منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - مبسم التعبير
الموضوع: مبسم التعبير
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-27-2013, 02:32 AM   #1
علي آل علي
( كاتب )

الصورة الرمزية علي آل علي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 23

علي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعة

افتراضي مبسم التعبير






هذا أنا بحلّه، وترحاله، وهندامه، أضعُ على رأسي القبعّةُ العثمانية المُذيّلة بذيل كذيل الفرس الأصيلة، لي شارب خفيف، وذقن ممّرد كالقوارير، ونظّارة ناعمة الحواف أضعها على عينايّ لكي أبصر الأشياء كما هيَ، ليس كما تميّزه عينايّ المجردتان من بصيرة نافذة، أو نافدة، أيهما أصحّ يا ترى، لعلَّ للإدراك منظار بؤري كي يميّز الكلمات ويفندها عن بعضها، حتى لا يختلط المعنى بالمغنى، وحتى لا تتراشق التعابير برموز لا أعلم معناها الحقيقي.

القبعة العثمانية لا تدلّ على أنني عثماني، أو تركي، بل أنا العربي الأصيل الذي يستظل بظلال الخلافة العثمانية منذ نيف من زمن ليس بالقريب، وليس بالبعيد، أظنّ هذا التعبير مألوف بيننا، نستخدمه قصداً أو بغير قصد، بتقليدٍ أو بغير تقليد، وهكذا دواليك، لعلَّ مدلّكًا بالجوّار ألجأ إليه لكي يقوم بهمزي، وغمزي، لأسأله ما قصدك يا تُرى.

أقرأُ عن الروزنامة وتلك الأرقام التي نستخدمها، لازلت أقول بأنها أرقام هندية، أما أرقامنا العربية فقد نزعت لتستخدم من قبل الإنجليز، وهذا ليسَ بالغريب إذ أنهم استخدموا كل أدوات حضارتنا، حتى الموائد المهذبة بالسكاكين، والأشواك، والملاعق، ومناديل الطاولات الحمراء، وباقة ورد تهديها لمن تحب، وما بقيَ من تراث، كل هذا صُبّ في أوعية عقولهم، لتسكب بداخل كؤوس الموائد الممتدة أمامهم وفيها أصناف الأطعمة، التي قُدرت مقاديرها، بحذافيرها، لنكون وجبةً هنيئة مريئة تُحرّك البطون لكي تفرغها في حاويات القمامة، أو جزء من هذا النص محذوف لأسباب خارجة عن المألوف.

لعلّي جننت من كثرة قراءتي المتتالية، فكلما أقرأ كتاباً أصاب بهوس التأليف، بأن أكتب الأسطر المتبادلة الأدوار، ليكون لكل سطر هيئته المثلى، كشخوص يجسدها الروائي، نقرأها من خلال تصرفاتها، أحاسيسها، مقاصدها، وغرائزها، ثمَّ تتكون الحياة الأخرى في أخيلة لا نهائية.

من أينَ جاءت الأفكار يا تُرى؟ من الآهات! هكذا إجابة رأيتها، ولعلّ من يقرأ هذه الأسطر يرى أجوبة أخرى، بحسب اللبنة التي أتى منها، وأتيتُ أنا منها! إنها فلسفة مزجاة بفلكٍ له بعدٌ لا تدركه الأبصار، والبصائر، والخيالات عبرَ خيالات أعمق وأدق تفصيلا.

للتاريخ مرآةٌ واحدة، لا بد من تأملها عمراً بكامله، حتى يتجلى المشهدُ النفسي المُخبأ في ملامح الجسد، ولكي يُقال إنَّ التاريخ يُعيد نفسه، من خلال الروح، ومن خلال الواقع، بأيّ حالٍ يُقاس سيقاس، أهمّ ما في الأمر بأن العبرة تلج إليك كما يجب، لتكون إنابة واحدة، لمنعطف مسيرتك المتسارعةُ الخطى.

سأختارُ اسماً لي لكي أُعرف من بين أخلاء لي، لهم نفس التحركات، ولا يتفقون في الصفات مهما بدا التشابه واضحاً، سأختار " هارون " كاسم هارون الرشيد الخليفة العباسي الذي قلّبته أهواء المؤرخيّن بما لا يليق به أحياناً، وأخرى تنزله منزلته الحقيقية، هذا بيان له مغزى، وإشارة بأنَّ الغرائز تُحيك الصفات كما تحب، لا كما يليق بالواقع، وليس كالحق الأبلج، إنها منازل بطون الأهواء لا منازل العقول كإدراكي من هذه الحياة آخر هذا المنعطف المعطوف على الذات نصباً وجزماً وجرًّا.
آن لهذا التعبير أن يخرج من حبسه الانفرادي، إلى حبست الخشبات خمساً وخشبة واحدة، إلى طفل نازعته الأقلام جهداً بأن يكون طفلاً، لا أن يبلغ من العمر رشداً، إيثاراً بأن يبقى بداخل بلوّرة الأوهام السحرية، العالم بداخلها شاعريّ، يوزن موازينه تلميذ الفراهيدي، شاعر ومحبرة واحدة، ليّخلد الشعر ويموت الأثر.

 

علي آل علي غير متصل   رد مع اقتباس