تعلّمت منذ ان كنت صغيراً ان لاأهرب عن الواقع الذي سيدوم لي طويلاً، تعلمت أن لااكسر غصن رطب، تعلمت ان اُسقي كل جذور اليباس حتى لاتنكسر، تعلمت في صغري ان لاأتحسر على الماضي الذي عشت به، الماضي الذي ولدت وانا ارسم خطط العيش بمستقبله، عندما كنت صغيراً تعلمت أن لاابكي ابداً لأنني اسرفت بذلك قبل ان اكبر وانا سيّد اليقين بأنني لن استطيع فعلها إن كَبرتْ. تعلمت عندما كنت صغيراً ان لاافتح شفتيّ لتنحدر منها شكوى العجز او الاحساس بالفشل الذريع، تعلّمت أن لايكون لحزني مقر يعرفه احد اولئك الذين احاطوا بي، تعلمت أن لاأكون الا الطفل الذي لايكبر في الحُب، تعلّمت ان اخاف من كل الوجوه، من كل الاشياء، من كل الحياة، تعلمت أن لاأثق الا بأمي، تعلّمت أن اخون وطني عندما لايمنحني هبة الانتماء، تعلّمت أن اكبر كما اُريد أن افتخر بي، لكنني عندما كبرت منحني الزمن المشيب لأكبر، والكبار هُم مَن يملكون شفاعة النسيان لأنهم لايملكون قدرة على رد قضاء (الخَرَفْ). ليت الحياة علّمتني كيف اُمزّق الاوراق التي تُعيد ثقب جراحي من جديد بمجرد تمرير عدسة عينيّ عليها، الآن آمنت بأن القراءة جريمة وأن الورق الذي يخبئها لنا هو المجرم الملعون.