هل تُريد أن تُقتل ..؟

[خالد شجاع]

Dear Reader,
May I ask you favor?
Could I borrow your mind?

.....
يحكى عن الاساطير اليابانية في عهد الامبراطور الاصلاحي "ميجي" ....وبالمناسبة ، أُطلق هذا الاسم على الحكومة "ميجي" والذي يعني " الحكومة المستنيرة " ، وكذلك عُرِف الإمبراطور بهذا الإسم ، فاسمه الحقيقي (موتسوهيتو) ، أقول يحكى عنه أيام بداية الانفتاح الياباني على العالم الخارجي من جديد ، بعد تلك الوحدة الحزينة و العزلة الطويلة التي امتدت لقرون ، وهي الفترة الأولى من تاريخ اليابان المعاصر .
يحكى أنه أرسل وفداً من شباب اليابان للغرب ليتعلموا وينهلوا من معين العلم هناك فيتقنوا ما تعلّموه ، ثم يعودوا لينهضوا ببلادهم ويتقدّموا بشعبهم شعوب العالم ، ...ماذا حدث ..؟
خرج الشباب محمّلين بالحقائب قد جهّزوا ما يلزم لشتاء العام القادم ولصيف ما بعد العام القادم ، ولكلٍّ منهم وجهةٌ هو قاصدها ، وبكلِّ عقلٍ توجُّه قد أقرّه كل منهم على ما أراد ، غير أنّي أعتقد وإن لم أكن حاضراً بعثتهم أنّ هناك البعض لا يدري ما أهمية ما يُفعل من أجله تجده يقول ، هي بجميع حالاتها فائدة وإن لم أصل إلى النجاح وكأنّه يبيّت النيّة لفشل أو كأنّه قصد السياحة .
خرج الشباب ...كلٌ صعد سلّم طائرةً مختلف ، ذاهباً إلى بلادٍ مختلفةٍ ، بأوقاتٍ مختلفة ، وصل الشبابُ مقرّاتِ ابتعاثهم ، بدأ الجد ، ليس هناك وقتٌ لمشاهدة المناطق السياحية وتفقّد الأسواق ومعرفة السلع الجديدة ، الدراسة هي الشيء الوحيد الذي جاء به من وطنه إلى هذا البلد الغريب عنه .
هنا ..! بدأ الشباب يقلّبون أنظارهم ذات اليمين وذات الشمال ، منذ الصباح الباكر وهو في قاعات الدراسة ، يسيرُ بين الثلوجِ و الأمطارِ وحيداً ، يمزّق وجوه المارّة بنظراتِ الإستنكار ، يعود إلى البيت ليس أمامه إلاّ الكتب أين الأصدقاء أين ساعات الخروج أين اللهو ، يجب عليه أن يعتاد المواصلات العامة ما هذا لابد أن يلتزم في أوقات محددة لتلك المواصلات ، أين سيارتي الخاصة متى أريد الخروج فهي تحت الطلب ، يأتي الربيع تزدان الأرض بخضرتها أريد الخروج والتنزّه لا أريد الالتزام بجدول نشاطات الجامعة و أوقات النزهة لديهم ، أريد الخروج متى أردت ... حسناً ..! ماذا حدث ..؟
بدلاً من تحقيق أحلام هذا الأمبراطور المتفائل "ميجي" أو (موتسوهيتو) ، وعوضاً عن إسعاد هذا الإمبراطور الصادق صاحب الهدف العظيم ، إنشغل شباب البعثة اليابانيّة بالتفاهات اليومية ، إنغمسوا بالملذّات الغربية الحرة ، فبالتالي أصبحت الدراسة موضوع ثانوي رويداً رويداً حتى اختفى نور ضوء العلم في آخر بؤرةٍ منه فابتعدوا تماماً عن دراستهم ، وعند إنتهاء الفترة المحددة للدراسة رجعوا هؤلاء المبتعثين إلى اليابان ، لم يكن في جعبتهم سوى انواع التفاهات الفارغة ومعرفة الملذات ...أين العلم أين التقدّم ..؟ ، وكأنّ لسان حال أحدهم يقول لجواب هذا السؤال .. هاه هاه لا أدري .
