يخلو بعقله وترتسم أمامه كرمة تتدلى العناقيد منها تحليلاً وتأويلاً وانتقاداً وانتقاءً ورفضا , يد التفكير تدنو من عنبة الفكرة الأكثر نضجاً لتنساب العصارة رأياً تشيع له فرح الرضا والطمأنينة على وجهه .. يلملم أوراق صيد عقله الثمين ويجمع شوارد الكلم يدسها في فمه بعد أن ارتدى معطف الرأي ليقف حيال كرسي من يفوقه مكاناً ومكانة في عرف القانون والمجتمع , الكرسي الممتليء رأياً أحادياً لا يسمح لاضاءات الآخرين أن تجاور أنواره الكاشفة , أراد أن يقول شيئاً ولكن رياح الأوامر المندفعة من ذاك المتورم غروراً تغلق أبواب فمه وتُشرع نوافذ انصات الانتماء الأبكم فقط , يتحسس جيوب ثوب الكلمات ولا تلامس يده إلا ذاته العارية من الارادة , أقدام الاحتجاج تتخبط في ليل حالك الذل والصرخات تضيع في أودية الخوف السحيقة , يتراجع في ذلة وانكسار ..أغصان الطرح والحوار في عقله تيبست وبقي عود الخنوع وحيداً مورقاً في شجرة كيانه الجرداء , يحني إرادته للريح وتنطق جبهته تسبيحة الخضوع - سَم طال عمرك -
- سَم طال عمرك - ولنتجاوز النظرة السطحية للعبارة ونتوغل في عمق الدلالة وأبعاد المعطيات
- سَم طال عمرك - تسليم مطلق وقبول بفكر الغالب دون تدخل جراحي من مشرط العقل ,هي صيحة ولاء وطاعة لراية الذين يمارسون شطب وجود المقابل , المنتمين فقط لذاتهم التي ترفض الحوار مع الآخر وتصادر فكره
- سَم طال عمرك - رقصة الطير المذبوح بــ خنجر الأنا , الخنجر الذي يعمق الخندق بين الطرفين ويقتل القدرات الفعالة للعقل
- سَم طال عمرك - باب فُتح لتتولد من أسئلة :
هل نحن أمة تفتقد الحوار المعرفي والفكري ؟
هل ورثنا عدم الاعتراف بالآخر بحجة أننا خير الناس ؟
متى نعي حقيقة الاعتراف بالآخر سواءً قبلناه أو رفضناه ؟
متى نخرج من منصة الاحتياط للعب داخل مستطيل القرار الأخضر ؟
وأخيرا
هل نجتاز أسوار الأسئلة لنحرر الاجابة من براثن الخوف ؟
يوسف الحربي