منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - علامَ تعتمد القيمة الأخلاقية ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2010, 01:02 PM   #1
سميراميس
( Shouq )

الصورة الرمزية سميراميس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

سميراميس غير متواجد حاليا

افتراضي علامَ تعتمد القيمة الأخلاقية ؟


الاكسيولوجيا (axiology ) أو مبحث القيم ، بدأ معْ الفلسفةِ اليونانية خصوصاً عند سقراط وافلاطون و ارسطو ..
ثم انتقلت إلى الأديان الآُخر, كالمسيحية و الإسلام و البوذية "متمثلة بالوصايا العشر التي تكون الخمسة الأولى منها واجبة ، بينما الخمسة الأخرى ليست واجبة إلا على رجال الدين فقط "
و من هُنا جاء الإرتباط الدائم بين الأديان و الأخلاق ، بل أن لو أطلقنا لفظة لأحدهما في الذهن تأتي اللفظة الأخرى تِباعاً ..


و بنظرةٍ دقيقة أكثر نقول أن الأخلاق نشأت قبل الدين ، و لو كان الدين يُرشد إليها و يهذبها إلاّ أن الأخلاق وُجدت قبل الأديان ، فقد كان الانسان يعيش حياة الحيوان بغرائزه, يعيش مع الوحوش يآكلها و تآكله وَ ربما عمد الإنسان في أضعف حالاته عندما يتغشّاه الخوف من الحيوان أن يجعله " طوطم " لإتقاء شّره ، وَ بعد أنْ ظهرتْ الأنثى فى حياة الرجل عملتْ قولبة لحياته ، حيث أنَّها هى من أسسّ للحياةِ المدنية, و مهدت لتطور الإنسان, بخروجها لمساعدته في الأعمال و الإكتشاف شيئاً فشيئاً ، حتى ابتعد المرء عن الحياة الحيوانية البهيمية البدائية ..


و بهذا نتوصل إلى أنَّ القيم الأخلاقية نشأتْ قبل أن يعرف الإنسان الأديان , عن طريق تراكم تجاربه و إستشعارهُ لصوت العقل و إدراك الإرادة الخيّرة التي لا ترتبط بدرجةٍ أولى بالدين و ما يأمر به ـ لأن أول الأمر كانت الأخلاق لم تعرف الدين بعد و بعد أن جاءت الطوطمية تداخلت الأخلاق بالتقديس شيئاً فشيئاً ـ ، و لو كانت القيمة الاخلاقية للأفعال مقتصرة على ما يأمر به الدين فقط لما وجد بعض المؤمنين خُلقهم سيء ، و بعض الملاحدة خلقهم حسن ـ و هنا كتبت بعض تفادياً لأن لا يظن البعض أنني أعُمم أو أسقط أحكاماً عشوائية ـ
الأخلاق إذا توفرّت في ذوات البشر فأنها ستعطيهم القيمة الإنسانية لما يذهبوا إليه من أفعال و أساليب و بالتالي تعمد لبقاؤهم و إستقرارهم . بل حتى الحيوانات تتمتع بالأخلاق (الغريزية) ، و الأخلاق شرط من شروط بقاء الإنسان و مصلحته, و بفقد الأخلاق ينحل عقد الحياة فيذهب الى الفناء . و كانت هناك عدة أراء للأخلاق و النظرة لها على إختلاف المدارس الفلسفية سواء السفسطية أو الافلاطونية و الفيثاغورية أو النفعية و السقراطية و غيرها الكثير ..


هناك من قال بأن الأخلاق مطلقة نعم في البشر ، لكنها نسبية فيما تفرضه المحيطات بالشخص نفسه فقد تتقيّد أو قد تتمدد ، و الأخلاق و مبادئها عرضة للإختلاف على مر الزمان و الأمكنة فما قد يستباح في زمن ما من خُلق كريم بعد سنوات قد يكون ذميماً . قُس على ذلك وأد البنات في الجاهلية كانت عادة مستباحة و لكن الآن عادة ذميمة جداً و هنا لابد من الإشارة للعوامل التي صقلت الاخلاق و نقلتها من وضع لآخر .. فالزمن يهذّب الأخلاق بما يستجّد به من دين أو صحوة أو تشذيب لعرف ما و هكذا ..

ماذا لو سألنا : هل الفعل الأخلاقي قائم بذاته ، أم على ما يترتب من عقاب و ثواب ..؟ جنة أو نار ..؟
ماذا لو لم يكن هناك عقاب و ثواب يترتب على هذا الفعل الأخلاقي ، هل قد يترك لنا الدين إنتهاك الأخلاق لأن الأمر بالأخير لا يحتم جنّة أو نار ، ثواب أو عقاب !؟
الإسلام يأمرنا بالقيام بالأخلاق و تأديتها لأجلها ، للفائدة التي تضبط النفس عليها ليس لأن ثمة عقاب أو جزاء قد يترتب عليها !؟
تقول إحداهن لا يمنعني عن العمل بمجال مختلط إلاّ لأنه " حرام " ، حصرت السبب بـ مجرد حكم " حرام " ، أين القيمة الأخلاقية للفعل هنا ..؟
حري بها أن تتمثل المنع مثلاً لقناعات تمليها أسباب كون ذلك حراماً ، لا لمجرد التشبث بظاهر الحكم ..
اسأم كثيراً إذا وجدت من يختزل القيمة الأخلاقية في الإسلام لمجرد المثوبة أو العقاب ، فالأخلاق هنا عميقة ، رصينة ، تهدف لأهداف تؤدب الإنسان لا تحصره ضمن إطارات جامدة .


(وردات)

 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس