اللِّقـــــــــاء : - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
القهوة أكثر من مجرد شراب (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : ضوء خافت - مشاركات : 34 - )           »          وفاة اخي سلمان حسن عايد الشمري (الكاتـب : عبدالله البطي - آخر مشاركة : ضوء خافت - مشاركات : 12 - )           »          مآرِب (الكاتـب : ضوء خافت - مشاركات : 6 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 80 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - مشاركات : 796 - )           »          البستوني ♤ السباتي ♣ الديناري ♦ (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 6 - )           »          رضوض الماء (الكاتـب : عبدالكريم العنزي - مشاركات : 50 - )           »          (( وَشْوَشَة .. وَسْوَسَة ..)) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 47 - )           »          ((قيد العنا قيد ...)) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 9 - )           »          ما كنت أنا سلمى ..! (الكاتـب : نوف الناصر - آخر مشاركة : سعيد الموسى - مشاركات : 5 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-26-2013, 08:14 PM   #1
سارة النمس
( كاتبة جزائرية )

الصورة الرمزية سارة النمس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 13

سارة النمس سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي اللِّقـــــــــاء :




كانت جريدة والدي اليومية ، ملقاةً على الطاولة حينما لمحت صورته ، لم يكن يبدو متغطرسًا كما السياسيين و لا بشوشًا كما الفنانين ، بل كان تعيسًا كما الكُتاب ! هؤلاء الذين لهم قضايا ، الذين انتشلهم القلم من معاناتهم كالسنارة بطعم اسمه الإلهام ، نُشرت له قصة قصيرة و خاطرة و نبذة عن رواية ، و رغم هذا لم يسمع باسمه أحدٌ كلّ ذنبه أنه كان جزائريًّا ، و يا لغبن المبدع في بلد لا أدري أيستحق الهجاء أم الرثاء ؟!

فتحتُ صفحتي الفيسبوكية ، و كتبت اسمه باحثةً عن مبدع فتنني قلمه كلّ غايتي كانت أن أقدم له العزاء و بعضًا من التشجيع في بلد شعبه لا يقرأ ، أن أقولَ له لقد تمت القراءة لك . . . أمّا عن صوره الأخرى كانت حزينة ! لابد أن الصحفي تصبب عرقًا و هو يبحث له عن صورة فيها مسحة من الفرح ، و حتى التي نشرت لم تحمل سوى نصف ابتسامة كان فيها الكثير من التهكم ، و كأنّه يسخر منا جميعًا بطريقة ما !

و تحدثنا . . عن أمور كثيرة ضمن دردشة عابرة و عندما أخبرته أنني أكتب أيضًا قال : قبل أن أؤمن بكِ كروائية عليّ أن أشَرِح ما كتبتِه بمخبري ، قلت له بشيء من الغرور ، و هل تظن أنني لأنني أحب ما تكتب ، قد يهمني رأيك و نقدك ، أنا لا أكتب لأحدِ سوى لنفسي ، أمّا الآخرون من القراء ، فليس أمامي سوى شكرهم على كرم أوقاتهم بالتصفح ، تصور لو لم يعجبك ما أكتب ، و أتيت إليّ تصرخ بوجهي ، بأنّ أصابعي رديئة ، و هناك خطب بمخيلتي ، تصور و قد اقتنعت برأيك أنني لا أصلح للكتابة ، ما الذي سيحل بي ؟ و كيف سأعيش حياتي ؟ كيف سأصرخ بعد أن تسلب مني صوتي ، كيف سأكتب و قد بترت أصابعي ؟ نعم لقد توقفت عن الإصغاء لمثل هؤلاء منذ زمن و أتهمهم بالجهل و الغباء و الحسد حتى ، الرواية ذوق ، و النص تصور و الكلمة إحساس . . ، لذلك من يربت على كتفي بلطف و يهمس بأذني مثلا بأنّ بوسعك أن تكتبي هذا دون أن تتعرضي لذلك كي لا تفسد جمالية نصك ، أحب من يعطيني درسًا بلطف ، دون أن يحمل العصا على رأسي و أنا أكتب ! كان يصغي باهتمام شديد ، فله من سعة الصدر ما تكفي لسماع كلّ أبناء الجزائر و الإصغاء لهمومهم جميعًا و لهذا يبدع فيما يكتب .

و لكن رغم هذا كان سوداويًا جدّا ، تعسًا ، يائسًا من كل شيء ، و كأنّ فيه شيئًا من " الماغوط " . . غير أنّ الأول يتحرر من أصفاد حزنه كلّما يتحدث إلي يبدأ الحديث هادئًا ثم تتخلله ضحكات عالية ، و ابتسامات عريضة تجعل منه إنسانًا بشوشًا أخيرًا ، لم أكن أعلم أنه بوسعي أن افعل به كلّ هذا فقط و نحن نتحدث من خلف شاشات الكمبيوتر ، يقول أنّ لصوتي تأثيرًا سحريًا عليه ،و أنني أجلب الفرح معي كلّما حدّثته ، و هذا شيء أعتز بنفسي كلّما قمت به ، أليس نبيلاً أن تكون سببًا في سعادة أحدهم ؟ أجاب ذات يوم :
و من المؤسف أن يكون نفس الشخص الذي يجلب لك السعادة بحضوره ، يهديك تعاسة بغيابه ؟ فما أقصر لحظات الحضور و ما أطول لحظات الغياب ، شعرت أنّه يعاتبني لأنني لا ألتزم بموعدٍ يومي و لأنني كثيرا ما اختفي دون أن أكلف نفسي عناء التبرير أو الإعتذار أو حتى الاتصال أو كتابة رسالة نصية له ، بعد كل " العشرة " التي جمعتنا ، و بعد أن تبادلنا شغفًا أدبيًا و أحاديثًا طويلة ، حول الحب و الحياة .

