منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ذَاكِرَةٌ مُكَعَّبَةٌ | مُحَمَّدْ الْبْلُوِي
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2014, 11:46 AM   #4
محمد سلمان البلوي
( كاتب )

افتراضي أُمْنِيَةُ | مُحَمَّدْ سَلْمَانْ الْبْلُوِي



أُمْنِيَةُ


- تَبْدُوْ الْأَفْكَارُ مُسْتَدِيْرَةً وَالْكَلِمَاتُ مُسْتَقِيْمَةً وَالْكِتَابَةُ كَمَا لَوْ كَانَتْ لَوْحَةً هَنْدَسِيَّةً كَئِيْبَةً! لَنْ أَكْتُبَ -الْيَوْمَ- شَيْئَاً، وَلَنْ أَرْسُمَ، وَإِنَّمَا سَأُغَنِّي؛ فَهَلْ تُغَنِّي مَعِيْ؟ كَفَاكَ تَذَمُّرًا؛ يَبْعَثُ عَلَى الْاكْتِئَابِ وَيُحَرِّضُنَا عَلَى الْبُكَاءِ! رُبَّمَا غَدَاً، أَوْ بَعْدَ غَدٍ، نَبْكِيْ -مَعًا- وَنَتَوَغَّلُ فِي الْبُكَاءِ؛ إِلَىْ أَنْ نَكِلَّ، بِيْنَمَا –الْآنَ- أُرِيْدُنَا أَنْ نُغَنِّيْ، فَقَطْ نُغَنِّيْ، وَلَوْ أُغْنِيَةً وَاحِدَةً؛ وَلْتَكُنْ، إِنْ شِئْتَ، حَزِيْنَةً. أَنْتَ تُفَكِّرُ كَثِيْرًا، كُلُّنَا نُفَكِّرُ؛ وَلَكِنَّكَ تُفَكِّرُ كَثِيْرَاً، وَهَذِهِ الْـ "كَثِيْرًا" سَتَجْلِبُ عَلِيْكَ وَعَلَيَّ الْمَتَاعِبَ! لَا فَائِدَةَ! فَأَنْتَ كَأُخْتِي الصَّغِيْرة (حُلْمْ)؛ تَتَحَرَّجُ مِنَ الْغِنَاءِ؛ فَتَتَلَعْثَم، يُخيَّلُ إِلَيَّ –أَحْيَانًا- أَنَّكُمَا بَلِيْدَانِ! أَسْتَوْدُعُ اللهَ كُلَّكَ وَقَلْبِي، وَنِكَايَةً بِكَ؛ سَأَمْضِي وَأَنَا أُغَنِّي: "أُحِبُّهُ كَثِيْرًا".

- هَذِهِ الْمَرْأَةُ مَجْنُوْنَةٌ، مَجْنُوْنَةٌ تَمَامًا، وهِيَ تَدْرِيْ أَنَّهَا مَجْنُوْنَةٌ، ولَا تَتَرَدَّدُ فِي إِظْهَارِ جُنُوْنِهَا!.

- مِنَ الْحِكْمَةِ أَنْ تَكُوْنَ سَاخِرًا؛ فِي زَمَنٍ بَاتَتْ فِيْهِ الْأَفْكَارُ عَوْرَةً، والْجَرِيْئَةُ مِنْهَا تُهْمَةً! وَمِنَ السُّخْرِيَةِ أَنْ تَكُوْنَ –فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ- حَكِيْمًا! سَأَمْتَنِعُ عَنِ الْكِتَابَةِ وَالرَّسْمِ؛ إِلَىْ أَنْ يَتَوَقَّفَ الْمَوْتُ عَنْ سَحْلِ الْأَطْفَالِ وَالْقُبْحُ عَنْ سَحْقِ الْجَمَالِ، عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَ شَيْئًا غَيْرَ التَّحْبِيْرِ وَالتَّلْوِيْنِ؛ مَا فَائِدَةُ الْقَلَمِ الْعَاجِزِ وَالْفُرْشَاةِ الْكَسِيْحَةِ؟! لَسْتُ أَسْأَلُكَ؛ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ اللهَ، الله الَّذِي يُحِبُّ الْأَطْفَالَ وَالْجَمَالَ وَيُحِبُّنَا، أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَسْتَوْدِعُهُ كُلَّكَ وَقَلْبِي.

