يقول الشاعر : حسن بن بطنين الصقور
هذه القصيدة تحاكي مشهدًا من فيلم أرجنتيني شاهدته قديمًا أثناء رحلة دولية. ولطالما كانت المطارات بيئةً خصبة لأنواع المشاعر وخلجات النفوس
.
بين المئات من الوجوه من البشرْ
برزت ، بوجهٍ لا يضارعهُ القمرْ
وكأنها تنوي وداعَ مطارِها
وكأنني للتوّ عدتُ من السفرْ
غجريةٌ ، تختال حسناً فاخراً
تركيّةُ الأوصافِ من بيضِ المجرْ
ممشوقةٌ وتسيرُ واثقةَ الخطى
وكأنها فرسٌ تناورُ في حذرْ
لا تكتفي مرآتُها بجمالها
وضياءُ شمس العالمين لها انحسرْ
نظرت بعينٍ والجَنانُ أسيرها
وتبادلت عيني مع العين النظرْ
وتفنّنت في مكرها نظراتها
حتى ظننتُ بأنّ وهميَ قد حضرْ
فحرفتُ عينيَ للجريدةِ خلسةً
والعينُ ترقبُ بالتفافتها الخبرْ
فلمحتها تومي إليّ بطرفها
ورموشها كحرابِ جيشٍ ما اندحرْ
فرميتُ قلبيَ و الحواسَ تجاهها
رميَ السّهام من القسيّ على الوبرْ
فعَدَتْ بعيداً كالغزال مجفّلاً
إذ حسّ من حوفِ الغضنفرِ بالخطرْ
لاحتْ بشعرٍ كستنائي الهوى
وكأنّهُ غزلُ الحريرِ إذا انتشرْ
وكأنهُا فرسٌ عدت وسبيبها
متموّجٌ فضفاضُ من فوق انحدرْ
فدعوتها علّي أجاذبُ عشقها
ولعلّها هبةُ المشيئةِ و القدرْ
فتبسمت ، ثمّ اختفت وبلا خطى
وعجزتُ عن وصلٍ ولم أقفُ الأثرْ
فطفقت أصفقُ باليدين تحسّراً
أيقنتُ أنّ الشمع بالنار انصهرْ
خفقَ الفؤادُ وغاض دمعي بعدها
والعينُ لم تبقِ الذخيرةَ أو تذرْ
هشمت فؤاداً قاسياً كزجاجةٍ
ولقد ظننتُ بأنّ قلبيَ من حجرْ
حتى غشى عيني ظلامٌ بعدها
فعرفتُ أنّ القلبَ للعينِ البصرْ
وأفقتُ من نومي بعينٍ دمعها
يبكي الفراقَ لطيفِ حلمٍ قد عبرْ
فدفعتُ فرشيَ و اعتزلتُ وسادتي
ما لي وما للغانياتِ من الغجرْ
.