منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - عبدالرحمن بن مساعد في سطور
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2009, 12:14 PM   #1
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

الصورة الرمزية محمد مهاوش الظفيري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 725

محمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي عبدالرحمن بن مساعد في سطور


عبدالرحمن بن مساعد في سطور


ظاهرة الشعراء الأمراء أو ما أسميته في مقال سابق بـ " أمرنة الشعر " الذي أتبعته بمقال آخر ، أخذ صفة الامتداد للمقال الأول , أو قام مقام التوضيح أو الإيضاح في هذا المجال ، هذه الظاهرة أصبحت من صرعات الشعر الشعبي التي لا تنتهي . كلنا يعرف ابن المعتز الشاعر والناقد الأديب العباسي والذي أصبح في آخر يوم أو يومين من حياته خليفة قبل أن يقتل ، وكذلك كلنا يعرف أسامة بن منقذ الشاعر الأمير وصاحب أو مذكرات في التاريخ كما تقول المصادر الأدبية وكتب التاريخ المختصة بهذا المجال .
لكنني في هذا المبحث سأترك هذين الرجلين وأتجه لأمير وشاعر عربي آخر يعيش معنا ويقاسمنا هذه الحياة ، وهو الشاعر الأمير أو الأمير الشاعر عبد الرحمن بن مساعد .
يكمن إعجابي بهذا الشاعر أنه نابع من طريقة طرحه وأسلوبه الذي يتناوله في قصائده ، حيث نلمح من خلال تأملنا لأشعار الأمير عبد الرحمن بن مساعد زخماً من الوعي المعرفي الثقافي والنظرة السياسية والاجتماعية المرنة للأمور ، مع ميل للحس الاجتماعي في نصوصه , فقد استطاع عبد الرحمن بن مساعد تهشيم السياجات المحيطة به وكسر الحواجز النفسية بينه وبين الجمهور ، وقام بإيصال صوته لأكبر عدد من الناس ، ولم يجعل قصائده سلة ملأى بعبارات الغزل التي عفي عليها الزمن ، حيث أنه لم يقحمنا بالعيون التي ثقبها الشعراء غزلاً ، ولا بالشفاه التي تعفنت من كثرة الغرام ، ولا بالخدود التي جفت ونضبت ، لقد تحدث عن أمور بسيطة وضعها تحت المجهر ، وقام بتكبيرها من خلال روحه وتفكيره , ثم أعاد صياغتها لنا بقالب شعري جميل .
إن حق هذا الشاعر علينا ، نحن الباحثين عن الجمال الشعري أن نسخر أقلامنا ونفتح قلوبنا ونملأ رئتنا بهذا الشعر البعيد عن الغزل المعاد المكرر ، ونحاول أن نسكب في مشاعرنا الرؤى الإنسانية التي تشعرنا بقيمة الأشياء من حولنا .
لم يكن هذا المبحث جديداً في نوعه ، فهو منشور منذ زمن ، لكنني ارتأيت إعادة نشره من جديد ، ومادام أنني قد فكرت هذا التفكير ، رأيت من الأفضل إعادة كتابته من جديد , أو محاولة تنقيحه من بعض الأخطاء ، والعمل على إضافة كل شيء جديد يخدم هذا المبحث ، من تأمل لهذه التجربة أو إعادة اكتشاف بعض المقاطع الشعرية في هذه القراءة .
يقول الأمير عبد الرحمن بن مساعد

