منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - كيتــي (3 فصول )
الموضوع: كيتــي (3 فصول )
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2012, 05:48 PM   #2
سعود القويعي
( كاتب وناقد )

الصورة الرمزية سعود القويعي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 535

سعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعةسعود القويعي لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي



الفصل الثاني

لم يكن من الهيّـن على ( جيوفاني ) الغوص في تجربة خطيرة دافعها رغبته في هداية غانية سلكت طريق الشيطان ، وبرغم تحذير صديقه الراهب ( آلدو ) من تأثير ذلك الأمر على سمعته وهو المعروف بورعه وبعده عن كل امر مشبوه ، الا انه سعى لهذا الأمر واثقأ و .... متحديا !
بعد أيام وفي صبيحة يوم مشمس ، خرج من الدير ليمارس رياضة المشي في شارع
( جنوه ) الطويل المجاور للدير كعادته صباح كل يوم ، يخطو خطواته في ذاك الشارع بهدوء ، مطأطيء الرأس بينما يداه مشبوكتان خلف ظهره .... يفكر ويتأمل في امور الدنيا واحوال الناس ، يرتجي الخلاص من كل الوان الشرور ويدعو الله الهداية للبشر .
ولكنه حين دلف للخارج ينتوي مشواره فوجيء بشقيقه ( لويجي ) يفترش احدى زوايا الدير الخارجيه ، وبدا واضحا انه كان ينتظره فقد كانت عيناه ترقب باب الدير ، وحين رأى شقيقه هبّ واقفا وهو يحتظن حقيبة صغيره واتجه نحوه ثم انحنى يقبّل يده ، وكان باديا عليه من صحوه ومايحمله انه انتوى امرا ؟
قال لويجي : فكرت كثيرا في ماعرضته علي واقتنعت به ... سوف ارحل الى القرية وامكث هناك واباشر المزرعة والمنزل ( سكت لويجي لحظة ليرى نتيجة قراره على اخيه ، وعندما لمس الأرتياح باديا على وجه اخيه قال متابعا : ان لم ترني خلال شهر فاعلم اني قررت البقاء هناك .
ربّـت الراهب على كتف اخيه وباركه . ورآه وهو يغادر المكان ويختفي بين ازقة الحي .
سار ( جيوفاني ) في طريقه اليومي ، يعلوه السرور وتحـفّ به حلاوة النصر ، فقد استطاع التأثير على اخيه الوحيد وان يبعده عن سلوكه المشين. وفجأة تذكّر شيئا ، فتوقف ثم رفع يده الى ذقنه يتحسسها ويتسائل : كاترينا ... اين هي ؟ وهل ماقالته نوعا من العبث والسفسطه ؟! ثم زمّ شفتيه وهمس بصمت : يالها من غانية لعوب ، لاشك انها نسيت ماقالت بل ونسيتني انا ايضا!
كان هذا رأي ( جيوفاني ) في الصباح ، ولكن المساء كان يحمل في احشائه امرا آخر
فحين توارت الشمس خلف الأفق وتبدّل لونها من الأصفر الزاهي الى لون الغروب الشاحب ، وقبل ان يطلّ القمر بضحكته ... وصلت الى الدير فتاة شقراء تتراقص بقدميها فوق الأرض واختارت لها موقعا مرتفعا وربضت فوقه ثم القت بيديها الناعمتين تتحسس الأرض وتدور عيناها حول المكان ، لاتفارقها ابتسامة تطل من خلفها اسنان بيضاء لامعة نظمها الخالق بروعة تعجب الناظر . ولم تكن هذه الفتاة سوى ( كاترينا ) فتاة الحانه ، جاءت تبحث عن ( جيوفاني ) لتنفيذ ماأتفقا عليه وانتظرت بالخارج ... فبرغم استهتارها بنواميس الحياة الفاضله الا انها لم تشأ دخول الدير ...
ربما بقية من خير ، او خوفا ، اوحرصا على مشاعر ( جيوفاني ) ؟ كل شيء ممكن .
لم يطل مكوث ( كاترينا ) .. فلقد لمحت شخصين يتجهان الى المدخل ، وعلى الفور عرفت احدهما انه ( جيوفاني ) الذي حين رآها اقبل صوبها ، فقفزت ترحب به وتخبره انها جاءت حسب الأتفاق .
قال لها : لابأس ( واشار بيده ) يوجد في نهاية الشارع مقهى صغير يقدم القهوة ... انتظريني هناك ... لن اتأخر . قال هذا وتركها لينضم لرفيقه المنتظر ودخلا سويّـاً
وانطلقت كاترينا الى حيث المقهى .
دخلت واختارت مكانا بعيدا عن المدخل وطلبت فنجانا من القهوه ...
ظلت ترشف القهوة في تململ ويشع من عينيها الساحرتين بريق رجاؤه اوامر ، لو ابحرت فيهما لأصابك الحنين الى الطاعه والهمتك قول الشعر ورصف الكلمات .
عيناها هما السحر القائم بصولجانه .. عيناها بلونهما الأخضر المشوب بزرقة بحر هاديء رقراق ، تحميهما اهداب تكاد من فرط طولها ان تتشابك
