نسافر في كل الدنيا نشرّق ونغرّب.. فرادى وجماعات, نقف في المطارات بالساعات وأحياناً بالأيام ننسى التدخين وندني علينا جلباب الالتزام والاحترام لكافة الأنظمة والقوانين نقرأها بإمعان واحترام ونحفظها بالتمام ونقوم بتطبيقها بالمقدار ونلزم بها من هم معنا مسافرين في أدب جم ورضى تام وابتسامة عريضة نرسمها بكل قوة واقتدار. نقف في طوابير طويلة بخط مستقيم، لا نتأفّف ولا نشتم ونلعن بل ندندن بأنغام العصافير واليمام، لا نتعدّى على أحد ولا نتصادم مع الآخرين، أعصابنا باردة ودمنا رائق. نتحمل تعبنا وجوعنا وعطشنا نقف في الطابور لاختيار ما نريد بكل أدب واحترام نحسن اختيار طعامنا وشرابنا وفق طقوسهم وعاداتهم ونطبّق آدابهم وتعليماتهم, لا نملأ الأطباق ولا نأكل بعيون فارغة مفجوعة فكل شيء بمقدار، ونترك المكان أنظف مما كان فكل شيء إلى مكانه يعود بالترتيب والموالاة, موقنين أن من أساء الأدب لم يأمن العقاب فالغرامة والسجن ونظرات الآخرين سياط تلهب ظهور المستهترين فلا كبير على النظام. أولادنا يصبحون مؤدّبين تردعهم النظرة وتكفيهم الإشارة والكبار يستخدمون كلمات لا يقولونها إلاّ هناك.. من فضلك ولو سمحت، لا شتيمة ولا ضرب ولا صراخ، تغشى الجميع الرحمة وتظلّلهم السكينة، لا أحد يقضي حاجته في الشارع ولا يقف بسيارته لينظّفها ويرمي بأوساخها جوار الرصيف، الكل يسمع ما يريد داخل سيارته ولا يفرض على الآخرين سماع ما لا يريدون، لا نقطع إشارة المرور ونقف لها مؤدّبين، نخاف أن نهينها فننهان فلا نتقدّم عنها فهي دائماً أمامنا ونحن خلفها منتظرون، لا نأتي من اليمين لنذهب إلى أقصى اليسار، نستخدم الإشارات في الاتجاه والوقت الصحيح، فللرصيف حرمته ولخط المشاة قدسيته وللميدان آدابه. نربط الحزام وننسى استخدام الأبواق والسرعة بمقدار والتجاوز بحساب.
يتبع