منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - الشيء الذي ترك لسانه عندي وذهب...
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2014, 04:30 AM   #2
فقـد
( كاتبة )

الصورة الرمزية فقـد

 







 

 مواضيع العضو
 
0 ... مـد
0 ... سبعة
0 ... تحية
0 ... وَعْـد

معدل تقييم المستوى: 18

فقـد سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


نشأتُ...
في بيت جدي
فيلا كبيرة في منطقة راقية، كانت راقية في ذلك الوقت، في مدينة أبوظبي
كان البيت ينقسم إلى غرف كثيرة، تعيش عمتي الكبرى في إحداها لوحدها،
علاقتي فيها سطحية وغير مهمة ولم تؤثر في حياتي غير مرتين، مرتين رسمتا شكل حياتي إلى اليوم
الغرفة الأخرى تعيش فيها عمتين من عماتي، واحدة منهما ربتني وأنا طفلة واعتبرتني ابنتها
العمة الأخرى كانت تكره الأطفال، لكنها الآن صديقتي، ونحكي أسرارنا لبعضنا البعض بشكل مستمر

الغرف الباقية توزعت بين أعمامي السبعة الآخرين غير أبي
وكانت هناك غرفة كبيرة، كانت مقر اجتماعاتهم السرية، كنت أتسلل إليها دائما لأنها تحتوي على تلفاز خاص، وأتاري
وكنت ممنوعة من اللعب بالأتاري غير بعض المرات القليلة التي أعطوني فيها جهازاً غير موصول، ورغم إني كنت أعرف أنه لا يعمل وأنهم يكذبون علي
إلا إني كنت أستمتع بتحريك الجهاز، وأستمتع أكثر باستسلامهم لنقي المستمر، النق الذي سيكون سلاحي الأول مع زوجي

كان أبي يمتلك غرفته الخاصة مع أمي، وكنت أعيش معهما في ملحق صغير بناه جدي بدلاً من التراس الكبير الذي كان يحيط بالغرفة
وكان حمام غرفة أمي أسود، وكنت أخاف من دخوله، وكثيراً ما سمعت أشخاصاً تغني وتصرخ وأنا في الداخل...
ذات مرة كنت أستحم لوحدي، فقام عمي الصغير، والذي تفصل بيني وبينه 5 سنين فقط، بإطفاء الأنوار والضحك بشكل هستيري من الخارج
أنا مت من الخوف، وأغمى علي، واضطر أبي لكسر الباب وحملي إلى المستشفى
في ذلك اليوم اكتشف الطبيب أني أعاني من ضعف بسيط في عضلة القلب،
ونصح أبي بضرورة إخضاعي لعدد من الفحوصات الطبية البسيطة حتى لا تتفاقم المشكلة
استمرت الفحوصات حتى أصبحت في العشرين من عمري، ثم مللت... وقررت أن أتوقف عن إجرائها،
وصف لي الطبيب بعض تمرينات التنفس، والكثير من تمرينات اللياقة البدنية، ما جعلني أدمن رياضة اليوغا

كانت علاقتي بجدي وجدتي أكبر من علاقتي بأمي وأبي
بالنسبة لي كانت أمي عمة أخرى، وكان أبي عم آخر، أما جدي فقد كان هو المربي، وهو المعلم...
وجدتي هي خط الدفاع الأول، وحضني الدافيء
علمني جدي القراءة والكتابة وأنا في الرابعة من عمري، وكان يهتم بتعليمي القرآن والصلاة
أما جدتي، فقد علمتني التنسيق في ملابسي، وكانت تطبخ لي ألذ الأكولات في الحياة...
ولأني عشت في بيتهما مع أعمامي الآخرين، اعتدت على أن أناديهما: أمّاه، وأباه،
وحتى بعد أن جاء الأحفاد الآخرين، سأظل أنا الوحيدة من بين الأحفاد التي أناديهما بهذه الطريقة،
حتى بعد سنوات طويلة من انفصالي المفاجئ والغريب عنهم

