منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - المنفــــــــى
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-31-2011, 02:17 PM   #1
نفيسة شادي
( أديبة )

افتراضي المنفــــــــى


اللوحة الأولى
يَأسرني الوجد..أغلقُ باب الغرفة..إذ وحدي لا أجد ما أبحث عنه..ليس ثمة سوى إطارات معلقة بين ثنايا الذاكرة والجدران..وكأنها أحلام وأسئلة..قبل أن أوجد..قبل أن توجد...لم أشفق على نفسي ..أشفق عليها مشنوقة...لا أستطيع أن أذرف ولا دمعة واحدة ...لأنه لم يعد لي شيئ أبكي منه أو أبكي عليه..تركتُ الحزن ذات مساء حين رميتُ كل شيئ ..كل ما امتلكته منكَ ..كل ماامتلكته مني..الأحاسيس ..الروائح ..الحواس....الانطباعات.. الأفكار ..لكن .....ظل حضوري حضورك..فأنا أنتَ..بكَ في غيابكِ..وما زلتُ أنتظركَ..أبدو للناس أني منشغلة ..أفكر..أحَدثُ المجهول ..أنظر الى ساعتي..أنظر الى صورتي في المرآة..فأجد ملامح متوترة تزول بصفير القطار..و سارعتُ إليك قبل أن تصلَ..وشرعتُ يداي وصدري وفرحي وبكائي..فتتشابك أحاسيسنا..ونَعبر الممر..نَظهر للذين يمرون أمامنا كلوحتين ..من طينة واحدة..أو مشهد غير مألوف في قصة لا تخلو منُ مباهج الروح..
.
...يأسرني الوجد..أسمع موسيقى صاخبة في داخلي ..كجدول من الذكرى ..تعزف ..وتعزف..وأرى نفسي أضع قلبي في جزء من عينيكَ..وتضع قلبكَ في خزان روحي..نواصل النظر في بعضنا وإلى بعضنا..نصغي الى أصواتنا.. نتلو القصيدة تلو القصيدة..ونسرح بقطيع الأشعار ...نترك خلايا الجسد مشرعة كأياديي تتصفح المسافات.. .مخضبة بالحب والوطن والجنون

في إغفاءة من إغفاءاتي السابقة..حلمت بك..تنتظرني ....في حجرة بدون ضوء..وحَدثَ لي أني لم أر بوضوح وجهك..وأن وجهي كان متعبا..لم اشأ أن أفتش عن عينيك حتى لا تحزنا بتعبي..

..منفي هناك..عُزلتي حولتني الى امراة ..تتكلم قليلا..ولا تصغي كثيرا..لا لضوضاء الناس ..ولا الكوارث ..ولا للأعراس..والأوهام ..والأصدقاء ..ولا لأصوات الجنائز والصلوات. ولا الشعارات..حولتني الى امراة لا تبكي ..لا تحزن..لا تفرح ...روحي عالقة بك ..لا أقوى على العيش بدونك .ولكني أتسول الحياة في زوايا هاته الغرفة..أمُد يدي أشحذ هواء..فأشفق عليك اكثر..التقطُ كتابنا من بين الرفوف..تَعرف أني لا يمكن أن أتخلى عن الكتاب ..تعرف أنهم أبعدوك عني..لأنهم يعرفون أن رماد المنفى يطفئ النجوم ..لكنهم واهمون....قلتُ لكَ إني لا يمكن ان أتخلى عن الكتاب..أشعر معه بنفسك تنثره في وجهي وتلقيه في دمي ..فيرتد إليك وجهي.. .فانا وجهك حين أحتمي بك منك تشتد غربتي.. وماذا بين الوريد والوريد... والكلمة والكلمة ...غيرك نبضي.
..حزني اللحظة يراودني كالحلم..وان كلماتك توشوش لي ..فأحنو الى صورتك يَخضل الحزن وجهها ..تهمس لي.. سأجعل من ملح دمعك إسمنتا نُرمم به انكساراتنا..لحظتها كنتُ أكتب لكَ شيئا يشبهكَ...
يتبع ...

 

نفيسة شادي غير متصل   رد مع اقتباس