
** ضوء .. ( لا يزال ) في حياتي
هذه الليلة ..
أبث إلى الصمت شكواي وقد رقدت تمتمة الصمت على صدري تهذي بالشرود.. يأزني القلق لأنبلج إلى الماضي هائمة ..
هناك يخدش البهاء عبوري فأتمارى وكأني أتلظى بشهب مارقة من الأطياف المضيئة ..
فقط حين يطل وجه الظلام يبارزني ذاك النور بالحضور ..
أبي .. وضوء من الذكرى القابعة على متن الروح بتكوير الشمس .. أبي وهامش سيريالي رحب الروعة في دفتر ذكرياتي..
أبي .. يا هامة في ثنايا الزمن توشوش الزهو شيوعا ..يا همس رابض تحت جلد شوقي وتنبشه معاول الليل ..
" أبي " .. ويلسعني قلبي بالحنين .. يلدغني بخفقاته المتردية ألمآ ..
قال لي يومآ : إسمعيني جيدآ يا ابنتي .. أنا لن أدوم لكِ .. فالدوام للجليل .. ولكن إن شئتِ ديمومة نصحي فانصتي جيدآ ..
قلت بكل اهتمام : إلى ماذا يا أبي ؟ ..
قال : هذه الدنيا يا ابنتي .. كبحر لُجّي .. ظلمات فوقها ظلمات .. وقاربك يمحر عباب هذه المحن ..
وصمت ردحآ من الزمن ثم تنهد وقال : أعلم جيدآ أنك قوية .. وأن قاربكِ يستطيع الصمود في وجه النوء ..ولكن ..
وعاد إلى صمته , فهتفتُ أحثه على المتابعة : ولكن ماذا يا أبي ؟
قال : أخشى عليكِ الغرق يا حبة القلبِ ..
دهشت وأجبته بلهجة الفتاة المتهورة : كيف ذلك , وأنت قبل هنيهة كنت تقول بأني قوية .. !
قال : عليك بجعل جسد السفينة متينآ وخارقآ .. حتى لا تنهكه وتسقطه لطمات الموج .. أو نفثات العواصف ..
سألته بحيرة : لا أفهم يا أبي ...!
قال : جسد السفينة هنا هي الروح يا ابنتي .. وروحكِ كي تكون شامخة صلبة .. يجب أن تُغذيها جيدا ..
سألت من جديد : بماذا ؟
قال : بالإيمان والتقوى .. فكلما اقتربتِ من العظيم كلما أصبحتِ شديدة النزع إلى مقاومة الشدائد ..لأن الجليل سيكون معكِ في كل حين وأوان ..
وزفر ثم قال : فمن كان الله معه .. لن يهزمه شئ .. ولن تسقطه البلايا .. وإن تعثر ..
تسيل يقظتي بالهمة .. ويسبل التنهيد قطرات من المرارة على حواف فمي أمسك المصحف بأصابع مرتعشة .. أرتل فيه ما جعل السكينة تهبط كالنسيم إلى قلبي ..
وقبل أن أقوم من مجلسي ذاك وكأني كنت في رحيل على نواصي البياض , كنت أتمتم والدمع يطل حارقآ من عيني :
رحمك الله يا أبي .. رحمك الله يا عزيز الرجال .. وسيد الحكمة ..
تحيتي