منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - !! .. حكايات أبطالها نساء ][ مجموعة قصصية ][ .. !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-16-2008, 04:13 AM   #3
الوجه الأليم
( كاتبة )

افتراضي



.
.



[ 1 ] سيارة اسعاف


" أرجوك ارفعي مستوى صوت الراديو !


قلتها بخوف قاتل لأختي سهام بعد أن وجدت سيارة الاسعاف تقترب من أمامنا ! فقالت لي اختي :

" مريم مابك عزيزتي كل مالمحت هذه السيارة يصيبك الخوف البغيض .. ؟

" لا ادري ولكن فقط اكتفي برفع مستوى الصوت ..



لا أجد رفع مستوى الصوت كافيا ً لتبديد هذا الخوف المقيم بداخلي ,, فعدت برجاء قائلة :

" توجهي بالسيارة إلى مسار آخر غير هذا الاتجاه ..


" إنها سيارة اسعاف ليس الا .. فلماذا كل هذا الخوف ؟؟



هو السؤال الذي طالما ابتغيت الاجابة عليه الا إني أفشل للمرة المليون ! لا أتذكر حدثا ً مأساويا ً وقع كان له ذكرى مع هذه السيارة .. لا زلت أجهل حقيقة هذا الخوف الذي يعتريني لمجرد سماع صوتها أو رؤية ما يشبهها !

لا أخفي بأني حتى اللون الابيض اصبحت أمقته جدا ً !

في العام المنصرم أهداني والدي سيارة بيضاء فرفضتها .. ولم أبال ِ بحزن والدي حيال أمر الرفض !
إني حقا ً أمقت كل الاشياء الذي تذكرني بهذه السيارة ..

في أوقات كثيرة أرفض زيارة المرضى كل لا أرى وجودها ! هل أحتاج لعلاج نفسي حول هذا الخوف ؟


سألت أختي ذات السؤال فأجابتني :

" تحتاجين لعلاج حتما ً وهذا أمر كان لابد لك فعله منذ مدة ..

صمت ُ برهة فقلت :

" لكني أخشى نظرات الناس !

" وما أدرى الناس بذلك ؟؟ مريم ما تعانين منه مرض نفسي ,, أنت تعانين من الفوبيا !


أتساءل مع الذات لوقت ما ,, ماذا يعني مقتي لسيارة اسعاف ؟؟ و هل هذا سببا لمحاربة النظرات بالتوجه لعلاج نفسي ؟


سألتها :

" لكن وماذا يعني هذا الخوف ؟؟ إنه لا يؤثر على حياتي بشيء !



" انت لا تدركين شيئا ً حقا ً ,, أنت لا تدركين أي فزع وأي جنون يصيبك حين ترين سيارة اسعاف ,, تبدين طفلة رضيعة تصرخ طالبة الحليب ..


غضبت لهذا التعليق التافه فقلت :

" ماهذا الهراء ؟


" قلت لك أنت لاتدركين ما تفعلين ! هل نسيت أمر رفضك للسيارة التي قدمها والدي لك هدية ؟ أم نسيت أمر مقتك لحصص الرسم المدرسية فقط لأنها تحتوي أوراق بيضاء ؟؟


وتصمت قليلا ً وتقول مايزيد خوفي خوفا ً :

" حفل زفافك بعد 3 أشهرمن الان ,, هل نسيت أمر الفستان الابيض ؟


قلت بلا مبالاة :

" ليس هنالك من داعي ليكون الفستان أبيضا ً سأرتدي ورديا !



تضحك :

" تريدين محاربة النظرات بارتدائك فستانا ً ورديا ً في ليلة لابد أن يكون فيها أبيضا ً ,, ولا تريدين محاربتها لاجل قتل خوف ينهيك حتما ؟



لم أقو َ على الاجابة .. شعرت بضرورة أمر العلاج , فأنا ورغم قساوة هذا الحديث الا انني أبدو طفلة حين رؤيتي لهذه السيارة !

هل أخشى فقد عزيز ؟؟ أم أنه خوف لا مبرر له ؟؟
إني فعلا اصيب بحالة ذعر شديد ونوبات هلع . هي غير مبررة !





حديث أختي كان على حق ,, ولأنه كذلك هاتفت دكتورة اخصائية وأجريت موعدا ً للعلاج ..


كانت على قدر كبير من الخبرة ,, بأسألتها وبحديثها !


خرجت معي أوقاتا ً عديدة للتسوق ,, و تكثر من لفت انتباهي لجمالية الملابس البيضاء ! حاولت أن تغير فكرتي للأمر قبل أن تقتل الخوف المقيم هنا في صدري !



غيرت هذه الانسانة في داخلي الكثير ,, واقتعنت مؤخراً بأمر فستان الزفاف الذي لابد أن يكون ابيضا ً ,, واشتريت ملابس كثيرة بيضاء ..

أحد زميلاتي مرضت فزرتها بالمشفى غير آبهة إن كنت سأجد سيارة الاسعاف أم لا !


أخيراً نجحت الدكتورة في قتل الخوف بداخلي بالعلاج السلوكي ,, فقد بدأت معي خطوة بخطوة ,, و حين انتهى الخوف الذي لا جدوى منه ,, استطعت أن استرجع السيارة البيضاء الذي أهداني إياها والدتي والتي كان يستخدمها خطيبي طيلة الفترة الماضية !




في أحد المرات ,, وحين كنت عائدة من العمل وجدت سيارة اسعاف بصوتها المدوي تقترب شيئا ً فشيئا ,, أخفضت صوت الراديو وفتحت النافذة وأضحك ببلاهة في حين اصحاب السيارات القريبة مني ينظرون لي باستغراب ! لم يهمني الأمر كثيرا ً !!




وحين وصلت المنزل رافعة يدي الانتصار على هذا الذي اسموه " الفوبيا " وجدت الجميع في حالة حزن و أسى ,, لأدرك فيما بعد بأن سيارة الاسعاف التي مرت بقربي قبل ساعة كانت تحمل في داخلها جثة والدتي !










.
.

 

التوقيع

.0.
.0.


وحيدةٌ أنا دُونما ذاكرة ,,
أو ربما بذاكرة ..
ذُبل فيها كُل شيء .. ,

الاهل ..
الاصدقاء ..
والوطن !


.0.
.0.

الوجه الأليم غير متصل   رد مع اقتباس