لم ارغب بالتعليق الا بعد قراءتي لكلا المقالين بجميع الردود والمداخلات
وحقيقة احترت في البدء بأي المتصفحين اكتب ما ارى لولا ني وجدت ان زميلي م.خالد قد رفع الموضوعين معاً
ملاحظة : زميلي خالد بحكم المهنة والمنتدى وليس بكوني شاعراً وهذا ما لا ادعيه بالمرة اذ اني اميل للكتابة
لذا وجدت ان الرد في موضوع الرد للعزيز محمد السالم هو اقرب للمنهجية العلمية باعتبار التقادم الزمني .
النقاش كان محتدماً حول كون الشعر رسالة من عدمه وفي الحقيقة ان ما نوقش هو الشعر المنظوم بمعنى الشعر الذي تم نظمه وانتهى او خرج من قريحة قائله
وليس الشعر بحد ذاته والذي يجب ان نفرقه عن الذي نطقت به السنتنا لحد الان , ولست اجد في لغتنا الجميلة كلمة تصف ما يعتمل في صدورنا مما لم ننطق به
لحد الان كلمة اجمل من شعر لانها تصف بالتحديد ذلك الكلام الذي ما زال حبيس صدورنا او ربما لن تنطقه اجيالنا الحاليه وحتى حين , عندما يولد بحتري جديد
او شوقي معاصر او سياب عمودي او ربما جبران غير مشاكس , وجميع من أيد كون الشعر رسالة انطلق من مقولة ان الناقد الناجح هو اديب فاشل رغم عدم
اشادة اي منهم بالمنحى النقدي الذي يراه فرلين , ولاننا نناقش الاراء لا الرجال بحكم كونها مسألة لا علاقة لها بحقائق مجرده كالدين والعلم والمجتمع وغيره
وانما تمس منطقة معينة من العقل البشري والتي كنا نسميها القلب سابقاً او الشعور والوجدان سمها ما شئت , ولكي لا نظلم الرجل , وفقاً لما نراه نحن حيث
اسقطنا قراءته المعاصرة نوعاً ما لموروثه هوعلى قراءتنا نحن لموروثنا الذي ننوء به والذي تختلف نظرتنا اليه عن نظرتنا لغيره وكذلك تختلف نظرتهم هم
لموروثهم عنا نحن , لذا اجد ان من الضروري التفريق اولا بين الشعرين المنطوق منه والافتراضي المجرد , واظن ان الاخ خالد كان يعني الشعر بمعناه
المجرد والكلي والمفترض وليس ما نطقنا به وهو نفس ما قصده فرلين بمعنى افتراض عدم جواز كون الشعر رسالة رغم اقراره بواقع استخدام الشعر لهذا
الغرض اصلاً في زمانه وهو الذي عاصر الجيل الثاني من ثورات ما بعد الباستيل ونابليون الثالث ويعلم يقينا ان خطباء فرنسا حركوا مشاعر الثوار ضد حكم
آل بوربون بالقصائد العريضة والحماسية وكلها تعتبر رسائل محددة ذات مضمون واضح ومباشر , فكيف يمكن لنا ان نتخيل مقولته بـ (لا رسالية الشعر)
قطعاً ان حيفاً عظيماً سنوقعه بشاعر رائع مثل فرلين اذا قرانا نصه مجتزءً , ولا اميل للرأي الذي يحاول النيل من عبقريته الشعرية ولا ارى سبباً لمقارنته
بـ لامارتين او ادغار الان بو , واعتبار دعوته لـِ لارسالية الشعر هي حكم نقدي ربما يضعف من رؤيتنا للامر , كما ان اعتبارها نقطة شروع في خط جديد
ربما يقلب الامر تماماً , ما رآه فرلين وهذا رأيي وقراءتي له ان الشعر لا ينبغي توجيهه سواءً كان رسالة او غير ذلك من الاغراض , ولابدأ بمثال واضح من
تاريخنا وهو الفية ابن مالك القواعدية , حيث لايجب اعتبارها شعرا بقدر ما هي ابيات من الكلام المقفى ذات هدف موجه وهو تعليم الطالب الحروف والكلام
واذا تم اعتبارها شعراً فان النقاش هنا يجب ان يتوقف لاننا سنختلف في تعريفنا أوالذي سيصبح تعريفاتنا للشعر والشعور والمشاعر وربما سنضم ما يعرف
بشعر الماكنة /الحاسوب او الشعر الممكنن للقائمة الشعرية , فاذا تجاوزنا هذه النقطة , وجدنا ان امتلاك الشعر غرضاً او رسالة تعليمية سيسقط عنه صفاته
الشاعرية , المثير في الامر ان فرلين/خالد الدوسري قد لفت انتباهنا لمسألة لا يمكن استحضارها في حينها وهي ان امتلاك الشعر لهدف آخر سياسي / ديني/
اجتماعي/علمي/تجاري ...الخ , سيسقط عنه الشاعرية تماماً كما لو كان ابياتاً لتسويق منتج صناعي وليس قصيدة نابعه من الوجدان .
الذي اراه هو ان فرلين كان سابقاً في طروحاته لرواد التفكيكية وباقي دراسات ما بعد البنيوية والذين اقصوا القارئ من حساباتهم للنص الشعري منه بالذات
والادبي عموماً , وهناك دراسة جميلة في هذا القسم من ابعاد عن نظرية موت المؤلف وخلود الاثر , لذا يجد اتباع هذا المذهب ومنهم فرلين رغم عدم قصديته
بذلك وعدم انتمائه فعليا للمنهج البنيوي اصلاً , ان لا علاقة بين النص والمتلقي الا من خلال التذوق ما يسميه البعض بالنظام المعزول اي ان النص هو نظام
او صيغة معزولة كما لو كانت كوكبا في اطراف الكون لايمر به اي شئ يمكنه التأثير عليه , حيث ان اي شعاع ضوء يمر به سيجعله فعلياً غير معزول لانه
سيدمجه مع باقي الكون , وبالتالي فان الشاعر عليه ان يعتزل في برجه العاجي لينتج ما نسميه شعراً صافياً100% , اما اذا نظر حوله وتلقى شيئا من هنا
او هناك فانه سيصبح مجرد مسوق لمنتج يشبه الشعر نظما من حيث الاسلوب يحتاجه الكون المحيط به , وبدل تقيده بقافية وزنية معينة , سيتقيد بمنهجية
مفروضة عليهمن خارج نظامه(سستمه) يحاول من خلالها استخدام صنعته التي سنبقى نسميها شاعرية .
وربما كانت شعارات من قبيل الفن للفن والشعر للشعر والادب للادب تجليات لهذا المنهج او الرؤية الجديدة والتي تريد اعادة الشعر للذات دون اكتراث بالمحيط
والتاثير , وهذا لا يعني عدم استخدام الشعر للاغراض المعروفه, كالتعليم والتسويق والغزل , وانما ربما كان ذلك مدعاةً لخصم نسبة من شاعرية اي منتَج
وحصر اطلاق لقب الشعر أو الشعر الوجدان على ما يتعلق بنتاجات كتبها اصحابها في ابراجهم العاجية الموجودة بين اضلاعهم ورؤوسهم .
شكر للاخ م.خالد على رفعه للموضوع وشكرا لصاحب الرد محمد السالم