منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - قبلة على فمِ العدوّ
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-20-2013, 02:37 AM   #1
سارة النمس
( كاتبة جزائرية )

افتراضي قبلة على فمِ العدوّ



قبل أن أستقل الطائرة ، كان عليّ أن أنسلخ من كل ملامح عروبتي ، و أن أصبح دمية " باربي شقراء " ، تصلح لهذا الدور الجديد ، لقد اختاروا لي اسمًا فرنسيًا له وقع موسيقي جميل على الأذان " مونيك " ، و ملابس مثيرة تليق بجسدي الممشوق ، اقترحوا عليّ أن أغير لون شعري و لون عينيّ أيضًا ، و غيّرت كل شيء بكل سرور ، و أنا أقف أمام المرآة حتى أنا لم أتعرف على نفسي ، هذا الإنعكاس هو لأية امرأة أخرى في العالم إلاّ أنا ، هذه ليست " إيمان " أبدًا ، لقد أصبح لون شعري ذهبيًا و طال في غضون ساعة ، و لون عينيّ أصبح أزرقًا ، لم أتعود على أن أكون مادة للإغراء ، فلطالما كنت مثيرة لرجل واحد فقط هو " حازم " ، و لطالما آمنت بمبدأ أنه ليس ضروريا على المرأة أن تفتن كل الرجال ، و تسيل لعابهم ، رجل واحد يكفي ، و لكن اليوم هذه المهمة تستحق أن أتخلى عن فكرة إسلامية ، من أجل تبني أخرى . .

و أنا جالسة أطالع رواية فرنسية في الطائرة ، اشتهيت أن أتم رواية " النزيف " ل علي صحراوي التي تتحدث عن فصل من فصول تاريخ الجزائر ، ثم تذكرت أنه عليّ أن أمارس حياتي الجديدة كلها ك " مونيك " و ليس ك" إيمان " ، و ليس من حقي أن أكتب كلمة عربية أو حتى أقرأها ، و أنا أستيقظ يمنع عليّ أن أصغي إلى أنغام فيروزية ، بل " إيديث بياف ، أو " باتريسيا كاس " أو " لارا فابيان " لا يهم ، ما يهم ألاّ أجرؤ على أن أكون " إيمان " حتى بيني و بين نفسي . . .

ثم انتبهت إلى القميص الأبيض الذي التصق بصدري عليه علم فرنسي ، و تذكرت كم مات من أجدادي الجزائريين فقط لترفرف راية العلم الجزائري عاليًا في السماء ، هنا غصة أخرى كان عليّ ابتلاعها و انسلاخ آخر كان عليّ أن أقوم به ، تخليت عن كل شيء ، اسمي ، ملامحي ، هويتي ، طباعي ، ديني ، و أي غلطة مني سأدفع ثمنها غاليًا ، لذلك هو ليس الوقت المناسب للحنين إلى ما كنت عليه ، فأنا أحتفظ بكل شيء داخلي ، و سأنفذ المهمة و أعود إلى حياتي السابقة .
وصلت أخيرًا ، و كان " إيزرا " في إنتظاري رفقة صديقته " ديفا " ، عانقني مغازلاً و قال أنني أجمل من " إيما " بكثير ، حاذفًا حرف " النون " بدهاء ، فأجبت بعد أن نفثت بوجهه دخان السيجارة التي كانت بين شفتيّ :

- من هي إيما ؟ لا أعرفها ؟ ثم أنا لا أحب أن تقارنني بأية امرأة أخرى . . خذني إلى الفندق
- ألا تريدين أن تذهبي في جولة من أجل التعرف على إسرائيل ؟

يتبع . . .

 

التوقيع


لقد فهمتُ أخيراً معنى أن تتركَ وطنك لتكون في وطن الغير
الأمر أشبه بأن تترك بيتك و تمكث ضيفاً في بيت آخر
ستدرك أنك مهما مكثت ستظل ضيفاً و لست صاحب البيت !

من رواية " الحب بنكهة جزائرية "

سارة النمس غير متصل   رد مع اقتباس