منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ .. غَريـِب .. ] !!
الموضوع: [ .. غَريـِب .. ] !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-18-2008, 10:42 PM   #1
سعد السعد
( كاتب )

الصورة الرمزية سعد السعد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

سعد السعد غير متواجد حاليا

افتراضي [ .. غَريـِب .. ] !!





هو لا أرض لهُ ولا وطن .. يسأل دوماً الرمال التي يلتحفُ بها والحجارة التي يتوسدها ..
عن معنى الإنتماء والحنين ؟!
فلا يستنبطُ من صمتهم سوى أنهم مثله غرباء في الأرض .. ولِدوا لـ يتنفسوا الشقاء والعناء ! ..
لم تزر الابتسامة شفاههم يوما ! .. لم يروا شروق صباحٍ قط .. فقط سواد الليل ! ..
تعرّف ذات ليله على القمر ! .. وقرّر أن يُصاحبه مدى العمر ! ..
ربما لأنه كان يسمع صدى صرخاته الحادة المؤلمة ويُخيّل له أن ذاك صوت تعاطف القمر ! ..
مسكينٌ هذا الفتى .. كان يوهم نفسه بـ أنهارٍ عذبة في قحل الصحاري ..
فقط لـ يُكمل سَيرهُ إلى مستقبلٍ مجهول ! ..

كان اسمهُ [ غريب ] .. كـ روحه وذاته وكل شيء يتعلّقُ به ..
رفع حقيبته البنية القديمة المتآكلة من الأطراف .. حتى أن أكوام ثيابه المرقّعة خرجت من ثقوبِ ..
هذه الحقيبة لـ التنفس ! .. حملها على كتفه .. وباليدِ الأخرى زجاجة فارغة ! ..
فـ حرارة الشمس كانت كفيلة في تدفّق آخر قطرة ماء من تلك الزجاجة إلى حلقه الجاف ..
سمع صوت آذان الظّهر من مكانٍ ما ..
تتبع أصداء الآذان إلى أن وصل لـ قريةٍ صغيرة تبعد عن الساحل مسيرة 10 دقائق سيرا ..
- هي فرصة لأملأ زجاجتي وأتوضأ وأصلي الظهر جماعة ..
وصل لـ تلك القرية متجاهلاً كعادته نظرات الاستغراب والتّعجب من بني البشر ..
ملأ زجاجته بالماء البارد وتوضأ وصلّى الظهر مع أهل القرية ..
توسّد حقيبته بعد انتهاء الصّلاة في زاوية المسجد .. فـ قد نال من التعب والإرهاق الكثير جرّاء هذا السّير المتواصل ..
اقترب منه المؤذن مستغرباً من هيئته وآثار التّعب على ثيابه وجسده !! ومتعاطفاً على حالته ..
وبعد جهد استطاع إيقاظه وأخذه إلى بيته لـ ينفض غبار الغموض والتعب عن هذا الـ [ غريب ] ..
وبعد أن عرف اسمهُ سأله عن تلك الأمواج العاتية التي أطاحت به إلى تلك القرية ..
فـ سرد غريب روايته المؤلمة .. وكشف الستار عن غربته في كوكب الأرض !!
أشفق عليه هذا المؤذن – هو لم يكن من أهل القرية الأصليين , لـ ذلك شعر به - ..
ووعده بـ أن يبحث له عن سكن وعملٍ في هذه القرية ..
"
"
وبعد مضيّ عامٍ كامل أعطى [ غريب ] نفسهُ بعض من شعور الإنتماء ..
فقد سكن تلك القرية وعمل فيها مع صديق ذلك المؤذن في النّجارة ..
كما لمس بعض من الحب الممزوج بـ الرّأفة من بعض أنقياء تلك القرية ..
كان مجتهداً في عمله .. أخلاقه عاليه .. محبوباً من الكل ..
"
كانت فسحته دائماً بعد ذاك الجهد المتعب بين تلك الأخشاب .. إلى الساحل ..
فقد كان يأخذ غداءه يومياً ويسترخي أمام صفاء الطبيعة وصدق الأمواج وهدوء المكان ..
كان دائم الغرق في التفكير عن طلاسم الحياة ومعادلاتها الصعبة ..
وبعد أن يأخذ قسطاً من السكون يعود إلى القرية ويُكمل مسلسل غربته ..
"
لم يكن يلقِ أي اهتمام لـ بعض من صبية القرية وهم ينعتوه بـ [ الأجنبي ] ..
فقد كان مؤمناً بـ أن [ أجنبي ] كلمة مرادفة لـ [ غريب ] الذي هو اسمه ..
فقد فَقَدَ حساسيته من هذه النقطة .. يبتسمُ إليهم ثم يُكمل مساره ! ..
"

