منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - احتماء .... بالضوء !
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-27-2010, 03:44 PM   #5
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

افتراضي







نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بسم الله الرحمن الرحيم
* وحش الفضاء القادم
جميعنا - أو معظمنا - سمع عن ذلك الهول المتواري وراء ثلة من الكواكب ويقترب رويدا رويدا نحو مصير محتوم لا يعلم تفاصيلة إلا الجليل , إنه أبوفيس صخرة العذاب المتأججة بملامح الجحيم ..مخلوق ناري أرعن ينتظر السانحة الملائمة للإنقضاض على الأرض , هذا ما تقوله ناسا ووكالات الفضاء الغربية , ورغم أن الأمر لا يزال تحت المداولة وفي مرمى التليسكوبات العملاقة لمراقبة ذلك الغريب الوحشي , إلا أن الأنباء متضاربة بشأنه .. وتتأرجح بين التأكيد والنفي .. هذه القصة الفضائية الملهمة أشعلت شموع اليقظة في جمجمتي .. فتراءى لي ما يلي ..
* أبوفيس .. ضوء من الدمار
مثل أرتال من الهم تنزلق من عين الذهول وتتساقط ويلآ على روابي صدره .. خفقات لهول قادم .. ونبضات جامحة .. ثم القلق . أشباح للويل تتراءى في ظل خياله .وتخنق وليد للأمل حبا في رأسه وترعرع على طرقات ذكرياته حيث اشتد عوده على مر الأعوام .. وبات على قاب قوسين أو أدني من الفوز الساحق .. وسام فخر يعلقه على جدار عمره بأنه الفلكي الناجح ..
كان فيصل يعدو في الطريق ولا يرى من الوجود غير بقاع الوجود المدمر.. حرائق وأهوال .. وخاتمة تنذر بالزوال .. وانقراض شامل لبقايا حضارة شمخت عبر الزمان.. يتخيل حزن وعذاب . بكاء وعويل .. جثث ملقاة وأخرى تحاول برمق الروح الهزيل الزحف من الجحيم .. هذا كل ماكان يحفل به خياله وهو يقطع الطريق بعجلة ترسم توتره الجامح , كان يمر في دربه برجل يحمل أكياس معبئة بأنواع من المشتروات الشتى .. نظر إليه باستخفاف وتمتم :
- هل ستحيا أيها المسكين لتتنعم بما اشتريت ..؟!
تجاوز بوابة البناية الشاهقة .. وراح يقطع السلام بقفزات تشبه قلبه الذي يتقافز فزعا .. وصل الى الباب وأخرج حفنة من المفاتيح .. اختار أحدها وأداره في الباب ثم دخل ..
كان حامد يجلس على الأريكة ويضحك لمشهد رآه في التلفاز .. نظر إليه فيصل شذرآ وصاح :
- أتضحك والعالم يتخبط في الخارج ؟
أخفض شقيقه الصوت العالي والتفت اليه ذاهلاثم سأله باهتمام :
- ما الأمر .. ماذا يحدث ؟
قال له فيصل وهو يجوب المكان بخطوات عشوائية :
- هكذا أنت دائما .. كأنك شخص لا يعيش على كوكب الأرض ..
- أخبرني ماذا هناك ؟
قال حامد وهو ينظر اليه بقلق , فتوقف فيصل وقال بهلع :
- سنموت جميعا .. سيزول الشرق الأوسط برمته عن الخارطة ..
قفز حامد واقفا :
- ماذا .. هل ستنشب حرب أخرى في بلاد العرب ؟
- لا .. ولكن هناك كويكب قادم من السماء وسيضرب الجزيرة العربية وبعضا من البلاد المجاورة ..
- يا إلهي .. ماذا تقول ..
- هذا ما سيحدث في بضع أشهر ..أبوفيس غول الفضاء الحارق .. آت ..
- من أين جئت بهذه الأخبار ؟
- ألا تقرأ الصحف .. لقد أعلنت ناسا هذا الخبر اليوم صباحا ..
- ولماذا بلادنا تحديدا التي سيضربها الكويكب ؟
- لا أدري .. ربما بسبب ذنوبنا ومعاصينا .. بسبب إذلالنا وخضوعنا للغير .. ربما أننا لا نستحق أن نحيا حياة كريمة أنعم الله بها علينا .. هذه هي مشيئة الله..
- ربما أن ناسا مخطئة .. ألا تظن ذلك ؟
وأضاف حامد يحلم بشئ آخر :
- قد يضرب أبوفيس مناطق أخرى .. قد يقع في أحد المحيطات .. أو يستقر في إحدى الصحاري ..
- لا .. تحديثات المعلومات الفلكية والإخبارية جميعها تشير إلى هذه الحقيقة المرعبة ..
أومأ حامد جاحظا لاهثا .. متألما :
- ومتى سيحدث هذا ؟
- ربما خلال أشهر أو أسابيع قليلة فقط ..
جلس الشقيق الأصغر على المقعد مغيبآ في الذهول ..
وبلا وعي منه .. إندس فيصل إلى جانب أخيه صامتا مهموما مفكرا .. وأخذ يتخيل العذاب القادم .. حتى أشعل حلما نهض للتو في أعماق نفسه الكئيبة ..
ظهرت الصورة جلية في خياله .. كان هو القائد والبطل .. رأى نفسه على مشارف الفضاء مع عدد كبير من الشباب والرجال البواسل .. كان ينتظر قدوم الكويكب المتمرد .. رأى إصرارا عجيبا للوقوف في وجه العذاب القادم .. كان حلمه يأخذه الى محاولات عديدة أخذ يحارب بها الكويكب .. تجارب كثيرة وخطط محكمة ومعدة سلفا أخذ يجربها الواحدة تلو الأخرى للقضاء على الزائر المخيف حتى نجح هو ورفاقه الفلكيين بتغير اتجاه الكويكب وعودته مرة أخرى من حيث أتى ..
رأى الفرح والبشر وصرخات النصر تتعالى من حناجر قومه .. دموع للفرح هطلت من عيون فزعة بانتهاء الكابوس .. فابتسم ..
وحين عاد الى الواقع .. تنهد بمراره ..
أجل حلمه الكبير الآن هو كيف ينقذ الأرض من أبوفيس .. ليعود إلى هذه الأمة مجدها التليد ..
ليصبح الشرق الأوسط آمنآ من الكويكبات والحروب والرجعية ..!
هذا حلم أسطوري .. فهل يمكن تحقيقه ؟
تحياتي

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس