منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - شعر ما قبل الإسلام - 1 -
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-2015, 05:03 PM   #3
عبدالله باسودان
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية عبدالله باسودان

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 315

عبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعةعبدالله باسودان لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


شعر ما قبل الإسلام وليس الشعر الجاهلي -3-

ومن أهمية اللغة العربية في ذلك العصر أن القرآن الكريم لم ينزل بلغة قريش وحدها وإنما نزل بلغة أكثر القبائل العربية ليتحداهم بما لديهم من قوة البلاغة في اللغة و الخطابة والشعر وبأن يأتوا بآية من مثله، حتى قال قائلهم كلمته المشهورة بما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ عليّ، فقرأ عليه :
إن الله يأمر بالعدل والإحسان و إيتاء ذي القربى ... إلى آخر الأية، فقال أعد فأعاد، فقال الوليد: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته، وما يقول هذا بشر.

وكلامنا هذا بصدد الشعر واللغة العربية ومكارم الأخلاق في ذلك العصر شعراً كان أم خطابة أم نثراً وليس بصدد الديانات والحكم بغير ما شرعه الله ورسوله والتقاليد الوثنية السائدة في ذلك العصر. ونؤكد ذلك بما قاله سيد قطب – رحمه الله – في كتابه في ظلال القرآن " فالجاهلية كما يصفها الله و يحدد قرآنه هي حكم البشر للبشر لأنها هي عبودية البشر للبشر والخروج من عبودية الله ورفض ألوهية الله والاعتراف في مقابل هذا الرفض بالوهية البشر وبالعبودية لهم من دون الله.
ويتابع قوله: إن الجاهلية ليست فترة من الزمان ولكنها وضع من الأوضاع هذا الوضع يوجد بالأمس، ويوجد اليوم، ويوجد غداً، فيأخذ صفة الجاهلية المقابلة للإسلام، مناقضة للإسلام....فالعبودية لغير الله جرّتهم الى كل الضلالات السابقة وتحكيم الأهواء والعادات والتقاليد، وهي بناءً على ذلك تعني مفهوم الضلالات والسفه والطيش وتحكيم العادات والتقاليد بعيداً عن منهج الله في السياسة والاقتصاد والعقائد والحياة الاجتماعية .. وعدم تحكيم شرع الله."
ويقول الدكتور شوقي ضيف في كتابه: تاريخ الأدب العربي: "... وقد أخذت (يعني كلمة الجاهلية) تطلق على العصر القريب من الإسلام أو بعبارة أدق على العصر السابق له مباشرة وكل ما فيه من وثنية وأخلاق قوامها الحمية والأخذ بالثأرواقتراف ماحرمه الدين الحنيف من موبقات."
إذن لم يكن العرب بتلك السلبية التي تتبادر إلى الذهن بمجرد ذكر الجاهلية ويظهر ذلك جلياً في خطب أكثم بن صيفي وعمرو بن كلثوم، وعامر بن الضراب وغيرهم، وفي كثير من أشعار شعراء تلك الحقبة من الزمن حيث تؤكد هذه الخطب وهذه الأشعار بأن للعرب نفوساً كبيرة وأذهاناً بصيرة وحنكة خبيرة ومعارف واسعة أكثرها من نتاج قرائحهم وثمار تجاربهم كما تشهد هذه الآراء والحكم على عمق نظرتهم السياسية والاجتماعية والإنسانية.
ويُروى أن أول من أظهر التوحيد بمكة قس بن ساعدة الأيادي الذي يكفيه فخراً أن الرسول صلى الله عليه وسلم روى عنه، فقد قدم وفد من أياد على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" ما فعل قس بن ساعدة ؟ قالوا: هلك يا رسول الله، فقال كأني أنظر إليه بسوق عكاظ يخطب الناس على جمل أحمر يقول: أيها الناس اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ماهو آت أت، ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاة، وأنهار مجراة، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا،
ما بال الناس يذهبون فلا يرجعون ؟ أرضوا بالمقام فأقاموا ؟ أم تركوا فناموا ؟ يا معشر إياد أين الآباء والأجداد ؟ وأين الفراعنة الشداد ؟ الم يكونوا أكثر منكم مالا وأطول آجالا ؟ طحنهم الدهر بكلكله ومزقهم بتطاوله ثم أنشد:

في الذاهبين الأولين
من القرون لنا بصائر
لما رأيت موارداً للموت
ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها
يمضي الأكابر والأصاغر
لا يرجع الماضي إليَ
ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة
حيث صار القوم صائر
يُروى أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( يُعرض هذا الكلام يوم القيامة على قس بن ساعدة فإن كان قاله لله فهو من أهل الجنة ) .
إننا عندما نقرأ كثيراً من شعر ذلك العصر نجد فيه من الوصف للشهامة و المروءة والأمانة والعفة ومكارم الأخلاق والوفاء بالعهد بالإضافة الى الحكمة والشجاعة وقوة بلاغة وإتقان اللغة العربية مما نعتز به أكثر مما نجده في كثير من أشعارنا وفي مؤلفاتنا في هذه الأيام والأمثلة على ذلك كثيرة لا حصر لها. فمن الأشعار التي تُعبِّر عن مظاهر الإيمان والأخلاق الحميدة التي أمرنا بها الإسلام قول عمرو بن كلثوم في إحدى قصائده:
فلا العزِّى أدين ولا ابنتيها ولا صنمي بني طسم أديرُ
أربّاً واحد اً أم ألف رب أدين إذا تقسمت الأمـور
ولكن أعـبد الرحمن ربي ليغفر ذنبي الرب الغفور
فتقوى الله ربكم احفظوها متى ما تحفظوها لا تبورا
ويقول أوس بن حُجر:
وباللأت والعزى ومن دان دينها وبالله إن الله منهن أكبرُ
ويقول ورقة بن نوفل:
بدينـك ربـاً ليس رباً كمثله وتركك جنات الجمال كما هيا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته ولم تــك توحــيد ربك ساهيا
أدين لرب يستجيب ولا أرى أدين لم لا يسمع الدهر داعيا
أقول إذا صليت في كل بيعة تباركت قد أكثر باسمك داعيا
ويقول النابغة الذبياني:
ولما وقاها الله ضربة فأسه وللـبّر عـين لا تغمَّض ناظره
فقال تعالي نجعل الله بيننا على ما لنا أو تنجزي ليَ آخره
فقالت معاذ الله أفـعل إنـني رأيتك مسحورا يمينك فاجره
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لوفد غطفان الذين قدموا عليه من الذي يقول:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ً وليس وراء الله للمرء مذهبُ
قالوا: نابغة بني ذبيان، فقال لهم:
فمن قائل هذه الأبيات:
أتيتك عارياً خلقاً ثيابي على وجلٍ تظن بي الظنونُ
فألفيت الأمانة لم تخنـها كذلك كان نوحٌ لا يخونُ
قالوا: هو النابغة، قال: هو أشعر شعرائكم.

يتبع -4-

 

عبدالله باسودان غير متصل   رد مع اقتباس