ما يصدمني حقاً في بعض الأحياء الإسلاميّة ببيروت ،
هو منظر المسلمين الذين إصراراً منهم على إشهار تحرّرهم ،
لا يجدون أي حرج أو خجل في الْمُجاهرة بإفطارهم ،
وتناول " مناقيشهم " ومشروباتهم على مرآى من الصائمين.
بينما حتى في فرنسا ، يستحي المغتربون من المسلمين
من الاعتراف بأنهم مفطرون ، هذا إن وُجد بينهم مفطراً .
خاصة من أبناء المغرب العربيّ ، حيث الصيام أولى الفرائض
التي يصرّون على أدائها ، رغم ظروف عملهم الصعبة غالباً .
لا أدري كيف بإمكان هؤلاء المجاهرين بإفطارهم ، الادِّعاء
بعد ذلك أنهم مسلمون أكثر من شغالتي المسيحية ،
القادمة من بلد يُفترَض أنه يعاني من مجاعة ، لكنها أبت
على مدى خمس سنوات تناول أي شيء في حضرتي
وأنا صائمة ، ولا جلست للأكل مرة ، إلاّ بعد أن أُفطر ،
ما جعلني أدعوها للإفطار معي كلّما كان زوجي على سفر،
فنجلس متقابلتين أمام سفرة شهيّة ، أعدّتها لي بمحبَّة .
كنت وأنا أشقّ الفطر على كوب ماء ، أسمعها تتمتم بلغتها
دعوات تستأذنني في قولها ، فتعيدني رهبتها إلى سنوات
صيامي في باريس ، فأحسدها على إيمانها ، وأشتاق إلى
زمن غربتي.فلا أشهى لنفس المغترب من ولائم الزهد ،
حين يمدّها له الله .لذا ،
ما حسدتُ من الناس إلاّ فقيراً اختبره اللّه بالحاجة ،
ففاقني إيماناً وشُكراً ، أو غنياً اختبره اللّه بالمال ،ذ
فمكّنه أن يفوقني عطاءً وإحساناً.