هنا سمسار
هنا شاعر
هنا بنيات
هنا فلكي
هنا صاحب سمو حركي

أشعرنا الشاعر أنه خارج هذا المشهد من حيث البناء الخارجي للنص , من خلال تكراره لمفردة " هنا " وكأنه كان يقوم بالإشارة إلى هذه المكونات المتداخلة من حوله ، مع العلم أنه منغمس بالمشهد داخلياً من خلال نفس المفردة السابقة " هنا " كدليل على حضوره في المكان . إذ أننا نلاحظ في هذا المقطع الذي أمامنا " سمسار – شاعر – بينات " وكلها نكرات لا معارف كدلالة على التحقير وعدم الاهتمام النفسي من قبل الشاعر . ومن الإمكان أن يتخيل القارئ وظيفة هذا " السمسار " في مثل هذا الجو المشبع بالعفن الإجتماعي ، وأن ما ينسحب على هذه النكرات ينسحب كذلك على العالم " فلكي " وصاحب الجاه والنفوذ , وهنا يجدر بنا الإشارة لا إلى جرأة الشاعر الذاتية , وإنما إلى الشجاعة الأدبية ، ومن المعروف أن الجرأة الذاتية كفيل أن ينسينا إياها الزمن ، لكن الشجاعة الأدبية , هي خلقت من الأمير عبد الرحمن بن مساعد إنساناً آخر في هذا الطرح .

هذاك اللي كلامه منتهى الحكمة
وجوده مثل غيث السحب
هذاك اللي لأجله ترخص أيامك
وتقضي النحب
هذاك اللي يهينك ، وأنت تتلقى
إهاناته بصدرٍ رحب
هذاك اللي شعورك نحوه مبين
مزيج من الغلا والحب
هذاك اللي
إذا لا قدر الله راح
يغطي حزنك الدنيا
وتهمس راح ابن الكلب

إن المتأمل لهذا الكلام السابق يجد أن الشاعر قد نسق ما قاله في أول هذا المقطع بعبارة " ابن الكلب " وأن كل ما قيل عن " هذاك " .. وما جاء من بعدها من كلام ، ما هو إلا استفزاز وتهكم ، استفزاز لذهن المتلقي وتهكم بمدى مستوى التشظي النفسي في العلاقات الاجتماعية .
في هذا المقطع كما في العديد من نصوصه الشعرية حاول عبد الرحمن بن مساعد أن يمزج ابن القصر برجل الشاعر ، فهذا الكلام يكشف قدرة هذا الشاعر على مكاشفة الذات والحديث مع الجمهور بعفوية , وهذا يدل كذلك على قدرته وتمكنه كذلك من تقمص شخصية ونفسية المرتزقة المحيطين بأصحاب النفوذ والجاه ، كما أنه تفاعل مع المشهد وأصبح يكرر مفردة " هذاك " أكثر من مرة وكأنه لا يريد الخروج من هذه الأجواء التي تعايش معها ، حيث انساق مع المشهد الشعري في هذا المقطع انسياقاً عفوياً جارفاً . وهذا الإنسياق أكسبه الثقة بما يقول ، مما قذت عنده هذه الثقة جانب الصدق الذي زرعه في نفسية المتلقي ، إذ تسامى مع المشهد ، وهذا مؤشر على ثقة الشاعر بنفسه وبما يقول . ولو حاولنا أن نعيد النظر بهذا المقطع , نجد أن الأمير في هذا الكلام ويقع تحت هاجس المسؤولية الذاتية " إذا لا قدر الله راح " لكن حركة المشهد الشعري خلصته من هذا الهاجس وانتباهه لنفسه أنه شاهد عيان على وضع قائم ، وليس عنصراً مؤثر في بناء المشهد ، بل هو شاهد على موقف يتحرك أمامه ، لهذا اندفع بنفس الروح السابقة التي بدأ بها هذا المقطع ، فظل متواصلاً معه إلى النهاية " راح ابن الكلب " , وكأنه كان يريد الخلاص من هذا المشهد , ومن هذا المقطع في آن .

