[ناصر الصاخن]

طُلاب أبو ألف ريال

تخرج ذاك الطالب من المرحلة الثانوية بمعدل يوصله للقبول في أفضل الجامعات بالممملكة ، فقام بالتقديم في عدة جامعات كي يحظى بالأفضل وما يناسبه كي يبدأ مُجدداً بإكمال المرحلة الجامعية ، وبالصدفة فإن رغبته المحسود عليها كانت في خارج نطاق مدينته ولكن بداخل السعودية ؛ حيث أن الجامعة تبعد تقريباً حوالي 1200 كيلومتراً . فرح ذاك المسكين بعدها بأن رغبته وأمنيته قد تحققت ، فحان الوقت بعدها للدراسة ... ولكنه تفاجأ أن الجامعة لم توفر بعد سكناً يأوي الطلاب ؛ فقام بإخبار والده المسكين كي يزيد راتب ابنه الشهري .

مسكينٌ هذا الطالب تغاضى عن كون الجامعة لم توفر سكن للطلاب ، فقال الخير والبركة إن شاء الله في المكافأة التي هي في حد ذاتها مُتواضعة ، لكنه وللأسف مَر شهر ؛ وآخر ؛ ثم آخر ، والبركة في العذر المتكرر والمسموع مراراً من مركز شؤون الطلاب : فقط إجراءات للبطاقات المصرفية وإن شاء الله يأتيكم الخير قريباً. ولما جاء الخير المُنتظر والذي حُسبَ عليه ألف حساب تفاجأ أن الجامعة تُقاضيه باليوم الواحد وكأنه عامل يكسب أجرة ، فقامتْ بسحب الأموال المختصة بنصف شهر وذلك بسبب أن الدراسة لم تبدأ من بداية الشهر بالضبط مع أن باقي الجامعات بعضها قام بتسليم الطلاب من أول وثاني أسبوع من الدراسة ولم تسحب منه نصف المكافأة التي تزعمتْ هذه الجامعة به .

مشت الأيام قليلاً بعد أن استلم مكافأة شهرين ونصف ؛ تفاجأ أن المكافأة التي بعدها لم تنزل في بداية الشهر ؛ فقام بالسؤال عن أحوالها ، فأتته الاجابة بأن الخطأ ليس من جهتنا ربما من جهة أو وزارة مختصة بالمال أخرى . وصبر هذا المسكين شهرين ثم نزلت مكافأته بعد أن جلس يتمرمر على موعد خروجها وبعد رمي بعض الأعذار التي لا نعلم بمدى مصداقيتها ولكن يجبرنا الوضع بالأخذ بها واحتمال حسن النية .

ولسائل أن يسأل ، هل هذه المكافأة التي تُعطى الطالب في المملكة مهمة لدرجة أن الطالب لا يستطيع التحمل لتأخرها ؟ أقول : هذا الطالب الذي قطع 1200 كلم لا يدري هل يصرف هذه المكافأة على مصاريف الإيجار أوالمأوى الذي لم توفره جامعته الحبيبة ؟ أم يخزنه كي يشتري به 3 وجبات يومية رئيسية ؟ أم يجعله مصروفاً لسيارته ومواصلاته ؟ أم يجعله لمصاريف الكتب التي في بداية النصف الدراسي والمتخطية 700 ريال ؟؟ أم يجعله مصروفاً كي يشتري ملابس ويتمشى ؟ أم يجعله مصروفاً لجواله والكماليات ؟ … فكل هذه تجمعت معاً لتكون لنا مكافأة وقدرها 990 ريالاً فقط وفي أحسن الأحوال تصل إلى ألف ريال لا غير .!!

جلس يَصْفِق ذاك الطالب بيديه على وجهه ويلطم الخدين ويشق الجيب على ما رآه من صعوبة ومرارة الحياة التي يتحملها يومياً في جامعة ليس لها حُسبان لمن قطع المسافات لكي يكمل دراسته ، فصار يُقارن قليلاً بين وضع الطالب السعودي بداخل المملكة والطالب السعودي المبتعث للخارج !! فرأى أن الطالب السعودي الذي يدرس في بلده يحسده الحاسدون وذلك بزعم بعضهم أنه بين أهله وفي بلده ؛ فهناك من يصرف عليه ويساعده .. ماذا لو لم يكونوا الأهل بذاك المستوى المأمول الذي يُساعد ابنه؟ الوضع مُخجل حقيقة في هذا المجتمع ؛ فالعذر والسموحة إن ظلمتُ بعض الجامعات بأن ليس لها تقدير ؛ فإن لم تكن هي فالأمر يعود لصاحب الكلمة المسموعة والآمرة أو الناهية .

وعودة للطالب الذي قطع 1200 كلم رأى أنه يصرف شهرياً قرابة 6 آلاف !! بينما لو ذهب بالخارج فإن الحكومة الرشيدة ستوفر له هذه المصاريف أو على أقل تقدير تغطي بنسبة 90٪ من مصاريف وسكن وأكل وذلك بفضل الحكومة الرشيدة ومكافأتها وتقديرها للطلاب المُغتربين . .

هكذا اليوم الطالب الجامعي السعودي في بلده يُعاصر تلك الآلام ومطلوب منه بأن يزيل تلك الهموم بأنه يعيش في بلده الذي يحبه ، تُرى ماذا عن المرارات والمصاريف التي ذبحتْ والده من الوريد إلى الوريد بأن يدفع له شهرياً مصاريف كبيرة بسبب أني أدرس هنا بزعم أني بقربه ؟؟!! ماذا لو خرجت للخارج كمبتعث ؟ هذا ما أودى بالعزوف للطلاب عن الدراسة هنا ؛ فبغض النظر عن بعض المستويات المتدنية للجامعات إلا أن الطالب يتحمل ويتحمل كل هذه الهموم والغموم بالإضافة لما يراه من حروب ومعارك في الشوارع السعودية بين سيارات رُعاتها قد باعوا الغالي بأرخص الأثمان . أليست هذه الأعذار صحيحة ويُعتبر بها ؟

ما أريد أن أقوله للجامعات أو لوزارة التعليم العالي هو أن الطالب الجامعي السعودي يجب أن يُحتضن جيداً ؛ ويجب أن يُوفر له على الأقل مقعد دراسي في جامعاتنا مكتمل من جميع النواحي ، ومعدود له جيداً قبل أن يدخل الجامعة ، وإلا فلن تبقى للطلاب باقية لهم في وطنهم وسترتفع البطالة التي تخشونها

؛
تحية لكم ؛
؛