النّاسك : " رياض السنباطي ".

[خالد صالح الحربي]

:
[ رياض السنباطي ]
حيثُ الريشة " طائر " واللحن " سماء " - والسلم الموسيقي
"سُلّم وفاء " ؛ والأغنية التي " يقف خلفها " .. تضمن الأمام !
الأمام طوييييلًا ؛ كانوا يُلحّنون وكان وحده " يتنسّك "، لذلك حتى الجُملة
الموسيقية معه " جملة مفيدة "! / فالعمل الفنّي بين يديه : " هندسةٌ روحانية ".
إنّه رياض يا سادة .. من حقّه
علي وبعد كل هذه السنوات من العشق أن أفتح له " متصفّحًا "
لأتكلم
وأتلعثم
وأكتب
وأشطب
وأغنّي بلا حدود ..
.. هذا المتصفّح لرياض فقط
أي موسيقي آخر .. عليه أن يذهب ولو مؤقتًا إلى " الجحيم "!
🌹

 

[خالد صالح الحربي]

:
فضفضة:

تقريبًا استمعت إلى كل أعمال السنباطي ؛ ما اكتمل منها
وما لم يكتمل بصوته أو بأصوات الآخرين ، رفقتي معه طويلة ..
وهو رفيقٌ لا يخذُل إذ لم يحدث أن قدّم عملًا ووجدته أقل من
المتوقّع أو المأمول ، قرأت سيرته الذاتية وما كتبه المئات من النقّاد
الموسيقيين عنه، لدي صورة بورتريه له وصلتني كـ " إهداء " من شخصٍ
عزيز ؛ إن تحدثت عنه أتحدث عنه كما أتحدث عن أقرب قصائدي إلي.
الذين يتذوقونه ولا يعرفونه إلا عن طريق أم كلثوم .. معرفتهم
به قاصرة ؛ إذ أنّ هناك الكثير من أعماله العظيمة لغيرها .. ولكنها
ربما لم تنتشر كأعماله مع " الست " ، لريشته عندي قداسة .. تُفسد
علي لذّة الاستمتاع بريشة أي عازفٍ آخر ، ريشةٌ أستطيع أن أميّزها
من أول نقرة وتر! .. قبل عام استمعت للقاء مع " نصير شمّة "
كَبُر بعيني عندما تحدّث عن عُزّاف العود خلال المئة عام .. وعندما
ذكر السنباطي أسهب وأطال الحديث .. واعترف بـ أستذته وريادته.
ومن الطرائف الموثقة في سيرته أنّه تقدّم في ريعان شبابه بطلبٍ لمعهد
الموسيقى العربية ليدرُس فيه فاختبرته لجنة من جهابذة الموسيقى العربية
فى ذلك الوقت، إلا أن أعضاءها أصيبوا بنوع من الذهول، حيث كانت قدراته
أكبر من أن يكون طالباً لذا فقد أصدروا قرارهم بتعيينه فى المعهد أستاذا
لآلة العود والأداء!

 

[خالد صالح الحربي]

:
قصة أغنية " سلوا كؤوس الطلا ".

يرويها السنباطي :
" كانت أم كلثوم في قصر أحد الباشاوات تحيي ليلةً ساهرة
لأصدقاء هذا الباشا ، وفي تلك السهرة التي ضمّت فيما ضمّت
الشاعر الكبير أحمد شوقي .. تقدّم منها أحد الباشاوات وقدّم
لها كأسًا من الويسكي .. وبما أن أم كلثوم لا تقارع الخمرة ،
فقد وضعت الكأس على فمها ولم تمسّها بشفتيها ..
في اليوم التالي تلقّت أم كلثوم من أمير الشعراء رسالة تتضمن
القصيدة .. فاحتفظت بها بعض الوقت ، وعندما نعى الناعي
أحمد شوقي .. تأثرت ، ولا أدري ما الذي جعلها تتصل بي في
ذلك اليوم الحزين ، لتطلب إلي الحضور فورًا ، وما كدت أصل لبيتها
وكانت تقيم يومذاك في شقة في عمارة " بهلر " بالزمالك حتى قدّمت
لي رسالة شوقي وقالت : إقرأها!
فقرأتها وكانت لا تضم سوى قصيدة شوقي " سلوا كؤوس الطلا "
التي تروي الحادثة إياها :

سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها
... واستخبروا الراح هل مسّت ثناياها

بانت على الروض تسقيني بصافيةٍ
... لا للسلاف ولا للورد .. ريّاها .