أبغي لسؤالي أجوبة
ليه البر والتقوى
مليان بجرايدنا
وليه هموم هالشارع
بعيدة عن قصايدنا

يوجه الشاعر أصابع الاتهام إلى الإعلام ، فهذا الإعلام الذي ظل يصور لنا الواقع من بوابة " البر والتقوى " دون الالتفات لـ " هموم الشوارع " وهموم الناس وأزمات المجتمع ، هذا الأعلام المتمثل بقول الشاعر " جرايدنا " , انعكس على الوعي الذي تشظى من خلال الشاعر والتعاطي مع الكلمة المعبرة الصادقة التي رمز لها الشاعر بقوله " قصايدنا " , كمؤشر على قدرة هذا الشاعر على الاندماج بالجمهور والامتزاج برجل الشاعر من خلال طرح أمثال هذه الأسئلة الدالة على التهكم والتقريع لهذا الزيف الإعلامي الواضح .
ففي هذه المقطوعة السابقة يكشف لنا الأمير عبد الرحمن بن مساعد الزيف الاجتماعي الذي نعيشه , والذي انعكس على الإعلام والشعر ، وأن الهرم لازال مقلوباً ، مما دفعه إلى التساؤل أكثر من مرة ، إلا أنه فشل في الوصول إلى أجوبة مقنعة في هذا الضباب ، غير أنه فتح جرحاً في الذاكرة حول هذا الزيف الإعلامي والاجتماعي , الذي زين الظلام وشوه ملامح الفجر .
في هذا الكلام السابق كما في الكلام الذي سيأتي فيما بعد في هذا المبحث ، أقول في هذا الكلام تتضح لنا شخصية التجربة الشعرية عند هذا الشاعر ، فهو ليس نبياً جاء يبشر بالسلام ، ولا خطيباً جاء يريد إصلاح المجتمع ولا مصلحاً اجتماعياً يبحث عن حلول ، بل هو شاعر يضع يده على الجروح , ويترك الذاكرة فيما بعد تنفتح على مصراعيها ، ومن بعد ذلك يمضي باحثاً عن جروح أخرى محاولاً استفزاز ذاكرات أخرى منغلقة , وفي هذا التناول الشعري , يسعى الشاعر لعكس رؤيته حول الناس والمجتمع , محاولاً الانغماس بهذا الصخب النفسي الإجتماعي ذي النوازع السياسية , تاركًا فيما بعد المسائل الأخرى للمتلقي فيما بعد .

جميل هذا الوقت ، محبط
اكتب بما يرضي ضميرك
تصير حاقد
اشتم بحدة
تصير ناقد
نافق بشدة
يصير مستقبلك واعد
اسرق رغيف
تصير المجرم السارق
اسرق ملايين
تصير الماجد الحاذق

هذا المقطع امتداد للمقطع السابق ، حيث تكلم الشاعر في المقطع السابق عن الزيف الاجتماعي المدعوم إعلامياً ، وعن زيف الضمير وفساد روح الكلمة الصادقة من خلال تهشم العلاقة الطبيعية مع الشعر ، وهو في هذا الكلام الذي أمامنا يقوم بتكبير الصورة وإيضاح الكلام المجمل من خلال تفصيله في هذا المقطع الذي بين أيدينا ، حيث جمع زيف الإعلام وفساد الشعر بقوله " جميل هذا الوقت ، محبط " ثم بدأ يفصل فيما بعد ، إذ تكلم عن فساد الكلمة وضياع روح الشعر والأدب الذي قال عنه في المقطع السابق
وليه هموم هالشارع
بعيدة عن قصايدنا
لكنه أعاد هذه الصورة , لكن بشكل مكبر وواضح

اكتب بما يرضي ضميرك
تصير حاقد
اشتم بحدة
تصير ناقد
نافق بشدة
يصير مستقبلك واعد

فهنا تطرق الأمير عبد الرحمن بن مساعد إلى أمراض الشعر المنتشرة بين الكتاب والشعراء والمهتمين , وسعى إلى تعرية هذا الوضع المتشظي , ثم اتجه فيما بعد إلى الزيف الاجتماعي وفساد العلاقات الإنسانية بين الناس .

