قرأت كثيرا من ذي قبل في التاريخ المعاصر للعالم العربي فوجدت أن الصورة واحدة و المشهد واحد إلا أن الأزمنة تختلف ..
ليس هنالك حقيقة مطلقة ، و ليس هنالك ما يبرئ ساحة أي فرقةٍ قاتلت لصحة توجهها و معتقداتها فالانسان بطبعه متحيز لفكره و يرى أنه دائما على حق و الآخرون مخطئون و ذلك بتكريس من المجتمع الذي عاشه و ترعرع منذ نعومة أظفاره فيه و كبر على عاداته و مبادئه و قيمه و التي ليست بالضرورة صحيحة أو تتفق عليها جماعات أخرى غير جماعته التي ينتمي إليها . ربما تخلص بعض الناس من هذا التعصب و لكنهم قليلون مقارنة بأعداد حملة الفكر نفسه .
قراءة التاريخ تتطلب وقتا و جهدا كبيرين ، و ما ذلك إلا لأن النظر في مرجع واحد و الاعتماد عليه يُعد نقصا . تعدد و تنوع المراجع التي تُستقى منها المعلومات تعطي فرصة لتكوين صورة واضحة متفق عليها و تنأى بنا عن الأخذ بصورة واحدة رُبما كانت كاذبة أو مغلوطة أو لم تكتب بحيادية على وجه الدقة .
كل الذين خاضوا حروبا بينهم على أرض الجزيرة منذ تكون الخلافات السياسية سفكو الدماء و انتهكو الحرمات باسم الدين المبطن بمغازٍ كثيرة لا يقبلها الدين نفسه ، إنما استخدم الدين كواجهة لتمرير أهداف و خطط شخصية أو طبقية أو عرقية و ما شابه ذلك.
التكفيريون ، الطائفيون ، الوعاظ المفلسون ، القادة الفاتحون ، الشعوب ككل تقريبا لم يسلم أحد من الخوض في الظلم و الطغيان و ادعاء المظلومية و الأحقية و المثالية ، بل نجد أيضا أنه حتى الضعيف نفسه ظلم ضعيفا آخر يشبهه ، و يكأنها سلسلة ليس لعقدها انفراط .
كنت دائما ما أقول بأن الوحدة و النصر و التمكين دائما تكون للأصدق و الأكفأ و المتمسك بفكره و عقيدته أيا ما اعتبرها الكل باختلافهم واختلاف عقائدهم و توجهاتهم ، المهم في الأمر هو الايمان بالقضية ، و قد تجلى لي ذلك في قراءتي مؤخرا لكتابيّ الملك فيصل رحمه الله لـ فاسيلفي و كتاب ابن سعود و الأشراف لـ علي الوردي .
الان و بعد مرور هذه السنوات لا تزال كل فرقة تطعن في الأخرى ، و قد ذهب الأولون و خلفهم من بعدهم في حمل الأحقاد و توارثوها كابرا عن كابر .. من مصلحة من استمرارية الأحقاد هذه ؟!
و المقارنة تأتي هنا بين دول أوروبا و بين العرب ؛
يحجم العرب عن الصفح عن بعضهم و عن توحيد جماعتهم باتحاد واحد بينما نجحت دول أوروبا في خلق اتحاد يضمهم بعد أن كادوا أن يفنوا بعضهم البعض في الحربين العالميتين .
فإن كان هؤلاء قد استطاعوا أن يتجاوزوا أحقادهم لم لا يستطيع العرب فعل ذلك ؟!
ملاحظة أخيرة و قد أثارت استغرابي ، لم أقرأ إلى الآن باحثا أو مستشرقا أو سياسيا لم يذم فئة من العرب أتحفظ على ذكر أصولهم و لكنهم إلى يومنا هذا كما هم و يكأن صفاتهم هذه عنوان لهم أينما رحلوا و مهما تقادم بهم الزمن!
ما كتبته أعلاه مجرد وجهة نظر أزعم أنها حيادية و أنا بطبيعتي لا أمجد أحدا و لا أعتقد بفضل أحدهم على الآخر إلا بما قدم من أعمال تشفع له .
دمتم بخير 🌹