الكتابة بلغة الاشياء

[أحمد الملاح]

اعشقك كعلبة سردين
لا ليس العلبة باعتبارها علبة قصدير
وليس العلبة بما تحتويه
لا افهم كيف اوضحها لك
وانما بامكاني القول اني
اعشقك كعلبة سردين او كسردينة معلبة
اصبحت المعادلة الان اصعب
اعلم انك تطالبينني بان اعشقك كبوكيه ورد
او كلفافة تبغ
ماذا اصنع فانا لا اتناول هذه الاصناف
طبعا انا اعشق الورد ولا احب التبغ
لكني اجد للورد مكانا اخر غير البوكيهات
ليس بامكاننا ان ناسر جمال الورد في شكل معلبات
او ان نقيد لغة الوردة بلغة حبنا لامتلاك الاشياء
لا تنسل الوردة في بوكيه
ذلك ما قاله احدهم قبل اختراع لغة الازهار
احاول ان اعشقك احيانا كسيجارة او حجر بانجو
لا افهم لم يسمونه حجرا
فهو عبارة عن تبغ وفحم
ربما لانه يستعبدنا او يتملكنا
وربما لاننا نخضع له كاحجار اسلافنا
ما الفرق بين استنشاق دخان الحجر وبين السجود للحجر
فكلاهما خضوع واستسلام ورجاء
سامنحك صكا على بياض
ساوقعه بحبات المطر التي تساقطت علينا ونحن في شرفة برجنا
سيكون مقداره كل القبلات التي رصدتها في مصارف عشقنا
لن يتاثر هذا بتقلبات البورصة
فما اختزنه في ارصدتي ينمو بارباح مقدارها الاف القبلات
لكل مواسم العشق الغجرية
لا تنظري الي هكذا فانا في اعلى حالاتي المزاجية
عندما انظر اليك اكتفي بالابتسام
احاول مقاومة رغبتي العارمةبالضحك او القهقهة
رغم استسلامي لهما احيانا
الا انني احاول ان اكسب كل اجزاء الثواني لانظر اليك
محدقا في العلاقة بين شفتيك وتضاريس الكلمة
اتسائل دائما عن العلاقه العضوية
بين ارتعاشة الكلمة وارتعاشه الشفاه
احتاج الى كلاهما
هل يمكنني ان ارتشف كلا المركبتين
في آن واحد
ان انظر الى عينيك واتغزل بهما معا
ان ارتشف شفتيك واتاملهما
ربما كان ذلك اشبه بمحاولة تفحص سيارة
مسرعه او سريعه
تخوننا المفردات فاست او سبيد
حتى الطعام اصبح سريعا او مسرعا
كمحاولتي دائما اغتصاب الوقت
لاسرق قبله سريعه او مسرعه من عينيك
تخونني المفردات ثانية
لماذا التقاء الشفاه محرم ويسمى قبله
بينما التقاء العيون جائز على الاغلب ولا يسمى الا نظرة
يمكنني ان اقنع رجال الدين بتجويز القبله
بالاستعانه بعلماء وظائف الاعضاء
لكن ستكون قبلة واحدة لك والاخرى عليك
وهذا سيكون اكثر من كاف
فكل ثوان الكون لن تكفي لاستهلاك زمن القنبله
اقصد القبله لحظة انفجارها
ما ابشع حرف النون هنا وما ارقه هناك
فهو يحول الغم الى نغم
والهر الى نهر والقط الى نقطة
الا انه يابى الا مضاجعة القبله
وتحويلها الى قنبلة
ربما ليحطم جمال الصمت
القابع خلف انزواء الاحرف
حيث في البدء كان الحرف
لم يكن ثمة من كلمة
حتى تلك الكلمات الاولى كانت مجرد احرف حاولنا اطالتها
باستخدام الهواء المستلقي في الرئتين
ما استلزم ان نلبسه ثوب الحرف ونسميه حروف العلة
ساحاول ان اعشقك بلغة السلمون
نعم فليس السردين وحده من بامكانه ان يعشق
اسماك السلمون تولد في المنفى
لكنها تعود الى منابع انهار اسلافها
دون ان تعلم الطريق الى ذلك اصلا
انها تناضل لتعود الى مكان لم تره قبلا
لكنها قطعا تعشقه بجنون
لا داعي ان ترى شيئا لكي تعشقه
اسال بعض علماء الدين وجميع العشاق
او لنقل لاداعي لان تستخدم عيناك لترى
واسال ايضا بعض المتصوفين وجماهير العشاق
او اسالني انا
فانا اكره كل صباحات العشق
لانها تعني نهاية ليل الغزل القصير
رغم اني اعشق الفجر واكره ليالي الحرمان
لا ادري اي حرفة احاول ان اتعلمها
لكنها قطعا ليست خياطة اثواب المعاني
باستخدام خرق الكلمات وتراقيع الاحرف
اتسائل مع نفسي كما افعل غالبا
هل يمكن تجسيم الحرف
لا اقصد جعله مجسما كما يفعل بعض رجال الدين
مع الالهة المستسلمة لافكارهم
وانما اعني جعل الاحرف ذات زوايا للرؤية
كأن ننظر للهمزة فنراها مكعبة او كرويه
ثم نعيد تسطيحها فنراها مربعة او دائرية
او نجعلها ببعد واحد وندع النقاط تساقط عليها جليا جليا
لن كيف يمكن لنا تخيلها ببعد واحد او بثلاثة ابعاد
ان كنا نحن اصلا باربع ابعاد دوما
ربما علينا الاستعانه بالنقطة لنعيد تشكيل الاحرف
فذلك سيساعدنا في معرفة اصل الاحرف
وهل هي مجموعة متركزة من النقاط
ام ان النقطة هي ضل للاحرف لا اكثر
لكن هذا سيعيد المشكلة ذاتها الينا
فلماذا توقفوا عن تقديم وجبة السردين في مطاعم البكاديللي
او السماح بغناء الكانتري في الطرف الاغر
كل هذا سيبعدنا عن السؤال الازلي
كيف يمكن لسمك السلمون معرفة طريق سلكه اسلافه
هل هي ذاكرة الماء
ان كان كذلك لماذا ليس للدموع ذاكرة
فهي تنزل في لحظات احوج ما نكون فيها للفرح
تتساقط احيانا بغزارة لحظات الفرح الغامر
واحيانا عندما نكون بلا مشاعر
واحيانا اكثر عندما نحاول اجترار الخلجات
عدت اتلاعب بالمعنى ثانيه
من قال بان الدموع ماء لتكون لها ذاكرة
ربما كانت كل المياه دموع
هل من الممكن ان اسلافنا قد بكوا كل هذه المحيطات
لا غرابه ان نسلك نحن طريقهم
ربما استعانة بلغة السلمون
حيث ليس بامكانهم ان يصفوا لنا الاعداد
فنحن تعلمنا لغة الاعداد من اصابعنا
وليس للسلمون اصابع
فهو لا يمتلك الا الحراشف والزعانف
مثلنا تماما فنحن لا نمتلك الا بقايا الاحرف
لنصورها على شكل كلمات
تماما كما تفعل العصلفير عندما تجمع القش
لتشكله على شكل عش
انها لا تدري بانها تتلاعب معنا بالاحرف ايضا
فبامكان حرف واحد ان يعيد جميع المسافرين
ويبعدهم الى الابد عن محطات القطارات
وان يحول كل مطارات الارض الى ملاعب لممارسة الجولف
او لتنزه كلاب الصيد البرية والقطط الوحشية
ربما حينها بامكاني ان ارسم لوحة اخرى
لاعشاب البحر