مجالس المُتنبي (8) - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
لعنة المزمار .. !! (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : جهاد غريب - مشاركات : 19 - )           »          الهاوية التي تصعد بنا! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )           »          حوار على حافة الضوء... بين ظلّين يعرفان بعضهما! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 4 - )           »          حين تلمس السماء القلب! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 2 - )           »          حرف عقيم (الكاتـب : ضوء خافت - مشاركات : 18 - )           »          و شَعْرِي جَنّ ... (الكاتـب : ضوء خافت - مشاركات : 11 - )           »          اقرأ الصورة بمِدادٍ من حبر (الكاتـب : نواف العطا - آخر مشاركة : ضوء خافت - مشاركات : 2920 - )           »          الانجذاب الأخير "هجين من القصة والشعر والخاطرة" (الكاتـب : إبراهيم امين مؤمن - مشاركات : 3 - )           »          مِن ميّ إلى جُبران ... (الكاتـب : نازك - مشاركات : 897 - )           »          خواطر قصيرة جدا .ابتديني بمسك الختام (كلمة) .. (الكاتـب : نادية المرزوقي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 469 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-26-2009, 09:25 PM   #1
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

الصورة الرمزية عبد الله العُتَيِّق

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

عبد الله العُتَيِّق غير متواجد حاليا

افتراضي مجالس المُتنبي (8)


المجلس الثامن
29/2/1430 ، 24/2/2009
قال أبو الطيِّبِ المتنبي :
[poem="font="traditional arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]وَمِن نَكَدِ الدُنيا عَلى الحُرِّ أَن يَرى=عَدُوّاً لَهُ ما مِن صَداقَتِهِ بُدُّ[/poem]

