منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أخيلة الخيلاء وواقعية الواثقين
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2012, 12:11 AM   #1
علي آل علي
( كاتب )

الصورة الرمزية علي آل علي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 23

علي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعة

افتراضي أخيلة الخيلاء وواقعية الواثقين



في هذا اليوم تعلمّتُ شيئًا مهمًّا ، بأن أكون راضيًّا عن أدائي ، وألاّ أهتم بإرضاء غيري ، وأيقنت بصحة مقولة ( إرضاء الناس غاية لا تدرك ) فكم من مرّة سمعتها محاولًا إيحاء ذلك إلى نفسي بأنها مقولة صحيحة ولا غبار عليها ، ولكن في الحقيقة كنت أخادع نفسي ليس إلا ؛ لقد كنت أتوق بنهم إلى رؤية المعجبين ، مع علمي الشديد بخطورة التعلّق بهذا الحال ، إلّا أنّها رغبة النفس اللعوبة والتي لم تروّض بعد .
ولكنني لم أسلّم لهذا ، ومع التدريب الشديد والقاسي أحيانًا ، وأحيانًا أخرى يغلبني النعاس لأجد بأنني ما زلتُ مستيقظًا على وقع فتنة العجب - نعوذ بالله منها – استطعتُ بتوفيق الله أن أحلل هذا كي أصل إلى نتيجة مرضية تامّة الرضى .
إنّ مسألة الثقة والخيلاء مسألة عقيمة جدًا ، يصعب على كل ناجح التفريق بينهما ، فهما كالتوأم تمامًا ، متشابهان في الشكل ، مختلفان في المضمون ، فحتى المطلع والواعي قد يقع في هذا الاشتباه ، بأنّه يمضي بكل ثقة وهو في الواقع ثمل لحد النخاع بالخيلاء والغرور ، ولكي نفصل بينهما حينما نرى أحدهم ، فإن رأيناه يسهب في طرحه لأفكاره وكتاباته لا يبغي من ذلك إلّا أن تصفق لهُ الحشود بحرارة ، وما أن يعارضه أحد أو ينقدهُ في اقتباس ما حتى نجده يتضجر ويمتعض ويبدأ برمي الشتائم نكالًا بمن اعترض طريق خيلائه ، هذا إن تفاعل مع الأمر بجدية مجاهرًا بأفعاله ، وإلا فإنّه سوف يعرض عنه ولا ينظر إليه حتى ، ظنّا بأنّه جاهل لا محالة ، أو يخالجهُ شعور بأنّه ليس ندًّا له ، وهنا يقع في الخيلاء والغرور .
ومن أمثلة ذلك كأن يتجاهل نشاطات مجتمعه ولا يتفاعل معها ، لأن ذلك يتعارض مع شموخه ودهائه ، تجده يكثر السخرية لأولئك الآخرين ويسفّه أحلامهم ، ويحتقر أفعالهم ، وقد يصل به إلى عدم مبادرة السلام على الأخرين ، أو أن يردّ السلام بكل لباقة واحترام ، يا لهذه المرحلة التي وصل إليها وهو لا يعلم حقيقة خيلاءه مؤمن بأنها أفعال تحافظ على مستواه الإقليمي والجغرافي في هذا العالم ، إنّه يظن بأنّه يفعل حسنًا وهو في الواقع منكرًا ، يوقعه في كبيرة من الكبائر وهي ( الكبر ) فنعوذ بالله من هذا .
حدثني عن الواثق الخطوة حينما يمشي ملاكًا بدلًا من مِلِكًا ، حينما تكون مسيرته تواضعًا وخلقًا ، نورًا منيرًا ، حدثني عنه كثيرًا أمين الأمّة محمد عليه الصلاة والتسليم ، وذلك عبر أحاديثه الشريفة من وحي يوحى إليه ، أحاديث ترشدك إلى أن المجد ليس تمرًا أنتَ آكله إنما من تجرّع الصبر مرارًا وتكرارًا ، تنبع تلك الأخلاق الكريمة من منابع الآلام والمعاناة الطويلة ، تصقل فؤاد المرء صقلًا ، حتى يفهم بأن المجد هو في حسن الخلق ، والمعاملة ، وشكر الناس ، وإيتاء كل ذي حق حقّه ، والحفاظ على الأمانة ، وهلمّ جرى من أخلاق وسمو فكر وتألق في اللباقة ..
هنا أجد النفس قد تتلمذت جيّدًا ، قد تسربلت عباءة التقوى ، قد فهمت بأن لا فائدة ترجى من حديث الناس ، وأفعالهم ، ونجاحاتهم ، وإعراضهم ، قد فهمت بأن الغاية الأسمى لا تكون في الشهرة ، والبروز الإعلامي ، والثقافي ، وحتى الديني ؛ بل إن الغاية هي من سيدخل الجنّة يا ترى ؟
هنا أجد بأنّ الملكة التي استودعك الله ، هي من أجل رسالة ما توصلها ، لا من أجل أن يمجدوك الناس ويعلون لك شأنًا ، هي موهبة فريدة أُهديت إيّاها كي تساعد من كان محتاجًا ، كي تكون لبنة تحفظ للبناء صموده ، وهذا البناء هو الأمة التي تعيش فيها .
ختامًا : هي أحاديث نفس تحاول أن تبرأ من هذا السقم ، فدوّنت كل أفكار لديها ، حتى تساعدها على الاستمرارية ، لا أن تكون ممن يؤثرون التواكل على التوكل ، قد نجد ما ذكرت في أمّهات الكتب ، لكن هل أحسست به داخليًّا كي يدفعك لقبوله على أنّه مغيّر لا أن يكون لك ذلك المقيّد .

تم بحمد الله وتوفيقه
- علي بن مجدوع آل علي

 

علي آل علي غير متصل   رد مع اقتباس