قررت أمي أننا سننتقل لبيت آخر خارج المدينة، وكان هذا الانتقال بالنسبة لي حجر كبير وقع في منتصف حياتي
لذلك اعتبرت أن أمي هي عدوي الأول، وصرت أعاندها بطريقة مدهشة ستستمر لفترة طويلة، إلى أن يقوم أبي بكسرها
وأشعر بضعفها الكبير، وسأحاول قدر الإمكان أن أحميها وأن أسند ظهرها... قدر الإمكان
أبي، وافق على إبقائي في نفس مدرستي في مدينة أبوظبي
لمدة ثمانية أشهر أخذني أبي بسيارته من مدينة بني ياس إلى مدرستي، ثم أعود منها إلى بيت جدتي
أتغدى هناك، وأعود مع أبي في المساء إلى بيتنا الجديد
كانت رحلتنا اليومية أنا وأبي هي أجمل حدث يوميّ،
كان أبي يحكي لي العديد من الحكايات، ويسألني عن مدرستي وعن حياتي، ويناقشني في مواضيع كثيرة
وكانت ألذ المواضيع هي التي يختمها بعبارة: "بيني وبينك... لا تخبري أحداً"
كنت أهز رأسي بجدية، وبعد أن يدير لي ظهره، أقفز من كرسي السيارة وعلى فمي ابتسامة كبيرة، لم أبتسم مثلها حتى اليوم
وبسبب علاقتي هذه بأبي، تفهمت كثيراً قراره بنقلي إلى مدرسة أروى الابتدائية للبنات في مدينة بني ياس
وعندما جاء ليكلمني حول الموضوع، هززت رأسي، ولم أبك مثل الأطفال، رغم الوخزة المؤذية التي انغرست في قلبي
والتي نسيتها مباشرة بعد أن اكتشفت أنني يجب أن أمشي إلى المدرسة الجديدة التي سأنتقل إليها، وأعود إلى بيتي مشياً أيضاً

كان البيت الذي انتقلنا إليه صغير جداً
بالنسبة لأمي كان هذا البيت الذي لا يقارن ببيت جدي، نقلة مؤلمة
كان يحتوي على شجرة سدر كبيرة مزروعة خارج المنزل، وتسقط ثمارها كل يوم وطول الوقت إلى الحوش الداخلي لبيتنا
وكان على جذعها، هذه السدرة، شكل وجه، وجه آدمي له عينان وفم وأنف
كنت أسمعها كل يوم تناديني باسمي، وكانت تحتفظ لي بثمرات السدر اللذيذة والخالية من الدود فوق سطح المنزل، في كومة صغيرة خلف أوراقها
ذات مرة وأنا آكل السدرات، سألتها عن سر وجهها، لأنني لم أر من قبل شجرة بوجه، ولا أعرف لماذا لم أندهش عندما ردت عليّ...

قالت لي بأنها كانت فتاة جميلة تعيش في البيت المقابل لبيت أبو سالم المعمري، وبأنها نست اسمها لأنها لم تستخدمه من زمان
كانت ظفيرتها طويلة تصل حتى منتصف ظهرها، "ورثت شعري الناعم وعيناي الواسعتان من أمي الهندية" قالت وهي تهز أوراقها
كانت في الثانية عشرة من عمرها فقط، لكن معظم الشباب تهافتوا لخطبتها، هكذا هكذا مثل الدود
ثم توقفت فجأة وحركت غصنها تجاهي: هل تخافين من الجن؟
قلت: هل أنت جنية؟
- لا لا، أنا سدرة…
- لا أخاف من الجن… أختي الصغيرة تخاف منهم
في ذلك الوقت كانت أمي قد أنجبت أختي صفية، وكانت صفية، بعد أن بلغت عامها الثاني تنام معي على سريري أحياناً
قالت سدرة بأن ابنة عمها سلمى غارت منها، كانت سلمى ذات شعر أجعد، وكانوا ينادونها الإثيوبية،
وكانت تحب ابن عمهم خلفان، ابنه المتوسط، "اللهم صلي على محمد... نسيت اسمه، لكنه تقدم لخطبتي..."
قبل العرس بيومين جاءت سلمى لزيارتهم، وأعطتها هدية بمناسبة زواجها
في اليوم التالي استيقظت وهي شجرة، شجرة كبيرة...
قالت: شعرت بالرعب، صرخت، ضربت أركان المنزل، لكن لم يحدث شيء
أحضر أبوها عدداً كبيراً من المشايخ ليقرأوا عليها لكن... لم يقدر أحد على فك السحر
كانت أمها ترويها بالماء كل يوم، وتأمرها بالصلاة وتضع أمام وجهها مصحفاً صغيراً للذكر
في النهاية اضطرت عائلتها للانتقال من المنزل لأن أمها لم تحتمل رؤيتها على هذه الحال... وجئنا نحن وسكنا في البيت

أخبرت أمي بالقصة لكنها أمرتني بعدم الصعود لسطح المنزل
وصارت تعاقبني كلما رأتني أقفز فوق خزان الماء الكبير خلف البيت، لأنه كان وسيلتي في الصعود لسطح البيت
توقفت سدرة عن الحديث معي بعدها، لأنها لا تريد أن تشعل المشاكل بيني وبين أمي
لكنها استمرت في قذف ثمار السدر فوق رأسي كلما مررت من تحتها إلى المنزل....

 

فقـد غير متصل   رد مع اقتباس