منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ في السابعة عشرة من رمضان الحزين.. بكَت أم رحلْت ؟ ]
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2010, 09:43 PM   #1
سعد الصبحي
( كاتب )

الصورة الرمزية سعد الصبحي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

سعد الصبحي غير متواجد حاليا

افتراضي [ في السابعة عشرة من رمضان الحزين.. بكَت أم رحلْت ؟ ]



في مثل هذا الحُزن تقريباً , قبل عشر سنواتٍ عَبرتني بكلّ مافيها من مواسم , الصف الثاني مُتوسّط بأصابع تكتُب بصعوبةٍ بالغة في إيجاد الأحرف , كنت أكتب بدهشةٍ بالغة و أسئلةٍ خجولةٍ في صدري ( ... بَكت أم رحلْت ؟ ) عن ماهيّة هذا الإحساس وهذا الشجّن الذي يفتحُ سَهلاً لا نهائيّاً لأحتمالات الأجوبة , أكتُب بفرحٍ وحماسٍ شديدين يُخفيهما خجلي كلّ قصائد ديوانه الموشوم بـ ( زهرة الأفيون المتوحّشة ) , أمرّ على الدهشات بلهفةِ جائع , لكن لم يوقفني شيء لقراءة مابعده كهذه القصيدة ( في السابعة عشرة من رمضان الحزين ) , , لأتسائل حقاً لماذا هذه القصيدة تُشبهني إلى هذا الحد وفي هذا الوقت من الفقد ؟ , كيف كَتبت هذا الجيل هذه القصيدة وبهذه الدقّة ؟,
من اين له هذا الشيء وكيف له الجمع بين هذا اليوم الذي نُصِر فيه إسلامنا وتحويرها بقدرةٍ عجيبة إلى ركضٍ في معركة خاصّةٍ به ثمّ اصبحت معركة خاصّة بنا وتعنينا جميعاً , كيف جاءالرّبط بين يوم كانت الأحتمالات الأكبر بأنتصار الشرّ في وقتٍ كان الله يمكر وهو خير الماكرين, وبين هذا الصراع اللانهائي بين الحياة والموت , نعم الموت الذي يتسكّع في بدرٍ كأهلها الطيّبين تماماً , يُصافح الذين يلعبون ( البلوت ) تحت سوره , ويدفُع عجوزاً لعبور تلٍ من الرمل حتى يصل إلى مزرعته , هذا الذي ينام بجوارنا , نحن الذين نتبادل التحايا والصباحات معه في طريقنا للخُبز , نحن الغافين في حضن جبلٍ الملائكة , وكيف يختمها بوصول الشهيد الخامس عشر وحيداً مُتأخراً كأعتراف , كيف وصل ؟ ومن أين جاء ؟ ومن أي معركةٍ يقطُر دماً ؟ لا تسألوني .
مُذ كتبها و الإجابات تتطاير كالرؤوس في ذلك اليوم الذي خُلّد فيه كلّ شيء ,




[في السابعةَ عشرةَ من رمضان الحزين .. بكَت أم رحلْت ؟]