اسرق رغيف
تصير المجرم السارق
اسرق ملايين
تصير الماجد الحاذق

لقد اتسعت الدائرة في هذا المقطع وتحولت الأسئلة التي في المقطع السابق إلى جملة خبرية في هذا المقطع ، وكشف لنا الشاعر كم هي سيئة هذه الحياة ، وأن الموازين لازالت مختلة ...
وهكذا ينسحب علينا ما كان يقال عن الأمم السابقة التي إذا سرق فيها الشريف تركوه ، وإذا سرق فيها الضعيف أقاموا عليه الحد وطبقوا عليه النظام .
يقول عبد الرحمن بن مساعد :

العادة جرت
كل ما جو الخليج
صفي وراق
يبتدي العام سام
عزف موال العراق

قيل هذا الكلام قبل احتلال القوات الأمريكية لعاصمة الرشيد ، لكن ما أشبه الليلة بالبارحة كما يقول الشاعر العربي القديم ، ففي هذا الكلام وضع الشاعر يده على جرح ينزف ولا يزال ، ألا وهو مصير هذه المنطقة الواقعة فوق كف عفريت – كما يقال – وبصرف النظر أن الشاعر كان يقصد أو يريد كشف علاقة أمريكا بما يجري ، أو أن هذه مسرحية سخيفة تمثل علينا بكل سماجة ، ونحن لا نملك تجاهها إلا الإذعان والتسليم . أقول بصرف النظر عن هذا الكلام أو غيره ، فإن الشاعر أراد توضيح أن هذه المؤامرات الأجنبية أخذت طابع العلانية والاستمرارية ، وذلك من خلال قوله في أول هذا الكلام " العادة جرت " التي أصبحت سلوكاً اعتيادياً يمارس علينا كل يوم .

هذا التعاطي من قبل الشاعر مع هذه القضايا , والتي كانت تدور حول الزيف والنفاق , وأن كل شيء أصبح مقلوبًا , لذا فهو يعرف هذا الزيف المتمثل بالنفاق , حيث يقول معرفًا هذا النفاق

هرولة صوب اليهود
وبكى على أطفال العراق

لقد كشف الشاعر الزيف العربي في التعاطي مع الأحداث السياسية ، وأنها تقوم على شعور مزدوج من الإحساس بالهزيمة والإحساس بالتشظي النفسي المغموس بالموقف الدوني من الحياة والذات ، ففي الشعور الأول " هرولة صوب اليهود " أي استعداد لبيع الضمير والتنازل عن القضية المصيرية للأمة ، والشعور الثاني " بكى على أطفال العراق " وهو شعور نابع من الضعف وضعف ذات اليد ، لا الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية الإنسانية ، وفي محاولة لمشاهدة هذا المشهد من بعيد ، أو بشكل متكامل ، فإنه دليل على مدى التشظي النفسي الذي يعيشه السياسي العربي أو المثقف العربي هذه الأيام ، فهذه الرموز النخبوية العربية ، بالقدر الذي تبكي فيه على أطفال العراق ، ترتجف قلوبه شوقاً لزيارة تل أبيب .
هنا نستطيع التوصل إلى أن الشاعر الأمير عبد الرحمن بن مساعد لم يكن حاداً بهذا الأسلوب ، بل كانت أساليبه مرنة وكانت لغة طيعة منقادة ، وقد انتهج لبلوغ هذا المسلك نمط القصائد الجديدة ، أي قصيدة التفعيلة التي يحلو للبعض تسميتها بمسميات أخرى ، لهذا خرج هذا هذا المبحث من رتابة بعض الأمور التي يفرضها الجو الاجتماعي أو السياسي في مثل هذه الكتابات , إذ كانت الرؤى الشعرية في هذه التجربة مرنة , ومتناغمة مع الجو النفسي العام للمشهد الشعري الذي تمت مناولته في هذه القراءة .

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس