بعض من عرفت
( الجزء الثاني )
( 3 )
اذا كنت في كل الامور معاتبا صديقك لم تلق الذي تعاتبه
فعش واحدا أو صل اخــــاك مقارف ذنب تارة ومجانبـه
بشار بن بُرد
أحمد ( صديقي الذي هجر الموسيقار ونصحني بتركه )
صديقي احمد سعى اليّ للحصول على اعمال للموسيقار لا توجد لديه يعرف بعضها ويجهل اكثرها , جاء يوما الى مقرّ عملي ولم اكن موجودا ولأنه يعرف بعض زملائي طافوا به بين الأقسام وبالصدفه شاهد مجموعة من الكتب الخاصة بالموسيقار كنت اتيت بها للمكتب , فازداد حماسه لمعرفتي وتم له ماأراد .
كان هذا في عام 1978 او 79 / .. صديق فرحت لمعرفته فقد كان ولايزال دمث الخلق مرح الطباع صادق الوعد , واسعدني الحظ بمعرفة اخوته الذين لايختلفون عنه خلقا وطباع اخصّ منهم شقيقه الأكبر حواره جميل وقناعاته رائعه بسيط وشعبي بالمجمل .
استمرت صداقتنا ردحا طويلا من الزمن كنت فيه مصدره لأعمال ومعلومات وتاريخ الموسيقار .
كان لنا فيها الكثير من المواقف الطيبه والأحترام المتبادل , وكان جُلّ اهتمامنا بأعمال الموسيقار الفنيه والغنائيه نتبادل المعلومات حولها , احضرنا الكثير من الأفلام التي كانت بكرات سينمائيه استمتعنا بمشاهدتها والأستفادة من تسجيل اغنياتها .
ودار الزمن دورته حيث سافر هو للدراسة في امريكا وكان يراسلني بين حين وآخر ويزودني بأخباره , وكنت افرح له وادعو بقرب عودته , وحين عاد كان رجلا اكثر انفتاحا , لكن اهتمامه بالموسيقار لم يكن كما كان قبل سفره , فقد انصاع للحياة الغربيه حتى في سماعه للموسيقى , وتراجعت كثيرا درجة عشقه لموسيقى موسيقار الأزمان .
لم استغرب او اتضايق من هذا التحول , فكل امريء حرّ... في قناعته وتحديد اسلوب حياته , المهم اننا بقينا اصدقاء , ولم يتم اي تغيير فقد امتزجت نفوسنا وميولنا الأنسانيه باستثناء درجة ميلنا للموسيقار فأنا توسعت كثيرا بينما هو تراجع .
اخذتنا دوامة الحياة ولم نعد نشاهد بعضنا كما كنّا , ولاغضاضة في ذلك فهو امر يحدث حتى بين الأخوه .
فوجئت به يوما يتصل علي ويحدد موعدا لزيارتي , فرحبت به واعددت له موجبات الضيافه , لكني رأيت انسانا آخر !!
فقد اطال لحيته وبدا لي من حديثه واسلوبه ومظهره كأحد المشايخ ؟
سألته عن هذا التغيير فأجاب انه ( التزم ) وهي كلمة تقال عندنا لمن يهجر الأغاني والسهر والسفر واحيانا مشاهدة التلفزيون !
بل ان البعض لايعجبه العجب ولا الصيام في رجب !!
وكأن الحياة عبادة وتزمّت وانتقاد لأي فعل لايأتي على هواهم ؟
والنتيجة مانشاهده اليوم فقد انقسم المجتمع بين تطرّف وانفلات الا من رحم ربي .
غادرني صديقي ولم يضايقني بفعله فكل انسان وخصوصيته طالما لم يطالني منه اذى .
وأسفت ان صديقي بوضعه الحالي لن يهتم بزيارتي مثلما سبق لكنها حريته وقراره .
فيما بعد وصلني منه خطاب ( لازلت احتفظ به ) كال فيه التُهم والتكفير للموسيقار ومذهب الدروز وكتب فيما يشبه التهديد انه علي التبروء من الموسيقار وماكتبته عنه وسوف يكافئني ان فعلت هذا , وإلا فإنه سيقطع صلته بي !
طويت الخطاب ونسيت الأمر , فلا أحب الأملاءات ولا الوصايه , ولأن اي قرار اتخذه يجب ان يكون نتاج قناعتي وليس امتثالا او فرضا .
بعد سنوات عادت صداقتنا ولو بشكل خفيف , بقي هو على وضعه الجديد وانا كما كنت , وفي لقاءاتنا نتحدث طويلا في امور الحياه واحيانا عن الموسيقار وقد خفّت حدّته كثيرا بل انه طلب مني رابط الموقع فأعطيته اياه , لاأنكر اني تضايقت من ذاك الخطاب لكني مع الايام نسيته .ولاتزال صداقتنا قائمه رغم انها ليست كما سبق , تمضي الشهور دون لقاء او اتصال , ومع ذلك فالأحترام بيننا قائم .
اعيب على صديقي انفعاله وسرعة تأثره واستعجال قراره , ولو منح نفسه وقتا في الحكم على الأمور لطاب فعله واتضحت رؤيته , لكنه بالمجمل انسان نقي لم يطالني منه طوال سني معرفتنا اي مأخذ الومه عليه .
ويبقى اي فعل جميل تحفظه النفس ولاتؤثر عليه مجريات الأحداث .
القادم صديقي الذي اراد غوايتي وانقذتني منه عناية الرحمن