... وبكتْ
فرأيتُ أنّي أعبرُ الدردنيل ْ
وعلى بوّابة بلدتنا رجل ٌمشنوق ٌ..
يداه مربوطتان إلى السحاب ْ
عيناه بلا دمعتين ِ
كلّما ملأتهما ريح الصبا سقط المطر غزيرا ً
وانتثرَ الضباب ْ
يغطّي بدرا ً بأصوات النايات ِ
مرّة أخرى
وبكت
فرأيت أنّي أعبر الدردنيل ْ
وعلى بوّابة بلدتنا رجل مشنوق ُ ُ
كلّما عاد رمضان الحزين ْ
بعثته الذكرى
وغنّى مرّة أخرى
ليبدأ هذا الرحيل
وبكت
فرأيت أنّي أعبر الدردنيل ْ
ودخلت الكمنجة حرّا ً
وأرسلت ُالحنين ْ
من عشرة أعوام تقريبا ً
في السابعة عشرة من رمضان ا لحزين ْ
بكتْ فمتّ للمرّة الأولى
وولدتُ غريبا ً
آهاتك َكانت باكية ًفي صوت مؤذن حارتنا المبحوح ِ
عشْ خنزيرا تحت حدائق بسمتها
أو فابعث جمجمة الروح ِ
لأدمعها مبخرة يتضوّع منها مسك الجنة
في السابعة عشرة من رمضان ا لحزين ْ
بكت ريحا ًتقذفكَ إلى الشارع
قشّة ًسقطتْ قبل قليل ٍ
من تسعة أعوام تقريبا
من أطول أشجار النخيل ِ
في عينيها بكت ريحا تدفعك إلى تبن الأيام ِ
حيث الغربة وطنُ ُ
أمسا مجروحا
لا يطرح سنبله عذرا
وغدا مقتولا
يرفضه الكفن ُ
وبكت ريحا
تغطّيك بأصوات النايات ِ
مرّة أخرى
بلا دمعتين كلّما غسلت بدرا
رائحة الصلوات ِ
وأتربة الذكرى
في السابعة عشرة من رمضان ا لحزين ْ
بكت ريحا ما زالت تدفنك على جمرات ٍ
من نظرات ٍ
تحفر قبرا
في رمضان وقبرا
في عينيك َلتعيش البرزخ فيه ِمرّة أخرى
ودخلت قبرا
دخلت الكمنجة حرّا
من عشرة أعوام تقريبا
في السابعة عشرة من رمضان ا لحزين
بكت فمتّ للمرّة الأولى
وولدت غريبا
لا يسأل بحر عنّي لمّا أتأخّر ْ
لا أمّ تعذلني : لماذا لم أكبرْ؟ْ
لا أنتظر حبيبا ً
ولا تفتقد مناجاتي امرأة ٌ
لمّا في الآهة أتبعثرْ
وبكت في السابعة عشرة من رمضان الحزين ْ
فانبعج المنفى من دمعتها و جرفني
كأنّني خطوة ٌ
أو سبع عشرة خطوة ً
تختفي ثمّ تبين ْ
من خلال الرماد ِ
أبحث عن دمعة ندم ٍتشبه وطنا مختبئا في رمضان َ
أسأل عن أجمل زمن ٍيمكن للشاعر أن يغسله في عينيها
قبل الدمعة ِ
في السابعة عشرة من رمضان ا لحزين ْ
بكت فانفطرت ْآمالي
وتساقط دمها ا لأسود في غصّة موّالي
وامتصّ الفجرُ الخارج منّي أحزان َالبحرِ الزرقاء ْ
فتنهّدت ُ
ومضيت ُعلى الماء ْ
بيديّ شظايا إنسان ٍ
منبوذ من شعب الآمال ِ
و قداماي بغير حذاء ْ
على البرزخ كان ارتحالي
وكان إلى الدمعة موالي
وأدخل كلّ الكمنجات ِ
قبرا حرّا ً
وأعبر كلّ انتحاراتي
حرّا قبرا ً
وأرسل طير الحنين ْ
إلى الغابة عذرا ً
من عشرة أعوام تقريبا ً
في السابعة عشرة من رمضان ا لحزين ْ
بكت فمتّ للمرّة الأولى
وولدت غريبا ً
أ تمادى في ألوان المدن ِ
فتتمادى فيّ النايات ُ
حتّى أطفئ آخر وطن ٍ
في ظلّ البرزخ ِ ..
يتمدد بين أيادي الأطفال ِ
وبيني ..
قبر ٌمفتوح ٌكسؤال ٍ
يختبئ من الميّت حينا
يعترف و يعترف و يعترف حزينا ً
حتّى يملأني طينا ً
ثمّ يدخن ُ
ويغنّي للسابعة عشرة من رمضان الحزين ْ
بكت فمتّ للمرّة الأولى وولدت يتيما ُ
أ خلقُ من روح الدمعة
بابا ًمنسيّا ًودميما ً
وولدتُ يتيما
تهتزّ على رمشي سوسنة ٌ.. وغراب ْ
و تتسوّل تحت وعود الأحباب ْ
مئذنة ٌ في غربتها أمشي
وأكتب في صرختها نجمة ً
تختفي في الخراب ْ
منذ السابعة عشرة من رمضان الحزين ْ
بكت ْ فاختلطت قادمات الدروب ِ
بالمدبرات إلى الغياب ْ
وارتعشت في القلوب ِ
أغصان ٌشائكات ٌمن دوحة اليأس
ِ يهزّها الإشراق ُ
بريح الذنوب ِ
من السابعة عشرة من رمضان الحزين ِ
بكت فمتّ للمرّة الأولى
وولدت بدريّا ًشريدا ً
الخمسة عشر شهيدا ً بدؤوا الوصول َ
وأيقنوا الآنَ أنّ القبر الأخضر يتخندق في قلبي
الخمس عشرة آهة دخلت حقولا
حينما نشبت في صوتي
في السابعة عشرة من رمضان الحزين
بكت ْ أم رحلت أنادي :
يا ليلة قدري
المطر يغسّل الوادي
و النايات تغرّد ُفي بدر ٍ
يا ليلة قدري هي دمعة جدّا غزيرة
وأنت ِفي رمضان الحزين
ليلة ُموتي
كأوّل ميتة ٍبعد الأخيره !









القصيدة للشاعر : خالد حسين الصبحي .
الذي يصطاد الفكرة من فم الموت ومن فوق شواهد القبور , وهذا الحرف يا خالد ,
انا الخارج منه العائد إليه الواقف تحت مطِره المتطرّف فيه , وتلك المرحلة المُدهشة شعرياً التي لم استطع تجاوزها ولم تستطع انت تجاوزها كما كنت اقول لك في كلٍ حوار سريع عن أصابعك حينها ,لكنّك استطعت أنت تكتب جيلاً بدريّاً يُشبه ذلك اليوم وذلك الرّجل من عشرةَ أعوامٍ تقريباً .






نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع



ولا تُسعفني مآذن الحِجاز لأتجاوز حُزني , لستُ مؤمناً بما يكفي لأحتمل فقدك !




التعديل الأخير تم بواسطة سعد الصبحي ; 08-26-2010 الساعة 09:47 PM.

سعد الصبحي غير متصل   رد مع اقتباس