منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - الليل فانوس كبير
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-2015, 09:45 AM   #1
حمود الحجري
( شاعر )

الصورة الرمزية حمود الحجري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 13

حمود الحجري غير متواجد حاليا

افتراضي الليل فانوس كبير


الليل فانوس كبير

" عروة الغيم السجينة في يد فانوس العتم " (1)

خالد نصيب

هنا صورة مدهشة ، والتقاطه رائعة لليل ، حيث الليل فانوس كبير ، هائل ، وأشبه ما يكون بمارد ضخم .
وهذا الفانوس ليس فانوسا يوزع النور ، والضوء ، والطمأنينة ، لكنه فانوس يبث كميات هائلة من العتم ، والظلمة ، والخوف ، والتوتر .
والغيم ، ما الغيم سوى عروة ، تمسك بها يد هذا الفانوس ، المارد ، الضخم ، لتسخرها لفكرتها الظلامية المسيطرة .
جرّد خالد الفانوسَ من قدرته الخيرة على بث النور ، وبالتالي الطمأنينة والأمن ، وأكسبته قدرة مغايرة تماما ، على النقيض تماما ، وهي نفخ الظلمة ، والفزع ، والقلق المقيت .
فبعد ما كان الفانوس كلمة ضوء في وجه ظلام جائر ، استطاعت اليد الخلاقة ، لشاعر قدير ، هو خالد العريمي ، إخراجه من ائتلافه الجميل ، بث النور ومجابهة الظلمة ، الى اختلاف شعري مدهش ، يتمثل في تقمص الليل ، ليخرج لنا هذا الليل في هيئة ماردية ، مروعة ، مكتسحا كل جحافل الضوء وبيارق الأمل .
لكم أن تستعيدوا في أذهانكم صورة الفانوس الأليفة ، وهو معلق على وتد في جدار يضيّعه الظلام تماما ، يجاهد من أجل فتح كوّة نور ، كوّة أمل ، وشق طريق نحيل في خضم الطغيان الظلامي الكاسح ، انه أشبه ما يكون بذلك الفانوس ( السراج ) الذي كنا نتجمع حوله كفراش ليل لمراجعة دروسنا قبل دخول الفتح الكهربائي المبين ، الذي تغلغل في كل جزيئة من جزيئات حياتنا اليومية ، حتى بتنا لا نروم الاستغناء عنها سويعة من نهار أو ليل ، لا فرق .
وبالمقابل ، لكم أن تتخيلوا ، تماهيا مع الصورة التي يبتكرها خالد العريمي ، لكم أن تتخيلوا ، هذا الفانوس ، وكما في الأفلام الكارتونية ، يتخذ حجما عملاقا ، هائلا ، مخيفا ، بفم ديناصور ، ينفخ العتم في كل الاتجاهات والزوايا ، وفي كل الطرق والمنعطفات .
ان أهم ما يصبو اليه الشعر ، والشعر الجديد تحديدا ، هو شحذ المتلقي على تحريك طاقة التخيل الهائلة لديه ، وبالتالي ايجابية التلقي ، بحيث " يتدخل في خلق القصيدة ابتداء من تصوّرها الأول ، ممارساً فعاليّته بطريقة نشطة من داخل الشاعر ذاته / حيث ينظم أبنيته معتمدا على فروض القراءة " (2) .
للمتلقي مغامرة الولوج في أدغال الجمال الشعري ، ومخاتلة الصور والمعاني المراوغة ، سعيا لجدل ، لا يقل روعة ، ولا يقل بهاء ، هو ، ربما ، ذات الجدل الذي أشار إليه أبو الطيب المتنبي ، ويسهر الخلق جراها ، لحظة كشف مخروطي الضوء ، ورؤية أمامية ومستقبلية ، تستكنه فعل الشعر ، وحرا كه المتواصل ، وديمومته .
هذا الجهد القرائي ، هذا الوعي القرائي ، هو، فقط ، ما يمنحنا المذاق الحقيقي ، واللون الحقيقي ، ويفتح الباب ، على مصراعيه ، لغوايات أخرى ، وحيل وحكايات شتى ، تفيض عن جراب الحاوي .
سحر لا يقاوم ننجذب على مغناطيسه كبرادة حديد .



الهوامش :

(1) خالد العريمي ، شباك ، نشر في جريدة الوطن ، مارس 2005 م
(2) د . صلاح فضل ، أساليب الشعرية المعاصرة ، الآداب ، بيروت ، الطبعة ، 1995

 

التوقيع

للريييييييح
ما
لعثم
نداه

حمود الحجري غير متصل   رد مع اقتباس