يسعدني ويشرفني فهد الغبين ان أساهم في إطفاء حريق في غابة كلامٍ غراسها من يديك
حسناً ..
عندما يلح علينا سؤال مالشعر فلابد ان ننتبه أن استخدام الشعر في تعريف الشعر سيزيد الأمر حيرة ..
إذاً لابد من استخدام لغة أخرى ..
اقدم لهذه اللغة بمقدمة مهمة كما أعتقد تعتمد على أننا لابد من أن نقر بأننا محاطين بحوادث وحالات معلومة بالنسبة لدينا ولكن لايمكن ان ندرك كنهها .فالعالم غير العارف .. العالم يحيط بالشيء و انفعالاته وحتى تفاعله (( البحور ..الموسقي..المجازات ..العروض ))ولكنه لايدرك كنهه تماماً أما العارف فهو الذي لمس الكنه والجوهر بعد أن علم والمهم في الأمر أننا إذا اتفقنا على ذلك نقول إن المعلوم الغير معروف لايمكن ان نقول بأنه غير معقول..(( إذا الشعر معلوم معقول غير معرّف))/هذا تقريباً ماافتتح به ابن عربي أحد الفصول في الفتوحات المكية ..وجاء من بعده السورياليون فقالوا كل معاش وغير مدرك تماماً نطلق عليه صفة (( اللاموصوفية ))
فطعم العسل في فمك مهما وصفته لايمكن أن يدركه الآخر إلا إذا كان لسانك ..او حاسة ذوقك ..هذا الآخر يعلم ماتقول ولكنه لايدرك كنهه الحقيقي بالنسبة لك وكذلك لذة الجماع في لحظة الانخطاف ..وكذلك شرب الماء على العطش ..إلخ ..والشعر كذلك ..
وبعد هذا هل استطاع احد أن يعرف كنه الشعر ..محاولة واحدة مهمة تمت من قبل النقد الظاهراتي استقيت منها ما يقارب التعريف للشعر فقلت :
(( نمط لغوي إنساني يؤسس لشراكة كونية تجمع الذوات الواعية في سعيها للتعامل مع العالم والأشياء كظواهر ولكن لا نستطيع القبض على ماهيته والمسؤول عن ذلك هي هذه الظواهرمن حولنا لأن لها خصوصيتها من حيث أنها تتمظهر بتجليات متنوعة ومتعددة في ذهنيتنا تستمر إلى اللانهاية ومن جانب آخر كل ذهنية لها تأثيرات بهذ التجليات المتعددة تخصها ولانهائية مما يؤدي إلى استحالة تثبيت حقيقة قارة عن الشعر /تعريف / سوى حقيقة واحدة بأنه لغة قبل كل شيء ..) وصدق مولانا إذ قال (( لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ..ولوجئنا بمثله مددا ))
فيماسبق ليس تعريفاً للشعر ,إنما هي مقاربة تلتصق به وللعلم إن النقد قام وقعد ..ليس ليعرف الشعر وإنما لدراسة كيف ولماذا ننفعل به على هذا النحو ..
لذلك السؤال الأهم والذي نستطيع ان نخوض فيه طويلاً يكون ..من هو الشاعر ..؟
دمت بخير فهد / ربما تسببت لك بالصداع ..