أنا .. لا أصلح لشيء ..
ربما غير مُباح أنا !
:
:
أكتبُ إليكِ !
بصوتِ مائي العالق بينَ حنجرتي وَ وجهك ، باصبعٍ حادي عشر ، بفقدٍ في ربيعهِ العشرين ،
بحزنٍ كالحقيقة ، بمعطفٍ على كتفٍ رمادي ، بتَواضع الربيع وكبرياء الشتاء ، بدخان
القطارات وضوضاء المطارات ، بدموع الأرامل ، وانطفاء الثكلى والفقراء على الأرصفة !
أكتبُ إليكِ !
وَ وجهك الفُستقي يَفتعل الفوضى في محبرتي ، يَنْحتني أشجار صحراء باردة ، هربت من
أغصانِها طيور الأحلام ، يذرفني بكلتا عينيه ملح الفراق ، يأتي بي عارياً فاضاجع البرد
والقيض ، وَامارس السادية مع ذاتي !
أكتبُ إليكِ !
وَ وجهي في قعر الضباب ، يفتش عن نفسه في عتمةٍ يقتاتها ، تفاصيله كائنات لم تخلق
بعد ، تسبح في المجهول منك ، وتقتفي أثر سرابك الراحل للفرح .. دوني !
أكتبُ ..وأصابعي تلفظ أنفاس الحدث الأخير ، وإني اسمع وشوشتها .. سأفرح بك :
[ عندما أشعل الألم السبعين ، مذ فقدك ، مذ صبري ، مذ انتظاري ] !
أكتب إليكِ وتنهيدة الليل البائس تجلد صوتها في صدري حينَ أتذكر
أن بعض العصافير لم تنم في عشنا :
أن توقظيني من بوتقة أحلامي معك ، لنحتفل أنا والصباح بك ؟
أن نحتسي القهوة وصوت فيروز يداعب شراشفنا ؟
أن أكتب بقلم أحمر الشفاه على مرآتك [ أحبك ] ثم
أهرب خِلسة على اطراف اصابعي للعمل ؟
أن أخرج مستعجلاً ، فتطبعين قبلة أخيرة عند الباب ؟
أن نبكي سوياً ، نضحك سوياً ، ونتشاجر كل مِنا على حِدا ؟
أن نتسوق ، فتشتري لي قميصاً وبنطال ، وثوباً وعمامة بلون
ذائقتك ، كما وعدتيني ، وأشتري لكِ أشياء سرّية بجنوني أو حمقي ،
كما عهدتيني ؟
أن أناديك بين دهاليز حديقتنا ، يا أرنبة غاباتي الزيتونية ؟
أن أتمرغ في وجهك الفُستقي ، فتنطق شفتيك ، رفقاً بي ؟
أن اعلّق تنّورتك البيضاء على خِصري ، فتدفعني لاءاتك غنجاً ؟
أن نشرع صدرينا لهواء النافذة ، ومعصمينا قيد النشوة ؟
أن نستدرج الليل إلينا ، فنتقاسم الماء تحت ضوء القمر ؟
أن أرمي نكتة تافهة جدا ، فتضحكين مجاملة ، وأصدقك جدا ؟
أن نركل سيارتنا جانباً ، نطلق الفرح لأقدامنا ، نشتري من بائع الفشار ،
ونضحك على صديقنا موظف الجمارك ، ونطير كالبالونات في أحياء المدينة ،
من قباء لقربان لـ العوالي ، ثم نأخذ زاوية كالحناء في كف اليد نستظل بها عن
حرارة المدينة !
أن .. أن .. أن لا أسرف في الأحلام كثيراً !