منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - اللؤلؤ المنثور الجزء السادس
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2015, 02:01 PM   #1
سلمان ملوح
( كاتب )

الصورة الرمزية سلمان ملوح

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 924

سلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعةسلمان ملوح لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي اللؤلؤ المنثور الجزء السادس


أما أستاذي فإنّ له شعراً شريفاً معناه , لطيفاً مبناه ! ومن آخر ما أطربني منه قوله فيما يسمى عيد الحب :


وما عشنا بدون الحب يوما ... كأن هواه للأحشاء قوتُ
سيذبل ورد من جعلوه عيدا ... وورد القلب فينا لا يموتُ

ولو أذن لي أستاذي باقتراح على هذين البيتين , ولا حرج في أن ينقد المفضولُ الفاضل ؛ تماماً كما يُضرب الناقصُ مثلاً للكامل !
فالله قد ضرب الأقل لنوره ... مثلاً من المشكاة والنبراسِ
اقترح أن تكون على هذا النحو :
وما عشنا بدون الحب يوماً ... كأنّ الحب للأحشاء قوتُ
سيفنى حب من جعلوه عيداً ... ويبقى الحب فينا لا يموتُ
هذا ليس أكثر من رأي أراه , وأستاذي أسبق مني أدباً وأعلي ذوقا .

ولم يزل مثل هذا النقد شائعاً في الشعراء , مستظرفاً بين الأدباء ؛ ومنه نقد سيف الدولة لشاعره المتنبي عندما أنشده :
وَقَفْتَ وَما في المَوْتِ شكٌّ لوَاقِفٍ كأنّكَ في جَفنِ الرّدَى وهْوَ نائِمُ
تَمُرّ بكَ الأبطالُ كَلْمَى هَزيمَةً وَوَجْهُكَ وَضّاحٌ وَثَغْرُكَ باسِمُ
فاقترح عليه أن يكون عجز البيت الأول عجزاً للثاني والعكس .

والمتنبي ـ كما يعلم أستاذي ـ اختلف الناس في شأنه اختلافاً عظيما ؛ فهم ما بين غال فيه وجاف عنه ! واختلاف الناس في شأن عالم أو شاعر إنما هو دليل على عظمته وبعد تأثيره ـ كما يقول المنفلوطي ـ ومن سادة الغلاة فيه أبو العلاء المعري , وأستحسن الحكاية التي رويت عنه في هذا , وهي أنه كان في أيام طلبه جالساً في حلقة شيخ يدرس إليه , وتطرق الشيخ للمتنبي وأوسعه ثلباً ! فقال أبو العلاء : أيها الشيخ , لو لم يكن للمتنبي إلا قصيدته التي يقول فيها
لك يا منازل في القلوب منازل أقفرت أنت وهن منك أواهل
لكفى بها دليلاً على سبقه
فقال الشيخ : أخرجوا هذا اللعين عني ! فلما أُخرِج قال الشيخ : أتدرون ماذا أراد بهذه القصيدة ؟ أراد فيها قوله :
وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل

ومن سادة جفاة أبي الطيب الصاحب ابن عباد الذي ألف رسالة سماها إظهار مساوئ المتنبي , واختلاف الناس على المتنبي إنما كان في شعره , أما شخصه فهم مجمعون على ما قال ابن القارح ( لقد كان يتحرش بالمكارم ويحسد عليها إلا أن تكون منه وبه ) أ.هـ وقد أراد القاضي الجرجاني أن يتخذ سبيلا بين الغلاة والجفاة فألف كتابة ( الوساطة بين المتنبي وخصومه ) , ولكنه ما لبث ـ كما قال أحد الباحثين ـ أن وجد نفسه في صف الغلاة ؛ فاستحسنَ للمتنبي ما ليس بحسن , وأجاز له ما لا يجوز ! وأثنى الثعالبي على كتاب القاضي هذا فقال فيه ( فأحسن وأبدع وأطال وأطاب وأصاب شاكلة الصواب , واستولى على الأمر في فصل الخطاب , وأعرب عن تبحره في الأدب وعلم العرب , وتمكنه من جودة الحفظ وقوة النقد , فسار الكتاب مسير الرياح , وطار في البلاد بغير جناح , وقال فيه أحد المعاصرين من أهل نيسابور :
أيا قاضيا قد دنت كتبه , وإن أصبحت داره شاحطه
كتاب الوساطة في حسنه , لعقد معاليك كالواسطه ) ا.هـ
وأياً ما كان فالمتنبي يُعد في صفوة الشعراء العرب , وشعره يُعد في عيون الأدب , ولم يزل الشعراء من بعده يستظهرون شعره , ويردون بحره , وممن تأثر به من المتأخرين وبدا ذلك واضحا فيما ينظمون البارودي وشوقي والقصيبي .
وكتابي إلى أستاذي ليس أكثر من أحاديث يأخذ بعضها بحُجَز بعض , ويجري بعضها على أثر بعض ! ومثله ـ أسعده الله ـ يُستطاب للحديث معه , ويستراح للبث إليه ؛ فهو أديب وشاعر , وأنا محب للأدب والشعر , وقد عز أهل الأدب في هذا الزمن ! وما مثلي ومثله إلا كما قال ذو القروح :
أجارتنا إنا غريبان ههنا ... وكل غريب للغريب نسيبُ
وإذا كان أبوزيد السروجي يشكو ـ في القرن الخامس الهجري ـ كساد سوق الأدب فكيف به لو أدرك زمننا هذا ورآى المصيبة التي حلت بذوق العرب ! فسواء عند العربي المعاصر أن تنشده قصيدة لأبي تمام أو شكسبير ؛ فكلا القصيدتين يحتاج ليفهمها إلى ترجمان ! والله المستعان .

 

سلمان ملوح غير متصل   رد مع اقتباس