ما ضرّ لو جعلت كأسي حراشفها
... ولو سقتني بصافٍ من حُميّاها.

هيفاء كالبان يلتفّ النسيم بها
... ويلفت الطير تحت الوشي عطفاها

حديثها السحر إلا أنّه نغمٌ
.... جرت على فمِ " داؤودٍ " فغنّاها .

حمامة الأيك من بالشجو طارحها
... ومن وراء الدجى بالشوق ناجاها

ألقت إلى الليل جيدًا نافرًا ورمت
... إليه أُذنًا وصارت فيه عيناها .

وعادها الشوق للأحباب فانبعثت
... تبكي وتهتف أحيانًا بشكواها .

ياجارة الأيك أيام الهوى ذهبت
... كالحلم آهًا .. لأيام الهوى آها.

قلت لها : قصيدةٌ رائعة ، فروت لي الحادثة والدموع تترقرق
في عينيها ، لأعيش الشعر الذي نظمه شوقي فيها .. ثم طلبت
مني تلحينها ؛ استغرق تلحين هذه القصيدة زمنًا طويلاً ، فقد
استلمتها في العام 1932 ولم أنتهي من تلحينها إلا بعد
سنوات" .

 

[خالد صالح الحربي]

الكبير كبير - وقصة لحن " نغم ساحر ".
___________________________
يحكي صميم الشريف فيقول :
روى لي الفنان الكبير " وديع الصافي " خلال اجتماعي به في فندق
الأردن الدولي عام 1976 .. وهو الاجتماع الوحيد فيما بيننا قصة نغم
ساحر بالتفصيل فقال :
كلفت السنباطي بتلحين قصيدة " نغم ساحر " لجورج جرداق ،
وعندما علمت أنه أنهى تلحينها ، توجهت إلى القاهرة وحللت في
فندق هيليتون وأنت تعرف نفقات هذا الفندق الكبيرة - وجاءني
السنباطي وأسمعني اللحن واتفقنا على إجراء التمارين اللازمة ،
تحت إشرافه ، حتى إذا انتهى كل شيء بعد أسبوع على إقامتي في
الفندق ، وطالبته بالتسجيل الفوري بعد أن تم كل شيء وحفظت الفرقة
اللحن ، رفض قائلًا :
التسجيل بعد ستة شهور ..
ولما ألححت عليه وطالبته بالسبب قال :
التسجيل حاليًا يعني ضياع اللحن ، فالفرقة ستعزفه دون الإحساس
به ، لأنها حفظت ما حفظت آليًّا ، إنما بعد ستة شهور ، لن تجد هذه
الآلية في الفرقة ، وستعزفه بالروح التي أريد ، والتي يجب أن يكون
عليه من خلال صوتك الرائع القوي .. تكون هي نفسها قد تشبعت
باللحن ، كما تكون أنت بالذات قد تعايشت معه تمامًا في تلك المدة ..
ولمّا بينت له أنني لا أستطيع البقاء ستة شهور في فندق " هيلتون "
انتظارًا لذلك ، أصر على رأيه ورفضت أنا ، وعدت إلى بيروت ، بعد أن
تركت اللحن ينتظر لوحده عند السنباطي.