- أَظُنُّكِ أَكْثَرُ الْمَجَانِيْنِ عَقْلًا، وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ جُنُوْنًا، وَلَا أَدْرِي إِنْ كُنْتِ مَجْنُوْنَةً عَاقِلَةً أَوْ عَاقِلَةً مَجْنُوْنَةً! وَلَكِنَّهُ الْجُنُوْنُ لَا يُفَارِقُكِ الْبَتَّةَ!.

- فِي كُلِّ شَارِعٍ سَيَّارَةٌ مُفَخَّخَةٌ وَحِزَامٌ نَاسِفٌ أَوْ عُبُوَّةٌ، أَكْرَهُ كَاتِمَاتِ الصَّوْتِ وَالْأَمَاكِنَ الْمُرْتَفِعَةَ! وَأَمْقُتُ الْأَحْزَابَ كُلَّهَا والشِّعَارَاتِ الْجَوْفَاءَ والرَّايَاتِ الْمُلَوَّثَةَ والْوَجَبَاتِ السَّرِيْعَةَ! وأَشْعُرُ –دَائِمًا- أَنْ ثَمَّةَ مَنْ يَتَرَصَّدُنِي وَيَتَرَبَّصُ بِي؛ وَلَكِنِّي لَا أُبَالِيْ! وَلَا أَظُنُّكَ تُبَالِي! فَأَنْتَ تَعْشَقُ الْخَطَرَ مِثْلِي! وَتُغَامِرُ بِرَأْسِكَ أَكْثَر مِنِّي! هَلْ تَسْمَعُنِي؟ كُنْتُ أُحَدِّثُكَ عَنْ أَسْعَارِ الْفِجْلِ! أَتْعَبْتَ قَلْبِي يَا رَجُلْ! أَسْتَوْدُعُ اللهَ كُلَّكَ وقَلْبِي.

- سَأَمُوْتُ قَبْلَكِ، وَرُبَّمَا بِسَبَبُكِ!.

- بَيْنَ الْبَابِ وَالْبَابِ؛ رَجُلٌ يُحِيِّي الْمَارَّةَ بِبَشَاشَةٍ، وَيَشْتُمُ السَّجَّانَ، وَرُبَّمَا كَانَ بَابُ بَيْتِهِ وَبَابُ سِجْنِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ ذَاتِهَا أَوْ مِنَ الْمَنْجَمِ ذَاتِهِ! لَا يَهُمُّ! لَقَدْ زُرْتُ -الْيَوْمَ- أَبِي، حَدَّثَنِي عَنْ رِفَاقِهِ وَعَنْ زِنْزَانَتِهِ ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْكَ؛ فَأَجَبْتُهُ أَنَّكَ بِخَيْرٍ، وَلَكِنَّكَ صَائِمٌ –مِثْلِي- عَنِ الْكِتَابَةِ والرَّسْمِ؛ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكَاً وَقَالَ: كِلَاكُمَا مَجْنُوْنٌ! ثُمَّ كَلَّفَنِي بِإِيْصَالِ رِسَالَةٍ شَفَوِيَّةٍ إِلَى أَحَدِهِمْ. عَلَى الْعُمُوْمِ؛ أَسْتَوْدُعُ اللهَ كُلَّكَ وقَلْبِي يَا مَ جْ نُ وْ نُ!.

- نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة، أَمَّا أَنْتِ؛ فَنَعْمْ، وَأَمَّا أَنَا؛ فَلَا.

