أنا الذي افتضَّ أبكارَ النُهى و سَمَا
على المُنيفاتِ... و الأقلامُ تنتحرُ
إذا وردتُ حياض العلم ...أَشْرَبُهُ
و أتركُ الخاملَ الوَسْنَانَ ينتظرُ
معابداً من سديم الحبر أُشْعِلُهَا
نُوُرَاً فيرفضُّ منها الجنُ و البشرُ
هنا الشموسُ تلاقتْ بينَ ذاكرتي
و استشرفتْ من ثنايا منطقي الدُررُ
إذا تفاخرَ بين الناسِ ذو جِدةٍ
فإنني باليراع الحُرِ أفتخرُ
تموتُ بالجهل أسماءٌ و أزمنةٌ
فينا.. و تُحْيِيْ رُفاةَ الراحلِ الفِكَرُ
يا أيها الجيلُ هذا العصرُ عصركموا
خذوه أبلج مثل الصبح .. تنتصروا
خذوا محاسنه العذراءَ و انطقلوا
قُدْمَاً و حيدوا عن الأقذاء و استتروا
في ومضة الحرف أسرارٌ معتَّقةٌ
للروحِ.. لو أخلص الكتابُ ما نشروا
إني رأيتُ ظلام الجهل ذو رمدٍ
أعشى.. و فجرَ النهى كالفجرِ ينتشرُ
كنا نراغم عين الشمس معرفةً
حتى أتتنا نواصي المجد تعتذر
نحن الأُلى سطروا التاريخ تحمله
عبر الزمان إلينا الشمسُ و القمرُ
فما لنا اليوم يا قومي نُهدِّمُ ما
لو كان للغربِ عُشْرٍ منه لافتخروا
ماضٍ من الفجر أطفأنا مشاعله
كي نستضيءَ بداجٍ ما له شررُ
نسابق الدهرَ تأريخاً و مُنْتَسَبَاً
و نبعثُ الرِّمَمَ الثكلى و نفتخرُ
ننازعُ الحِقَبَ الصماءَ منطقها
و نرتدي حُلة الماضي و نتزرُ
كنا نصرِّفُ للأفعالِ أزمنةً
أُخرى و لكنَّ هذا الجيلَ يختصِرُ
يا موطنَ الضادِ هَلاَّ أتْقَنَتْ لُغتِي
فَنَّ "المُضارعِ" .. أم أْفَعَالُها خَبَرُ !!؟
ما لي أرى لغةَ الأجيال تلعَنُنَا
و نحن نُطْرِقُ في صمْتٍ ... و نُحْتَقَرُ
يسافرُ الفكرُ بالأجيالِ صاعدةً
نحو الأعالي إلى حيثُ النهى صورُ
تجسمتْ في خضمِّ الدهرِ أغنية الـ
ـماضين حتى تغنى البدو و الحضرُ
و إن نظرتُ إلى عصري وجدتُ أسىً
يقتاتُ من كبد الماضي و يحتضرُ
غدا ستختلق الأقدارُ في وطني
جيلا يُباهي به الركبان و السيرُ