مدخل ( ليس هنا إلا أنا )
باريس - الشانزيليزيه
جلست متأملا تلك الحجارة فوق الرصيف
التي سمعت يوماً انها اتت من بلادي
ولكنها وصلت هنا فأصبحت أجمل
امام عيني نافورة مائيه
أجلس على كرسي خشبي
وفوق طاولتي
منفضة سجائر
وسيجارة كوبيه
توحي لي بالبذخ
وفنجاني الابيض
تزينه خطوطه الذهبيه
خلعت معطفي
فالاجواء معتدلة ولا تحتاج لكل هذا الدفئ
على يميني أزيز كرسي يتحرك
ياربااااااه
سبحان من خلق فأبدع
جلست بجواري
ترتدي بنطالا سكري اللون
وسترة لا اعرف لونها
فأنا جاهل بالالوان
شعرها غجري سقطت منه خصلة على جبينها
وبسرعة يتوجه اليها وببدلة أنيقه
تدل على رقي المكان
جرسون المقهى
وبصوت لا اكاد اسمعه
تطلب قطعة تشيز كيك
وفنجان من القهوة الامريكيه
ينصرف الأنيق مع ابتسامه
وتنظر الي بإزدراء
يحق لها فأنا امامها
اكثر قبحاً من الجاحظ
عدت لطاولتي
وأخرجت قداحتي الذهبيه
لأشعل سيجارتي
واضيع بين دخانها
في الطابق 34
غرفه فسيحه ارضيتها من السجاد الفاخر
هناك في اقصاها سرير يستجديني للنوم
مرآه
بها رف صغير
زينته بعطري الذي اهواه
في الجهة الاخرى منها قطعتين من الكراسي الفاخره
تتوسطهما طاولة يوحي شكلها
بأنها مشغولة بيد رسام ماهر
وعلى الحائط صورة للمونيليزا
تجاوزت كل هذا
وذهبت للشرفه
أنظر للعالم من مكان مرتفع جدا
السماء زينتها غيمة سواداء
تقترب لتغطي أرجاء المدينه
هناك وفي الافق البعيد
تلتحم أرض خضراء
مع السماء
اشاهد البحر من هنا
وأشاهد رجالا ونساء
كلهم يمرحون
ويسبحون
وبعضهم مستلقي على الرمال الناعمه
انا لا أعرف منهم أحدا
ولكني أجزم بأن لكل منهم حكاية
حزينة حكايته أو سعيده
فلا أحد يخلو قلبه من الداء والدواء
ومن خلفي لحن يهذي
يتسلل بفضول الى اذني
( آخر مراسيله عطر وهديه مغلفه آخر مراسيله )
غطت الغيمة السماء
واكتملت في ذلك الفضاء
تلك الجموع على البحر بدأت في تجميع مستلزماتها
وأنا لابد لي أن أغلق هذه الشرفه
وأعود للوراء
فلي مع سريري حكاية أخرى لم تكتمل فصولها بعد
نيس - جنوب فرنسا
من على شاطئ المتوسط
ومن بين آلاف البشر
وإن كان أحدكم ينظر من الاعلى
سيرى شخصاً عليه سمرة الصحراء
نعم ذاك أنا
تستطيعون رؤيتي من بعيد
( فهل يخفى القمر؟ )
لحظه
اتوسل اليكم امنحوني لحظات
من هنا وقبل أعوام مديده
جرت الدماء في عروقي
أحسست بقلبي ينبض في جوفي
لأول مره
هنا ترددت كثيراً لأراها كل يوم
لم أحدثها
ولم تحدثني
كنت أنظر إليها فحسب
وهي كانت تنظر لي
وربما لم تكن تراني
ولكني كنت فتياً
يافعاً
أهتم بملبسي
وأناقتي
وامشي متبختراً
بساعتي
فهي تجذب الناظرين
كعادة كل الشباب العربي
يأخذون زينتهم في كل مكان
وأنا وبين رمال الشاطئ الناعمه
لازلت مهتماً بأناقتي
لا داعي أن أغوص في تفاصيل أناقتي
فأنا أنيق منذ طفولتي
اووووووه
ابتعدت كثيراً عن موضوع فاتنتي
المهم والاهم
انني أحببتها
وأحبتني
وتزوجتها
وسافرت معها الى جزر المالديف
وأنجبت لي ذكرين وأنثى
وقبح الله صوت بوق سيارة الاسعاف
لو لم يقطع حبل افكاري
لأصبحت جداً لأحفادي
وأنا مازلت في عمر العشرين عاماً
مودتي لكم جميعا