها هو جسدي يبدأ رحلة اضمحلاله ... و ذاكرتي على نهجه تسير ..
رغم أنها تنتقي ما يوجعني و تتمسك به ... بل و تتصدر به عناوين صفحة تفكيري الدائم ..
رجوتك مجدداً كلما جمعتنا الصدف المرتّبة ... لا تسرف على امرأة يقلقها الحب ...
لا تبذر بعطاياك و تملأ حجرها بالوعود ..
لا تجعلها تؤمن بأنك رسول القدر ... الذي سيخلصها من براثن حزنها القديم ..
لا تكن بهذا الكمال .. لا تكن رجلاً فوق العادة .. لا تكن صادقاً لا يداخلني نحوك شك ...
لا تكن كوكباً درياً ... لنجمة سابحة في خيالك ..
لا تكن لي فجأة ... المحور ... و مركز الكون بالنسبة لي ..
لا تكن في قلب كل الأشياء الجميلة ....
كن عابراً ... مجرد عابر يلقي مجاملة على امرأة غير مهمة و لا مهتمّة ... ثم يمضي غير عابئ بها ..
....
لكنّك آليت على نفسك أن تفعلها .. أن تنجبني من قلبك ... ثم تبرأ مني بعد أن رفعتُ بنيان وحدتي بك ..
و بعد أن حطمتُ كل المرايا التي حذرتني منكَ ... و ملأتُ الجدران بنصوصك ..
رحلتَ لتعبرَني و كأني مرحلة ... أو محطة .. لا تؤدي إلى مكان ..
و حين سألتك : من أنا .؟؟
بملئ قلبك أجبت : ذكرى جميلة !
ههههه مضحك جدا أن أمارس حياتي اليومية .. و أنا مجرد ذكرى .. و الذكرى أبداً لا تعود لها الحياة ..
... قد أضع عليها طابعاً بريدياً ذات يوم ... مع قبلة باردة ..