عينان تنظران من وجه دائري تغطيه حُمرة الخجل بلا خجل ، وتقفز من خديها غمازتان كلما لاحت منها ابتسامه من شفتين منـزوعتان من اشجار الكرز ويحمل رأسها الجميل جسد اكروباتي متوسط الطول متناسق الوزن ..اضافت الى كل هذا الحسن حيوية نابضة لاتستقر على حال ...
اذا تحدثت لاتملك الا ان تسمع لها واذا سكتت ففي سكوتها تأمّـل وابحار لم تكن كاترينا مثقفة او دارسه ولكن ماشاهدته في حياتها الى جانب جاذبية و ذكاء فطري .. جعلا منها فتاة مشعّة .
وصل ( جيوفاني ) بعد فترة من الوقت وجلس قبالتها ثم قال : ارجو منك ان ترتدي في المرة القادمة ثيابا اطول .
ـ وهل تظن اننا سنلتقي ثانية ؟
ـ وماالمانع ... الم نتفق ؟
ـ حسنا دعنا من هذا ... كيف تقضي يومك؟
ـ متعبدا ناصحا وامارس حياتي كما يحب الرب
ـ اتظن ان ماتفعله الصواب ؟
ـ بل انا واثق انه الصواب
ـ وماذا عن المرأة ؟ الا تحب ان يكون لك زوجة وأولاد كباقي سكان ميلانو ؟
ـ لقد اوقفت حياتي على الدير ودعوة الناس لمعرفة الرب
ـ وهل يغضب الرب لو تزوجت ؟
ـ انا اتقرّب اليه بابتعادي عن ملذات الدنيا .
ـ بل انت تخالف الرب حين ترفض انجاب عبّادا جدد!
ـ ومن يضمن ان لا يكونوا مثلك؟
ـ جميعنا لانملك معرفة ماسيحدث غداً .
شعر الكاهن ان الفتاة تبحث عن اشياء ليس وقتها .. قال لها : وانتي لماذا لم تتزوجي ؟
ـ لقد اعتقدت اني احببت يوما ولكنه كان جبانا ... فبعد مابلغ غايته ركلني ، ولم اصادف انسانا ينتشلني من هذا الطريق ـ قالت كاترينا هذه العبارة وهي تغوص بعينيها في عيني ( جيوفاني ) الذي لم يستطع مقاومة رؤية تلك العينين ، واحس بشعور غريب يتملّكه ، شعور لم يعرفه من قبل ، شعور لم تستطع تعاليم الكهانة ان تبعده عنه . كما ان ( كاترينا ) وهي الفتاة اللعوب التي تعرف قدر جمالها وقوة اسلحتها لم تتردد في احتظان مشاعر الكاهن تنفيذا لأهدافها المبيّته واطلاق سهام المرأة العارفة لقلب رجل كان قبل لحظات متجمد العواطف .
مضت ساعة على المواجهة الأولى بينهما وطال حوارهما الذي بدا ان ( كاترينا ) استطاعت السيطرة على دفة الحديث ، ترسل من خلاله نظرات ، وتلوين كلمات تبدأ بصوت عادي لتنتهي الى مايشبه الهمس !
ولعل ابلغ دليل ان ( كاترينا ) في لحظة عنف عاطفي مدّت يدها الصغيرة لتلامس يد الراهب بشيء من الحرارة ،ولم يستطع جيوفاني ان يبعدها بل تركها كفّاً باردة تعبث فوقها انامل كاترينا تتحسسها بنعومة لعلها تبعث فيها شرارة من سخونه بينما عينا ( جيوفاني ) مفتوحتان وفكره مشوّش ، وفجأة انتفض وسحب يده وهو يقول : لقد تأخرت
قالت كاترينا : متى نلتقي ؟
ـ مساء الغد
ـ اين ؟
ـ هنــا
ـ لا انه مكان لايليق بنا ، ما رأيك لو تناولنا العشاء في مطعم ( كابري ) انه مكان مناسب للحديث .
ـ اتفقنا ... نلتقي غدا.
غادرا المقهى وذهبت كاترينا الى شأنها وعاد جيوفاني الى الدير .
تلك الليله لم ينم ( جيوفاني ) ولم يستطع ابعاد طيف ( كاترينا ) عنه ، انها فتاة غريبة وصعبه ( قال هذا وهو جالسا يتأمل ويفكر ولكنه لم يستطع تحديد او ترتيب افكاره وآراءه اما ( كاترينا ) او كيتي فلقد احست بنوع من التقارب العاطفي من ذلك الراهب المسكين كما كانت تقول عنه ولكنها ترفض ان تنهج منهجه ... لأن الحياة في عرفها لايجب ان نحياها وراء الجدران وننفصل عن الناس بدعوى الدين او أي معتقد آخر ، لذلك قررت ان تخرجه من قمقمه حتى لو اضطرت الى اغوائه ، قررت ذلك وبشده بعد ان لمست تأثيرها عليه بعد مقابلة المقهى ...
فهل تنجح من منظورها في غوايته ام يفلح من منظوره في هدايتها ... لايزال السؤال حائراً

نلتقي بعد الفاصل (سعود)


هديه :
الليالي ياما أمرّ الليالــــــي غيّبت وجهك الجميل الحبيبا
ياحبيبي كان اللقاء غريــبا وافترقنا فبات كل غريبـــــا

د / ابراهيم ناجي

 

التوقيع



لا أخشى عليك ياوطن من الأعداء الظاهرين
إنمــا خوفي عليـك المنافقين
( سعود)

سعود القويعي غير متصل   رد مع اقتباس