منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أُوارُ التّذَكُّر...!
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2017, 08:32 PM   #1
رشا عرابي

( شاعرة وكاتبة )
نائب إشراف عام

افتراضي أُوارُ التّذَكُّر...!




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الشّارعُ الخلفيّ والضّوء المتسَلّل يَنعى بَقايا النّهار، ويَلعَنُ ألف مرّةٍ ما تبقّى من نَهارات،
والرّصيفُ المُتيَبّس يَحتَضِنُ الخُطى بـ لهفَةِ عمرٍ من انتِظار ،
أنينُهُ يَستَنهِضُ الشّفقة _ وليس ثمّةَ شَفوق _ !!

تلك التّفاصيلُ العَينِيّة تَتَواطَأُ على بُؤرَة العين بـ هجمَةِ تأمّلٍ لا يمكن ردّها،
كما الموت حين يَلوي بِـ قبضَتِهِ عنقَ الحياة فلا يُبقي لها فرصةً سوى ابتلاع الشهيق الأخير .

" لم أهرَم بعد وإن شَاخَ منّي القلب فلا زِلتُ أحتفِظُ بِذاكرةٍ فَتِيّة " .....

هذه الجملة التي لَطالَما تَسلّحَتْ بها جدّتي حين كانت تَسرُدُ لي ( ما كان ) في حين تَغفِلُ تماماً عمّا هو ( كائن ) ...!
هي تَتَحدّث وتُعيدُ وتُكرّر ، وأنا أتأمّل وأَفرُطُ عقد التفاصيل لألملمَ تناثرها بـ طريقتي ...
المُدُن والجُدران والنّاس والحِكايات جُزيئات قابلة للعَجن، وقابلةٌ للتّشكيل على هَيئةٍ تُرضي لَحظتي ..
هل سـَ تستاءُ المَدينة إن جعلتُ من جُدرانِها بروازاً..؟!
وما الذي سَـ يُضيرُ المَصابيح إن جَعلتُها مُفرَغَة من الضّوء، مُشبَعة أطرافها بأنينِ الشّفَق ..؟!
وتلكَ السماءُ العَصيّة المَساس المُتَراميَة الفراغ سَـ أُزَركِشُ حواشيها اللّامرئيّة ببَعض نِقاطٍ مُستعارةٍ من بنات أبجد، كَيما أكون مُتجرّدةً من هَيبَةِ حرف...
تلك الزرقاء الوَهميّة تَستَنهِضُني مُستفِزّةً منّي جَناحاي، وحين أرومُ التّحليق تُمسِكُني من وهن جناحاي، فـ أتأرجح
وأكتُمُ وجعي ..!

وبين تمرّدٍ لَحظيٍّ وترقّبٍ للآتي بِنظرَةِ توجّس، أُبقيني قيدَ خطوةٍ تُباشرُ المِضيّ،
ترومُ القفزَ أكثر .. وتتوقُ للهرب دون
( فركش ) تُعرقلُ سعيها ....
ثمّ...
بغتةً أمارسُ الفرملة القسريّة، إذ أن تلابيبَ الخطو تُمسك بلحظَة السّكون الأولى وتَستَوقفني في برزخٍ من حيرةٍ ليست تملكُ لِنفسها عافية الإيضاح .

وأعودُ أدراجي إلى نفس الشارع الخَلفيّ وتلك الجدران الغارِقَة في فوضى صمتِها ،
أُسنِدُ كتفي المُتعَب وأتذكّر حديث جدّتي ....
وأُتمتم :
( سأُحاوِلُ أن أرعى الدّقائق القادمة، كي لا يَكبُرَ في عيني جَدبُ سنينِها ) ....!


الريشة :
الحبيبة الأبعادية
ليلكية

 

التوقيع

بالشّعرِ أجدُلُ ماءَ عيني بـ البُكا
خيطٌ يَتوهُ، ولستُ أُدرِكُ أوّلَهْ!

في الشّعرِ أغسِلُني بِـ ماءٍ مالِحٍ
أقتاتُ حرفاً، ما سَمِعتُ تَوسُّلَهْ !!


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رشا عرابي غير متصل   رد مع اقتباس