
كنت صغيراً على الادراك لكنني ملكت عقلاً يجعلني ارفض الصدقات منهم، فضلّت الجوع على ان اخذ من ايديهم قطعة حلوى في العيد وانا طفل يجهل نفسه التي تتدثر بالعزّة عن شتاء انفسهم الدنيئة، لم احزم حقائبي وارحل ، لكنني لم ابقى امام اعينهم اتقاسم مع وجوههم الضجر، كنت طفل لايعصي لكنه لايطيع دائماً، يعرف كيف ينسحب كما تفعل ابرة جدته عندما تدخل وتخرج في دوائر الصوف، يترك كل شيء من اجل ان ينال لحظة يمسح بها على جبين امه المُتعبة من غياب والده، يقرأ الصبر في خصلات رأسها البيضاء بعد كل محاولة تقوم بها وهي تدسها تحت غطائها الاسود كي لايراها احدهم، تهرب من بين اعينهم لتملؤها بصبغ اسود فقط لتقنع نفسها بالمرآة ان هذه الأنثى لازالت صالحة للحياة، احببت امي كثيراً دون أن يُخلط بحبي برّها، كان حُباً يحدث ان يكون لانسانة تمنحها العُمر طويلاً، انسانة تقتبس من جرائد الغياب اخبار الرحيل، رحيل زوجها الذي تعرفه المُدن عابراً يطوف شوارعها دون ان يمكث بها طويلاً، وابنها الذي كبر على ذات السؤال : لماذا يسافر أبي كثيراً..؟
اصبحت بحاجة العودة لشراء جرائدنا القديمة اريد ان ارتديها في ليل حاجتي اليك وانتِ بعيدة، منحتكِ هبة الانتماء، لكنكِ لم تمنحيني أكثر من هبة البُكاء.