- تُغْرِيْكَ بَنَاتُ أَفْكَارِيْ أَكْثَر مِنِّي! وَيَسْتَهْوِيْكَ عَقْلِي أَكْثَر من رَسْمِي! لَسْتُ جَمِيْلَةً إِلَى الْحَدِّ الَّذِي يُحَرِّكُ رَغَبَاتِكَ وَيَجْعَلُ لُعَابَ فُحُوْلَتِكَ يَسِيْلُ عَلَى فُتَاتِ أُنُوْثَتِي! أَعِي هَذِهِ الْحَقِيْقَةَ جَيِّدًا، وَأَعِي –أَيْضًا- أَنَّكَ فَنَّانٌ مُوْلَعٌ بِالْجَمَالِ، وَمَعْ هَذَا؛ فَأَنَا لَسْتُ دَمِيْمَةَ الْقَسَمَاتِ وَلَا قَبِيْحَةَ الْمَلَامِح وَالتَّضَارِيْس! كَمَا أَنَّنِي لَسْتُ بَارِدَةً إِلَى الْحَدِّ الَّذِي يَجْعَلُكَ مُهَذَّبًا مَعِي وَمُؤَدَّبًا إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ الْجَارِحَةِ! عَجِيْبٌ أَمْرُكَ يَا أَمْجَدُ! أَلَسْتَ تُحِبُّنِيْ؟! بِتُّ أَكْرَهُ كَوْنِي مُثَقَّفَةً؛ تَفْتَتِنُ بِحَدِيْثِهَا وَلَا تَلْتَفِتُ إِلَى مَفَاتِنِهَا! تَذَكَّرْ –وَلَوْ لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ- أَنَّنِي اِمْرَأَةٌ؛ فَأَنَا لَمْ أَنْسَ -وَلَوْ لِلَحْظَةٍ- أَنَّكَ رَجُلٌ وَأَنَّنَا مَخْطُوْبَانِ! لَا فَائِدَةَ! أَسْتَوْدُعُ اللهَ كُلَّكَ وقَلْبِي.

- أَسْتَوْدِعُ اللهَ عَقْلَكِ.

- أَعْرِفُكَ لَا تُعَاقِرُ الْخَمْرَ وَلَا تَتَعَاطَى الْمُخَدِّرَ، وَلَكِنَّكَ ثَمِلٌ –غَالِبَاً- أَوْ مُخَدَّرٌ! جِسْمُكَ حَاضِرٌ، وَعَقْلُكَ غَائِبٌ أَوْ مُغَيَّبٌ! تَضْحَكُ دُوْنَ سَبَبٍ! وَدُوْنَ سَبَبٍ تَبْكِيْ! وتُثَرْثِرُ دُوْنَ سَبَبٍ! وَدُوْنَ سَبَبٍ تَصْمِتُ! هَلْ قُلْتُ: "دُوْنَ سَبَبٍ تَصْمِتُ"؟! مَا أَغْبَانِيْ! وهَلْ يَحْتَاجُ الصَّمْتُ إِلَىْ سَبَبِ؟! هِيْهِ؛ أَنَا أَسْأَلُكَ: هَلْ يَحْتَاجُ الصَّمْتُ إِلَى سَبَبٍ؟! أَرَأَيْتَ؟! لَقْدْ لُذْتَ – مُجَدَّدًا- بِالصَّمْتِ! وَكَأَنَّكَ تَسْتَفِزَّنِي أَوْ تُؤَكِّدَ لِي صِدْقَ ظُنُوْنِي! وَمَعْ هَذَا؛ فَأَنَا أُحِبُّكَ، وبِجُنُوْنٍ...، بِجُنُوْنٍ أَيُّهَا الْمَجْنُوْنُ! أَسْتَوْدُعُ اللهَ كُلَّكَ وقَلْبِيْ، ولِي رَجَاءٌ أَخِيْرٌ، أَوْ إِنْ شِئْتَ، وَصِيَّةٌ أَخِيْرَةٌ: لَا تَنْسَانِي!.

- أُحِبُّكِ! وبِجُنُوْنٍ...، بِجُنُوْنٍ أَيُّتُهَا الْمَجْنُوْنَةُ! رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكِ، كَثِيْرًا مَا كُنْتِ تُرَدِّدِيْنَ عَلَى مَسَامِعِي: "رُبَّ أُمْنِيَةٍ جَلَبَتْ مَنِيَّةً". وَهَا قَدْ قَتَلَتْكِ الْأَمَانِي! أَسْتَوْدُعُ اللهَ كُلَّكِ وقَلْبِي يَا أُمْنِيَتِيْ.


محمد سلمان البلوي

 

محمد سلمان البلوي غير متصل   رد مع اقتباس