ومن الأشعار التي تناولت الكلمة واللِّسان:
ولا خَيْرَ في حُسْنِ الجُسُومِ وطُولِها :: إذا لم يَزِنْ حُسْنَ الجُسُومِ عُقُولُ
لسانكَ لا تَذْكُرْ به عَوْرَةَ امرئٍ :: فكلُّكَ عورات وللنَّاس ألسن
احذر لسانَك أيُّــها الإِنســـــــــانُ :: لا يلدغنَّك إنَّـه ثُـــعبـــــــــــــــانُ
كم في المقابرِ من قتيلِ لسانِه :: كانتْ تهابُ لقاءَه الشُّجعانُ
خلِّ جنبيك لرام :: وامض عنه بسلام
متْ بداء الصَّمت خير :: لك من داء الكلام
ربَّ لفظ جر آجال :: نيــــــــــــــــــام وقيام
إنَّما السَّالم من :: الجــــــــــــــم فاه بلجام
كفى بالمرء عيبًا أن تراه :: له وجه وليس له لسان
وَكَائِنٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ :: زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَكَلُّمِ
لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ :: فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ
لسان الفتى يدعى سنانًا وتارة :: حسامًا وكم من لفظة ضربتْ عنقًا
لسان الفتى عبد له في سكوته :: ومولى عليه جائر إنْ تكلما
فلا تطلقنَّه واجعلِ الصَّمتَ قيده :: وصيِّر إذا قيَّدته سجنه الفما
لا تُطلعنَّ لسان شكوى بائح :: ضجرًا على سرِّ الفؤاد الكاتم
واعلمْ بأنَّ جميع ما فيه بنو الدُّ :: نيا يزول زوال حلم النَّائم
احذر لسانك أن تقول فتبتلى :: إن البلاء موكل بالمنطق
ومـا من كاتب إلَّا سيفنى :: ويُبقى الدَّهر ما كتبتْ يـداه
فلا تكتبْ بكفِّك غير شيء :: يســرُّكَ في القيامة أنْ تراه
وللشاعر العبَّاسي الخبز أرزي/الخبزرزي (نصر بن أحمد بن نصر بن مأمون البصري أبو القاسم) قصيدة موسومة بـ (لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل)، يقول فيها:
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهلُ :: وكلُّ امرئٍ ما بين فكَّيه مقتلُ
إذا ما لسان المرءِ أكثر هذره :: فذاك لسان بالبلاء موكَّلُ
وكم فاتحٍ أبواب شرٍّ لنفسه :: إذا لم يكن قفلٌ على فيه مُقفَلُ
كذا من رمى يومًا شرارات لفظه :: تلقَّته نيران الجوابات تشعلُ
ومن لم يقيِّد لفظه متجملًا :: سيُطلَقُ فيه كلُّ ما ليس يجملُ
ومن لم يكن في فيه ماءُ صيانةٍ :: فمن وجهه غصن المهابة يذبلُ
فلِم تحسبنَّ الفضل في الحلم وحدَه :: بل الجهل في بعض الأحايين أفضلُ
ومن ينتصر ممن بغى فهو ما بغى :: وشرُّ المُسِيئَينِ الذي هو أوَّلُ
وقد أوجب اللَه القِصاص بعدله :: ولله حكم في العقوبات مُنزَلُ
فإن كان قولٌ قد أصاب مقاتلًا :: فإن جواب القول أدهى وأقتلُ
وقد قيل في حفظ اللسان وخزنه :: مسائل من كل الفضائل أكمَلُ
ومَن لم تُقَرِّبه سلامةُ غَيبِه :: فقربانه في الوجه لا يُتَقَبَّلُ
ومَن يتَّخذ سوء التخلُّف عادةً :: فليس لديه في عتابٍ مُعَوَّلُ
ومن كثرت منه الوقيعة طالبًا :: بها عزَّةً فهو المهين المذلَّلُ
وعدلٌ مكافاة المسيء بفعلِهِ :: فماذا على مَن في القضية يعدل
ولا فضل في الحسنى إلى من يمنُّها :: بلى عند مَن يزكو لديه التفضُّل
ومن جعل التعريض محصول مزحه :: فذاك على المقت المصرِّح يحصلُ
ومن أمن الآفات عجبًا برأيه :: أحاطت به الآفات من حيث يجهلُ
أُعلِّمكم ما علَّمتني تجاربي :: وقد قال قبلي قائلٌ متمثِّلُ
إذا قلتَ قولًا كنتَ رهن جوابه :: فحاذر جواب السوء إن كنتَ تعقلُ
إذا شئتَ أن تحيا سعيدًا مسلَّمًا :: فدبِّر وميِّز ما تقول وتفعلُ
وقال صالح بن جناح:
أقللْ كلامك واستعذْ من شرّه :: إنّ البلاء ببعضه مقرون
واحفظْ لسانك واحتفظْ من غيّه :: حتّى يكون كأنَّه مسجون
وكِّلْ فؤادك باللِّسان وقلْ له :: إنَّ الكلام عليكما موزون
فَزِنَاهُ ولْيَكُ مُحكمًا في قلَّةٍ :: إنَّ البلاغة في القليل تكون
وقال الَّلاحقي:
اخفضْ الصَّوتَ إنْ نطقتَ بليلٍ :: والتفتْ بالنَّهار قبل الكلام
وقال منصور الفقيه:
واخرس إذا خفيت أمو :: ر الحقّ عنك عن الإجابة
فأقلّ ما يجزي الفتى :: بسكوته عزّ المهابة
وقال محمود الوراق:
ولفظك حين تلفظ في جميعٍ :: ولا تكذب مقدّمةٌ لفعلك
فزنه إن أردت القول وزناً ... وإلاَّ هدّ من أركان نبلك
وأنشد يونس بن عبد الأعلى هذه الأبيات:
قد أفلح السَّاكت الصَّموت :: كلام واعي الكلام قوت
ما كلّ قولٍ له جوابٌ :: جواب ما تكره السكوت
ياعجباً لامرئ ظلومٍ :: مستيقنٍ أنّه يموت
وقال شاعر:
أرى الصَّمتَ خيرًا من كلامٍ بمأثمٍ :: فكنْ صامتًا تسلمْ وإنْ قلتَ فاعدل
ولا تَكُ في حقِّ الإخاء مُفرِّطاً :: وإنْ أنتَ أبغضتَ البغيضَ فأجمل
ولا تعجلنَّ يومًا بشرٍّ تريده :: وإذ ما هممت الدَّهر بالخير فاعجل
ألا إنّ تقوى الله خير مغبّةٍ :: وأفضل زاد الظَّاعن المتحّمل
وقال آخر:
عوِّد لسانكَ قولَ الصِّدق تحظ به :: إنَّ الِّلسان لما عوَّدت معتاد
وقال آخر:
عثرات الِّلسان لا تستقال :: وبأيدي الرِّجال تجزي الرِّجال
فاجعل العقل للِّسان عقالاً :: فشراد اللِّسان داءٌ عضال
إنَّ ذمَّ اللِّسان مبقٍ على العر :: ض وبالقول تستبان الفعال
وقال آخر:
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه :: وليس يموت الرَّجل من عثرة الرِّجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه :: وعثرته بالرِّجل تبرا على مهل
وقال آخر:
ومن لا يملك الشَّفتين يسخو :: بسوء الَّلفظ من قيلٍ وقال