منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - موعد خطه الماء
الموضوع: موعد خطه الماء
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-27-2014, 12:52 PM   #37
محمد سلمان البلوي
( كاتب )

افتراضي


أخي العزيز أ. عبدالرحيم فرغلي
تقبَّلْ -مع المحبَّةِ- قراءتي لنصِّكَ الشَّفيف:

ما دام نصُّكَ قد خلا من علاماتِ الإعرابِ، وكذا من علاماتِ التَّرقيمِ؛ واستعضتَ عنها بهذهِ النُّقَاطِ (..)، وبالنُّقْطَةِ (.) في نهايةِ كلِّ فِقْرَةٍ؛ لتحدِّدَ للقارئِ الوقفاتِ القصيرةَ والطويلةَ وبداياتِ الْجُمَلِ ونهاياتِهَا، وكذا بداياتِ الْفِقْرَاتِ ونهاياتِهَا؛ فبمقدورِ القارئِ أنْ يقرأَ الكلمةَ الواحدةَ والجملةَ الواحدةَ على أكثرِ من وَجْهٍ، وأنْ يخرجَ من كلِّ قراءةٍ بمعنى مختلفٍ وفهمٍ مُغايرٍ، سواءً أقصدتَ ذلكَ -يا أخي العزيزِ- أَمْ لَمْ تقصدْ، شريطةَ أنْ لا تخرجَ القراءةُ وأنْ لا يحيدَ الفهمُ عن نسقِ النَّصِّ وسياقِه العمومي، أمَّا بابُ التأويلِ فمفتوحٌ؛ ما لَمْ يشطحِ المُؤَوِّلُ أو يشططْ.

إذنْ للقارئِ -هنا- مساحةٌ إضافيَّةٌ وحُرِّيَّةٌ أكبر؛ لا في تأويلِ النَّصِّ فحسب؛ وإنَّما في المُشاركةِ -أيضاً- في كتابتِهِ. ومثالٌ على ذلكَ؛ عنوانُ النَّصِّ (موعد خطه الماء)، فللقارئِ أنْ يقرأَ كلمةَ (خطه) على أنَّها فعلٌ مُتَّصلٌ بضميرٍ (خَطَّهُ)؛ من: خَطَّ يَخُطُّ...، وله أنْ يقرأَ الكلمةَ (خطه) على أنَّها اسمٌ مًتَّصلٌ بضميرٍ (خَطُّهُ)، مع ما يعنيه ذلكَ من اختلاف في المعنى، ومن ثمَّ في الفهم.

يحملُ النَّصُّ في طيَّاته فلسفةً للحياةِ وللحبِّ؛ تأتَّتْ من تراكمُ الخبراتِ والتجاربِ والمعارفِ على مدى سنواتِ العُمْرِ، الطَّويلِ نسبياً (أطالَ اللهُ في عمركَ)، وهذه الفلسفةُ تقول لنا: إنَّها الحياةُ جميلةٌ، وإنَّها بالحبِّ أجملُ، وإنَّه الحبُّ بعدَ النُضجِ يكونُ أجملُ وأجملُ: "فالحب في هدأة العمر أجمل"، وإنَّه يُهذِّبُ ويُرقِّقُ ويصنعُ المعجزاتِ ويخترقُ الخيالَ ويُحقِّقُ المُحالَ: "يمزج دمي بقصصٍ لستُ أعرفها .. تجعلني من أهل المطر .. فأُنبت الشجر وأزخرف خد الزهر" / "حروفك تهذبني .. تغسل البقع المسعورة في داخلي .. فأتأمل الحياة كرجل آخر .. أحسب البنايات تكشف عن نوافذها لتغازل المحال الفتية .. النخيل يترقب رنين الريح .. علّها تطمئنه على حبيب بعيد .. الأرض تتفتح عن أناس لطفاء .. حتى الذين يصرخون في وجهي ..أكاد أقترب منهم لأقول أحبكم" وإنَّه العمر قصيرٌ، ولا يستحقُّ منَّا أنْ نضيِّعه في ما لا يستأهلُ: "لا تضيعوا أوقاتكم هباء" / "ارشفيها .. فشبابها قصير .. لا تشنقيها على منضدة الانتظار"، وإنَّه الجمالُ في كلِّ من يُحيطُ بنا وفي كلِّ ما يحيطُ بنا؛ وإنْ كنَّا لا نلحظُهُ -غالباً- ولا ننتبِهُ له: "فأنتم حين تدوسون على الحصى تنساب موسيقى عذبة لا تثير انتباهكم"، وإنَّه مع تقدُّمِ العمر بنا تفوتنا أشياءٌ، تفقدُ صلاحيتها؛ فلا تعودُ تصلحُ لنا أو نصلحُ لها: "ما عدت مهيأ للحب .. مضى ذاك الزمان .. يوم كانت الشمس تصغرني بومضة .. والحياة هرٌ أليف يجالسني أينما كنت .. والأماني سبورة فصل كبير .. أكتب فيها وأمحيها متى أريد ..الآن الأبواب تكبرني بقصتين وأكثر.. والأمسيات المبللة بالزغاريد سكتت .. والوسائد المحشوة بالريش لن تصنع من رأسي حماماً مستكين" / "النادل رفع كؤوس قهوتنا يا سلمى .. والهواء الحبيب فقد عطره .. والساعة الموعودة جفت ثوانيها ، الرحيل بشارة الذكريات .. حلوى سيئة الصنع نمضغها باقي العمر .. دبور لئيم يطن كلما غفت"، وإنَّه ينبغي -رغم كلِّ شيءٍ أنْ لا نفقدَ الأملَ: "انتظري قليلاً..".

كما إنَّه النَّصُّ قد حملَ الكثيرَ من الحكمةِ الخالصةِ وخُلاصةِ الكثيرِ من تجاربِ الحياةِ؛ على شكلِ ومضاتٍ مُكثَّفةٍ مُبهرةٍ؛ فيها الكثيرُ من العمقِ والصدقِ والبلاغةِ: "الحب في هدأة العمر أجمل" / "قالوا لي أخيراً .. ليس مجزياً أن يكون لك حلم .. بل تكون أنت الحلم" / "لا تمنحيني عاطفتك جملة واحدة" / "الوسائد المحشوة بالريش لن تصنع من رأسي حماماً.." / "الرحيل بشارة الذكريات" / "أمي .. توبخني وتربت على كتفي بنظرة واحدة" / "شعرك تاريخ معتق بالحروب" / "عند الرحيل .. نسرق ملامح أحبابنا .. وبعد حين نجدهم احتالوا علينا وسرقونا".

والنَّصَّ زاخرٌ بالصُّورِ البديعةِ والعباراتِ الرَّشيقةِ البليغةِ، بل هو في مجمله عبارةٌ عن مجموعةٍ من الصُّورِ المُتسلسلةِ واللَّقطاتِ والومضاتِ؛ وكلُّها مُدهشةٌ مُبهرةٌ!.

أيُّها المبدعُ الجميل؛ أُحيِّيكَ،
ولكَ محبَّتي واحترامي وتقديري.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

محمد سلمان البلوي غير متصل   رد مع اقتباس