أقيم حفل لتكريمهم وفي أثناء الحفل أمر الإمبراطور "ميجي" بقتل كافة أفراد الوفد أمام الجميع لخيانتهم اليابان والشعب الياباني .
الجدير ذكره : يقال أن من عوامل النجاح الياباني كان سببها ما فعله الامبراطور ميجي ..!
حسناً أكثر من أربعين ألف طالب وطالبة سعوديين خارج أرض الوطن في بلدان مختلفة ، قد وُفِّرَتْ لهم جميع سبل الراحة فقط لكي لا تكون اليوميات همّهم ، و ليكن نُصب أعينهم فقط قرص الشمس والوصول إلى جواب السؤال القائل هل الشمس حقاً من لهب ؟ ، ولنعلم أننا لسنا مطالبين من اليوم الثاني بعد عودة المبتعثين أن نصبح اليابان ، ولكن هي العتبة الأولى إن أضعناها نحتاج البحث عن عتباتٍ أخرى ولا نعلم ما يخفي لنا الزمن ، فالمستقبل بين أيديهم ، والجميع يُشيرون إليهم بالأنامل وكأنهم يقولون ننتظر ما ستفعلون ، مسألة الإبتعاث ليست كما يراها الذين يعتقدون أنّهم ذووا بصيرةٍ نافذةٍ ويحللون ما خلف السطور حتى أنهم قليلاً ويخترقون الصفحات من شدّة البصيرة أقول وللأسف لهؤلاء كما يقول المثل باللهجة الدارجة ( اللي بالمدرّج يتفرّج ) .
ثم إنّي أقول لزملائي نحن حقاً بذور نُثرت في هذه الأرض فعلينا جميعاً أن نصحو كل صباح كي نسقي جذورها ، وأن نرعاها ونحفظها في كل مساء ، أنت أيها الفرد المغترب الخارج من بلدك مخلِّفاً وراء ظهرك تلك الشجرة الظليلة التي أحاطتك بذراعيها حتى أن أصبحت تفوقها طولاً ، أمّك التي قالت حين وداعك إلى آخرِ لحظةٍ عند عتبةِ بابِ المنزل أنت أملي أرى من خلالك الشمس ، هل تريد أن تأتيها بلا ضوءٍ وتقول هاكِ هي الشمس ..؟ ، أنتِ أيتها التي خرجتي مخلَّفةً دفء ذلك الفراش الآمن بين أهلكِ بين صديقاتكِ بين أوراقكِ وأشياءك التي اعتدتيها ، هل تذكرين آخر دمعةٍ نزلت من عيني أمّكِ حين قالت مخفيةً تلك الدمعة أرى نفسي هنا مشيرةً إليكِ ، هل تريدين العودة خالية اليدين وتقولين هذه أنتِ ..؟
بلا شك نحن نحمل المسؤولية الكبرى فنحن من اختار ذلك ، وعليه لا بد أن نقرر النهوض بوطننا ، هو يستحق فهو من أعطانا مفتاح الوصول ، وقدّمنا حتى نقف على عتبةِ الباب علينا نحن فقط فتح ذلك الباب ، ثم القول إلى وطننا تفضّل أيها الوطن العظيم للدخول وصعود سلّم العُلا .
وعلى مجتمعي الحبيب في أرضي العزيزة أن يواكبوا ذلك الأمر سيقال وكيف تكون المواكبة ، أقول أن يرتّبوا أنفسهم ويشعروا أنّهم هم القادمون ، فلنترك التوجهات التي نعتقد أنها واقعية عندما يقول أحدنا نحن لا نستطيع فعل كذا أو كذا ، نحن مكبّلين المسألة أكبر من الطموح ، أقول وبجديّةٍ تامةٍ أرجوك أيها العزيز أن تترك واقعيّتك هذه وأن تنطلق إلى الخيال وهو العمل بجد ودقّة وتحديد وتربط عقلك بما يريده وطنك فقط لسبب بسيط جداً أنّ وطننا يستحق والله يستحق .
خالد ...
شتائي السابع والعشرون 2008
فقط ليذكّرني بي

In Canada with my "Target"
For all:
Have a great life