وحيُ البيتِ :
الإنسانُ مدنيٌّ بِطبعِهِ ، مجبولٌ على المخالطةِ ، مُقبلٌ على المُعاشَرة ، لتوقُّفِ الاكتمالِ النفعي البشري على ذلك ، و لإتمامِ التعامُلِ بين الناسِ على التواصُلِ ، و في غياب المُخالطاتِ و المعاشراتِ تغيبُ حقائق الصداقات .
الصداقةُ منزلةٌ أعْمقُ من غيرِها ، لابتنائها على الصِّدْقِ ، و قيامها على التصديقِ ، و الصديقُ الحقُّ مَنْ صَدَقَ لا مَنْ صدَّقَ .
تجمع الدنيا الناسَ في صداقاتٍ كثيرةٍ ، منها هو مستحقٌّ لوصف الصداقة ، و منها ما ليس إلا صورةً تزولُ و تغيبُ ، و حيثُ كانت الدنيا مَجْمَعاً لكلِّ شيءٍ هبَّ و دبَّ فالصداقاتُ من تلك الأشياء التي تجمعها الدنيا للناسِ ، فما كان صادقاً حقيقةً بقيَ ، و ما كان زيفاً زالَ و ذهبَ أدراج الرياحِ الغابرةِ .
الصداقةُ بناؤها ، كما هو من اشتقاقها ، من الصدقِ ، و عليه ، و فيه ، و بِهِ ، و إليه ، فلا تَحيدُ عن الصِّدْقِ قَيْدَ أنملةٍ ، و متى كان الكذِبُ في الصداقةِ موجوداً ، متعمَّدَاً ، فقد غابتْ حقائقها ، و بانتْ وثائقها .
فكونها مِن الصِّدْقِ ، فإنَّ أساسها الصدْقُ الجامعُ بين الطرفينِ ، فلا تتكوَّنُ صداقَةٌ بينهما إلا حينَ يبزغُ نجمُ الصدقِ فيهما ، ففي تلك اللحظةِ تتكوَّنُ بُنياناً ثابتاً ، منبثِقاً من تلك اللؤلؤةِ اللامعةِ : الصِّدْقِ .
و كونها علَيْه ، فإنَّ الصداقةَ لا تتمُّ بين اثنينِ إلا على قاعدةٍ صادقةٍ بينهما ، يَبوحُ كلُّ أحدٍ للآخرِ بما في نفسِهِ تجاهه ، و يُحدِّثُ كلٌّ عن نفسِهِ بما فيه ، فلا ادِّعاءَ ، و لا زيفاً ، فلا تسيرُ الصداقةُ إلا على جَناح الصِّدْقِ ، و كلُّ صداقةٍ ابتدأتْ بالكذبِ ، و دامتْ عليه ، فإنها ستزولُ ، و سَتُحِيقُ عبارات اللومِ و الوجَعِ بكلٍّ من الطرفين .
و كونها فيه ، فذلك لأنَّ الصداقَةَ تُوَثَّقُ عُرَاها ببواعثِ الصِّدْقِ ، و بواحثِ الصِّدْقِ ، فلا تَخْرُج العلاقاتُ ، الصَّداقيَّة ، عن الصِّدْقِ في كلِّ شيءٍ ، فبحْرُ الصِّدْقِ يُغْرِقُ الصديقَيْنِ حتى لَيَظُنَّانِ أنَّهما لَن يجرءا يَوماً على النزوحِ إلى محلٍّ فيه غيرُ الصدقِ الجامعِ بينهما ، و لهذا كان أدنى خاطِرِ كذِبٍ في قلبِ أحدِ الصَّدِيْقَيْنِ يتسبَّبُ في فَصْلِ وَصْلِ الصداقةِ ، أو يُزلزِلُها .
و كونها بِهِ ، فتلكَ صَداقةٌ يحوطها صدقٌ في كلِّ شيءٍ بِدْءاً من الكشفِ عن الذاتِ و الصفاتِ ، إلى الوقوفِ على عتَبات النهايات ، فالصِّدْقُ لَصِيْقٌ بها لا ينْفَكُّ عنها ، فما قيلَ عنها : صداقة ، إلا للصدقِ ، و خلافُ الصدقِ في العلاقاتِ زيفٌ يزولُ ، أو طَيْفُ يَحول ، و الصداقةُ جوهرٌ نفيسٌ غالٍ كالصدْقِ .
و كونها إليهِ ، فلأنَّ الصِدْقَ لازمَ أحوال الصدِيْقَيْنِ مِن البَدْءِ ، فإنَّ أمرَها لا يَزالُ مُتقلِّبَاً في الصِّدْقِ ، كُلَّما خرجَ عن الصِّدْقِ في شيءٍ من أحوالهما أعادهما إليه مرةً أخرى ، فلا يتركهما الصِدْقُ مُطلَقَاً ، فهو جوهرٌ يَفِيْ بجوهريَّتِهِ ، و تلك الصداقَةُ الحقيقيةُ ، تَعودُ بالصَّديقَيْنِ إلى لزومِ الصدقِ بينهما ، و لا يَجعلان للكذبِ مدخلاً إليهما ، و في أمثالِ الألمانِ : " الصداقة الحقيقيةُ لا تتجمَّد في الشتاء " ، لأنَّ حرارةَ الصدقِ تُذِيْبُ كلَّ شيءٍ يُجمِّدُ مشاعرَ الأصدقاء .
الصديقُ الوَفِيُّ نادرٌ نُدرةً تُحيلُ عن الأملِ في وجودِهِ ، و إنْ وُجِدَ ففي شيءٍ من الوقتِ لا في كلِّهِ ، فكم تأسَّفَ كثيرون على عدمِ وجودِ صديقٍ ، و كم ندِمَ آخرون على فَواتِ صديقٍ ، إما لقدرٍ أخذَه ، و إما لضررٍ لَحِقَه ، و ذا نكدٌ من الدنيا على الحُرِّ .
و الحُرُّ يَكْسَبُ رُوْحَ الصديقِ قَبْلَ أن يكسبَ جِسْمَه ، حيثُ الصداقَةُ للأرواحِ ، و الأجسادُ تابعة ، و الصداقةُ مَعنى ، و آثارُها انعكاسٌ له ، و في ذا يقول أبو الطيبِ نفسُه :
[poem="font="traditional arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]أُصادِقُ نَفْسَ المرْءِ مِن قَبْلِ جِسْمِهِ=و أعْرِفُها في فِعْلِهِ و التكلُّمِ[/poem]
و نَكدٌ آخر ، حينَ تبتلينا الدنيا بأعداءَ فتجعلهم لنا أصدقاءَ ، سواءً كان قريباً أو بعيداً ، ضرورةَ العَيْشِ فيها ، و العَيْشُ رَكَّابُ طَيْشٍ ، فإنَّ ذلك من أنكادِها و لأوائها ، فصداقةُ العَدوِّ مجلَبَةٌ لنقضِ أحدِ أساساتِ الصداقةِ ، فلا تتكوَّنُ الصداقةُ للعدوِّ من صِدْقٍ ، و إنَّما من كذبٍ و زُوْرٍ ، و الزورُ لا يرتضيه شريفُ العقلِ ، لهذا كان في المُدارةِ مَخْرَجٌ عن الكذبِ في دعْوى الصداقةِ ، و لجوءاً إلى صورةِ مخالطَةٍ غيرِ الصداقةِ ، ليحْفَظ الصادِقُ صِدْقَ نفسِهِ و فعلِهِ ، فيُبْقِي العِشرةَ صيانةً لأخلاقِ ذاتِهِ ، و لا يُدَنِّسُ خُلقَه و يخرُج عنه من أجلِ مَن لا يستحق .
ففي الصداقَةِ أنكادٌ تُحيطُ بها من جوانبَ كثيرةٍ ، جانبِ البدايةِ ، و جانبِ النهايةِ ، و ما بينَ البدايةِ و النهايةِ أنكادُ الصفاءِ و المصارعةُ للبقاءِ و المحافظةُ على النقاءِ ، و جانبِ الصديقِ صاحبِ الشقاءِ المبغوضِ المَكْروهِ .
كلُّ هذا إنما ليبِيْنَ للصديقِ صِدق الصداقة ، و ليُخْتَبَرْ أهو قادرٌ على القيامِ بِها أم لا ؟ .

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:46 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.