و التقينا . . حينما زرت مدينة تلمسان رفقة والدي الذي قرر حضور أحد الندوات ، تركته يذهب إلى المؤتمر على الساعة الثامنة ، و بعد ساعتين من ممارسة الكسل على صدر السرير ، غيرت ملابسي ، تأنقت و خرجت إلى السوق ، و من هناك اتصلتُ به :

- لنرى إن كنت ستتعرف عليّ من الرقم الجديد ؟
أطلق ضحكة طويلة ثم أجاب :
- صوتكِ ستحتفظ به الذاكرة إلى أن أموت ، لقد أطلتِ الغياب
- ربما لكنني الآن بتلمسان
- أنتِ تمزحين
- أنا جادّة ، أنا أتسوق الآن
- و أينَ نلتقي ؟
- تعالَ إلى السوق

و أنا أخرج من السوق ، كان هو يحاول أن يدخله ، عرفني مثلما عرفته ، اقترب مني و دون مقدمات ، وجدتني أنا الصبية القصيرة النحيلة ، بين أحضان هذا الرجل الضخم ، لقد كان سعيدًا جدّا ! يوشك على الاحتفال بي
و بعد حوار قصير ، عرض عليّ أن نذهب إلى إحدى المقاهي ، شغل نفسه بالنظر إليّ و هو يسحب أنفاسًا طويلة من سيجارته ، أما أنا طابت لي القهوة التي بين يديّ قال :

- لما لا تبقين هنا ؟
- أفعل ماذا ، حياتي كلّها في باتنة كما تعلم !
- سأجد لكِ عملاً يناسبكِ هنا ، و بيتًا تمكثين فيه ، و تصبحين لي
- أنظروا من يتحدث عن الامتلاك ! أكثر رجل يطالب بالحريات
- الحب امتلاك
- و لكنني لا أحبكَ و أنتَ تدري
- لما تصرين على النفي و أنا اقرأ الحب في عينيك و ابتسامتكِ و كل ما تكتبين
- قراءاتكَ خاطئة إذًا
- أنا لا أخطأ أبدًا ، عندما يتعلق الأمر بالحب ، لديّ حاستي السادسة
نظرت إليه بكل ما تحمله النظرة من جديّة و صوبت إليه خبرًا :
- سأتزوج !
- تتزوجين ؟؟!! هل هي مغامرة جديدة تنوين خوضها ؟
- ههههههه نعم شيء من هذا القبيل
- من هو َ ؟
- شخص لم أتحدث عنه كثيرًا
- خطيبكِ السابق
- بل الحبيب الذي سبقه
- لما اتصلتِ بي إذا و جعلتني أركض إلى هنا ككلب وجد صاحبته أخيرًا !
- لا تتحدث بهذه النبرة ، ألا تعتقد أنه كان يجب أن نلتق ؟
- في ظل هذه الظروف لا .. لما أردتِ رؤيتي ، كي تردي بعاشق آخر في مقبرة عشاقك
- أنتَ تدري أنّ العشق لم يكن يومًا مشروعًا بيني و بينك ، خصوصًا و أنكَ رجل متزوج !
- نعم مذ عرفتكِ و أنت تذكرينني بهذه الحقيقة المرة التي أحاول أن أنساها كلّما كنتُ معكِ ، أنا متزوج و ماذا بعد ؟
- أنا أيضًا سأتزوج ! هل ترى أنه من العدل أن تكون لك حياة بأسرها و أعيش أنا في ظل كي أمنحك الشغف الذي حرمه الزواج منك لتنهي به رواياتك ، كي أمنحك وقود الحب لتظلّ على قيد الحياة ، أنا أيضًا أريد زوجًا و أولادًا مثلكَ تمامًا
- و ما الذي سيحل بعلاقتنا ؟
- سنبقى كما كنّا ، أصدقاء
- أنتِ بالذات لا تؤمنين بالصداقة بين الرجل و المرأة ، ألستِ القائلة كل صديق هو مشروع عشيق ؟!
- تريد كل شيء أو لا شيء ؟ هذا ما تريده أليسَ كذلك ؟
- لا أريدُ شيئًا منكِ
- حسنًا و لكني أريد
- تكلّمي ، ليسَ الآن ، سنتحدث بعد أسبوع في الفيسبوك و سأخبرك
- أنتِ خبيثة ، بكل ملائكيتك من صوت و ملامح و ابتسامة
- أنا صادقة دائمًا ، كما تعلم ، عمومًا سعدت جدّا بمقابلتك و دون أن أوصيك ، لا تدع شيئًا في العالم يهدم علاقتنا الإنسانية الجميلة ، إلى اللقاء .

وجد نفسه يفشل للمرة الألف من الخروج من علاقة مشبوهة كهذه ، لم يجد لها اسمًا يليق بها ، و حتى أنّه عجز أن يصنفها في خانة العلاقات الإجتماعية ، مثل هذه العلاقات لا تنته ب " بلوك " و " ديليت " ، هناك شيء ما دائما يجرفكَ نحوها . .

 

التوقيع


لقد فهمتُ أخيراً معنى أن تتركَ وطنك لتكون في وطن الغير
الأمر أشبه بأن تترك بيتك و تمكث ضيفاً في بيت آخر
ستدرك أنك مهما مكثت ستظل ضيفاً و لست صاحب البيت !

من رواية " الحب بنكهة جزائرية "

سارة النمس غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:12 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.