 

[خالد صالح الحربي]

فاصل غنائي :
ميزة السنباطي أنّهُ يفصّل لكل فنّان لحنًا خاصًّا به وعلى مقاسه.
لدرجة أنك لا تدري كمستمع هل صوت الفنان ارتدى اللحن أم اللحن
ارتدى صوت ذلك الفنان ؛ كمثال أغنية " أشواق " وهي من كلمات
مصطفى عبدالرحمن وغنّتها " ميادة الحناوي ".
أترككم معها. 🌹
https://youtu.be/GLNUyZSFlkc

 

[خالد صالح الحربي]

:
قبل أيّام أرسل لي أحد الأصدقاء المتذوقين أغنيةً مصرية بـ الأبيض والأسود
لأحد الفنانات المغمورات .. وقال لي شيءٌ غريبٌ في هذا اللحن .. ألا تشعر بأنّه
" سنباطي " .. سمعت الأغنية مرّة ومرتين وفي كل مرة أتأكد أنّ اللحن لرياض لا
يمكن أن يخلقه ويُهندسه إلا رياض السنباطي .. الغريب في الموضوع أنّ اسم الملحن
أسفل تلك الأغنية .. ليس رياض وإنما اسمٌ آخر .. تساءلت هل لرياض نسخةٌ أخرى
أو موسيقارٌ بلغ من التأثر وتتبّع الخُطى .. إلى درجة أن يكون نسخةٌ أُخرى منه ؟!
وحتى لو سلّمنا بهذا الاحتمال ؛ سيولد هذا السؤال : من يستطيع أصلًا ؟!
البارحة فقط توصلت إلى أن الملحن مكتوب اسمهُ تحت تلك الأغنية بالخطأ ..
وأن صاحب اللحن السنباطي هو " رياض " ما غيره ..
_ الحمد لله الذي لم يخذل لي أذنًا حتى الآن .. ☺
🌹

 

[خالد صالح الحربي]

:
صورة نادرة للنّاسك.. وهو يرقّص " الستّ "!
🌹

 

[خالد صالح الحربي]

:
س / كيف وُلِدت أغنية " الأطلال " - بهامتها وفخامتها ؟!

ج / " إبراهيم ناجي» احب بنت الجيران وهو ابن 16 سنة، سافر ليدرس الطب وعند رجوعه تزوجت، لكنه لم يستطيع ان ينسى حبه لها، بعد 15 سنة وبعد منتصف الليل التقى رجل أربعيني يستغيث به لينقذ زوجته التي كانت في حالة ولادة عسيرة، في بيت الرجل كانت الزوجة مُغطاة الوجه وكانت في حالة خطرة جدًا وهو يحاول ان ينقذها، فجأة بدأت انفاسها تقل وتغيب عن الوعي عندها «ناجي» طلب منهم يكشفوا وجهها حتى تتنفس وكانت الصدمة...هي حُب عمره التي لم ينساها يوماً.
- «إبراهيم ناجي» رغم انه امضى سنين طويلة بعد هذا الحب إلا أنه كان مرهف المشاعر فأجهش بالبكاء وهو ينتظر العملية، وسط ذهول المتواجدين ولا احد يفهم مايحدث ،،، بعد قليل رزقت بمولودها وبقت بخير ومشى «ناجي» من عند الرجل ورجع لبيته قبل مطلع الفجر وعلى باب بيته جلس وكتب «الأطلال».

- «إبراهيم ناجي» يقول انه في القصيدة بدّل بعض الأبيات لحاجة في نفسه منها مثلًا انه كتب «(يا فؤادي لا تسل أين الهوى) وفي الأصل (يا فؤادي رحم الله الهوى». وبعد كتب «يا حبيبي كل شيئٍ بقضاء .. ما بأيدينا خلقنا تعساء ربما تجمعنا أقدارنا .. ذات يوم بعد ما عز اللقاء .

وعام 1944 م يُلقي إبراهيم ناجي القصيدة في احدى الأمسيات .. ويُقدّر الله أن يكون أحد الحضور هو " رياض السنباطي "
الذي طلب منه هذه القصيدة .. قائلاً " الأصيدة دي بتاعتي " .. فيأخذها رياض ويشتغل عليها ولا تخرج للنور .. إلا عام
1965م .. بعد وفاة شاعرها بـ ثلاثة عشر عام !

..

🌹