وفي يومٍ من الأيام .. أتت فتاة من تلك القرية إلى المنجرة ..
تريد شخصاً يُصلح بعضاً من أثاث منزلها .. فوافق غريب ..
الفتاة كانت مسرفة في الجمال رائعة حد الانبهار .. وكأن قلب غريب بدأ بالتشكل مرة أخرى ..
بدأ يشعر بـ شعور جديد .. خصوصاً وأن تلك الفتاة كانت تعامله بـ رأفة وطيبة ..
وبعد أن انتهى من الإصلاح .. وقبل أن يخرج من منزلها .. جاءت بـ بعض من الطعام والمال ..
وأعطته لـ غريب .. وابتسمت له ..
ومن تلك اللحظة انقلب كيان هذا الـ غريب وبدأ يعانق بعضاً من المشاعر الجديدة على حياته ..
كـ [ الحنان والحب ] ..
وبـ عفوية الأطفال صرّح غريب بـ تلك المشاعر لـ الفتاة ..
تفاجأت في بادئ الأمر .. ولكن سرعان ما هاجم هذا الحب قلبها أيضاً ..
وعاشوا أروع قصة حب في تلك القرية .. ونوى أن يرتبط بها زواجاً ..
"

وعندما سمع أعيان القرية هذا الخبر قرروا بـ كل عنف طرد هذا الـ غريب من القرية ..
وخططوا بـ كل خبث لـ تفاصيل طرده – كي يكون الحق في صفهم أمام سكان القرية –
واتفقوا مع إحدى الساقطات أن تدخل دار غريب ليلاً ..
وفي تلك الليلة اجتمعوا عند داره وأخرجوه بـ القوة وهو يمسح بقايا نومه من عينيه بعد أن خرجت تلك السّاقطة ..
من داره أمام سكان القرية ..
خرج يتساءل عن سبب هذا التّجمهر أمام داره فقالوا له لقد خُدِعنا بك أيها الفاسق ..
والآن لا مكان لك بيننا هيا اخرج من القرية ..
وهو مذهولٌ بما يسمع .. خُيّل له أنه يحلم .. وقبل أن ينطق بـ كلمة ..
نوابلٌ من حجارةٍ تنهل عليه رجما .. وهو مندهشٌ من هذا التّصرف من قبل سكان القرية ..
بدأت الحجارة تقضم من جسمه وتشرب من دمه وهو يبكي ويصرخ :
لماذا ؟ بـ ربكم ماذا فعلتُ لكم ؟! ... وهو يردد تلك العبارات بدأ يركض تجاه مخرج القرية ..
والسكان من خلفه لم يتوقّفوا عن الرّجم ..
يسقط غريب على الأرض تارة .. ويحبو تارةً أخرى .. والدم ينساب من جسده إلى أن تلون بـ الأحمر !
حتى خرج من القرية وهو يبكي ويصرخ .. محاولاً البحث عن مبرّر لـ هذا الفعل الخالي من أي أنواع الرحمة ..
وصل إلى الساحل وهو غريقٌ بـ الدمِ والدمع .. والألم خرج من حدود التّحمّل ..
وهو يرفع يدهُ إلى السّماء طالباً العونُ من الله .. تقبّل الله دعوته وسقط جثةً هامدةً على الأرض ..
وتوفّى هذا الـ غريب .. ورحل إلى السّماء هارباً من جور الأرض وسكانه ..

.
.


مودتي

 

التوقيع




بداخلي يعيش طفل أحرجني جداً بتصرفاته و رغباته
الغبيه . . لا يحب الحياة لكن يحب الحب . .

شيء لـ .. زائر

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة سعد السعد ; 06-18-2008 الساعة 10:43 PM. سبب آخر: تنسيق ..

سعد السعد غير متصل   رد مع اقتباس