و أنا ما يكادُ ينقضي عجَبي من قوله تعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا}. مع أنَّ الألفاظ كما ترى مكشوفةٌ واضحة، يُخيَّلُ إليك أنْ ليس وراءها شيء، و وراءها السرُّ الأكبر؛ فإنَّها بهذه العبارة نصٌّ على إشراف النبيّ -صلى الله عليه و سلَّم- فوق الزمان و المكان يرى بغير حجاب الحواسِّ ممَّا مَرْجِعُهُ إلى قُدرةِ الله لا قدرةِ نفسِه؛ بخلاف ما لو كانت العبارة: "ليرى من آياتنا" فإنَّ هذا يجعلُهُ لِنفسه في حدود قوَّتِها و حواسِّها و زمانها و مكانها، فيضطربُ الكلام، و يتطرَّقُ إليه الاعتراض و لا تكون ثَمَّ معجزة.
و تحويلُ فِعل "الرؤية" من صِيغةٍ إلى صيغةٍ كما رأيتَ، هو بعينِهِ إشارةٌ إلى تحويل الرائِي من شكلٍ إلى شكلٍ كما ستعرفُه، و هذه معجزةٌ أخرى يسجدُ لها العقلُ؛ فتبارَكَ الله مُنزل هذا الكلام!
الأسطورة
مصطفى صادق الرافعي