" مَاذَا لَو أنّنِي غَادَرْت .. مَالّذِي سَيَبْقَى مِنْ بَعْدِي ؟
مَالّذِي سَيَبْقِى مِنْ حَرْفِي ؟
مَالّذي سَيَبْقَى مِنّي ؟
وَ كَيْفَ سَيَذْكُرُوننِي ؟
وَ إلى مَتَى سَيَقْرَؤننِي ؟
وَ مَتَى سَيودعُونِي تَوَابِيْتَ النّسْيان ؟ "
لَسْتُ مَأسْاويّة التّفْكِير ، سَوداويّة النّظْرَة لِلمُسْتَقْبَل . وَ لَكِنّ هَذهِ
الأسْئِلَة مَا انْفَكّت تُرَاوِدُنِي وَ تُؤرّقُنِي بَعْدَ أنْ وَصَلَنِي نَبَأ اليَقِيْنِ عَنْ وَفَاةِ
أحدِ الكُتّاب وَ الّذي كَانَ رَفِيق حَرْف لا يُنْسَى ،
ذَهَبْتُ لأقْرَأ مَلَفّهُ الشّخْصِي .. أعَتّق بَصَرِي بِمَا تَقَاطَرَ مِنْه فِيْ آخِر شهُوره
تِلْكَ الّتِي لَمْ أشْهَدْهَا لانْشِغَالِي ، أقْرَأ وَ أتوجّع وَ أتَسَاءل :
هَلْ حَقّاً رَحَل ؟!!
ذَهَبْتُ وَ أنَا أتَحَاشَى النّدم إذْ لَطَالَما قَالَ لِي " عُودِي أخْتِي .. المَكَان يَفْتَقدّكِ وَ يَشْتَاقكِ " ،
وَ لَمْ أعد !! ...
أوَكُنتُ أعْلَمُ بِأنّه سَيَرْحَل ؟!!
ذَهَبْتُ وَ أنَا أحْمَدُ الرّب أنّي لَمْ أكُن بِالجِوَارِ فِي الشّهُور الأخِيْرَة كَيْ لا تَكُونَ
ذَاكِرَتِي رَطْبَة نَاضِجَة ،.... أشْعُر بِأنّي مَحْض أنَانِيّة وَ أنَا أكتُب هَذا الحَمْدُ
وَ لَكِنّي أعْرِفنِي حَدّاً أجِد لِي العُذر فِيمَا نَطَقتهُ الآن ،
وَ الآن .. تَجْتَاحنِي هَذهِ الأسْئِلَة وَ تَفْرِضُ نَفْسها عَلَي لِـ أتَأمّل حُرُوفِي فِيْ أرْجَاء
المُنتَدياتِ الأدَبِيّةِ وَ أتَسَاءل ...
مَاذَا بَعْدُ يَا نُورَة ؟
أعُودُ بِذَاكِرَتِي إلِيّ .. كَمْ مَقْطَعٍ مُوسِيقي وَضَعته ؟ لَيْسَ الكَثِير .. كُنتُ أخْشَى
أنْ أبُوء بِذَنْبِ غَيْرِي لِذا لَطَالَما امْتَنَعَت عَنْ وَضْعِهَا وَ أرْخَيتُ قَبْضَتِي فِي أوْقَاتٍ
نَادِرَة أخْرَى ،
أعُودُ إلى الصّور وَ الحُرُوف ، لَمْ أبْتَذِل الحَرْفَ وَ لَمْ أبْتَذِلُ نَفْسِي ،
لَمْ أكْفُرُ بِحُرُوفِي وَ أتَعَبّدُ بِهَا لِغَيْرِ خَالِقِي ،
لَمْ أدْعُو إلى الفِتْنَةِ وَ حَارَبت مَنْ دَعَى إلِيْهَا ،
نَصَحْتُ وَ غَضَبْتُ وَ ابْتَسَمتُ وَ وَاسَيْتُ وَ بَكَيْتُ بِحُرُوفِي ،
أحْبَبتُ فِيْ الله وَ كَرَهْتُ فِيْ اللهِ أيْضَاً ،
أحْبَبتُ مِنْ نَفْسِي وَ كَرَهْتُ مِنْ نَفْسِي أيْضَاً ،
وَ ................ أفَكّر :
مَاذَا بَعْدُ يَا نُورَة ؟