منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حب برسم الموت
الموضوع: حب برسم الموت
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2010, 01:34 AM   #1
د. طاهر عبد المجيد
( شاعر )

الصورة الرمزية د. طاهر عبد المجيد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

د. طاهر عبد المجيد غير متواجد حاليا

افتراضي حب برسم الموت


تتحدث هذه القصيدة عن قوة الحب التي تجعل فتاة قروية تتحدى العادات والتقاليد التي ترى في حب الفتاة في القرية ذنباً لا يغتفر، وجريمة يتربص بصاحبها الموت.
قد يكون الموضوع قديماً يتحدث عن حالة ربما تكون محدودة بعد تطور المجتمع وانتشار الوعي بفضل التعليم وتطور وسائل الإعلام. ولهذا السبب ترددتُ في البداية في نشرها، ثم عزمت على نشرها كي لا أتحمل جريرة وأدها في أحد الأدراج.

حب برسم الموت

د. طاهر عبد المجيد


القلبُ مثل الكأس إن يُكسر
هيهاتَ بعد الكسر أن يُجبرْ

فاملأْهُ لي من كرمةِ الذكرى
خمراً بغيرِ يديكَ لا تُعصرْ

وارفقْ بقلبي حين تُمسكه
من أن يذوبَ كقطعةِ السكرْ

وهل المحبُ إذا الحبيبُ نأى
إلا بذكرِ حبيبـهِ يسكرْ

الشوقُ في عَينيكَ يسألني
ما كُنتُ أسألهُ ولا يضجرْ

كيف التقينا ذاتَ أمنيةٍ
كنا نُواعدها ولا تحضرْ

بل كيف طرنا دونَ أجنحةٍ
والكونُ صارَ بحجمهِ أصغرْ

وطريقنا أبعادهُ اختُصِرتْ
فكأنه من خطـوةٍ أقصرْ

وكذلك الأشياءُ من حولي
كيف استعادت لونها الأخضر

والقلبُ كيف أقلَّني ومضى
في زورقٍ من قبل ما أبحرْ

ما كان يعلمُ قبل هجرته
في بحرِ حُبِكَ أنكَ المهجرْ

صحراءُ عمري حينما طافت
عيناكَ فيها صخرها أزهرْ

والليل ألقى فوق تُربتها
بعض النجوم كلؤلؤٍ يُنثرْ

وأطالت الأيام وقفتـها
وتنهَّدت من روعةِ المنظرْ

وَمَضَتْ تُحدثُ نفسها ما لي
بهوىً كهذا بعدُ لم أظفرْ

من لم يَذقْ طعم الهوى يوماً
مَيْتٌ ولكن بعدُ لم يُقبرْ

هل كان هذا كلــه قدراً
قد خُط قبل الخلق في دفترْ

أم صدفة ساقت عواطفنا
في غفلةٍ منَّا ولم نشعرْ

* * *
أعلنتُ حبي وهو ذو خطرٍ
في قريتي ويُعدُ كالمنكرْ

ومضيتُ رغم خُطورة الآتي
لا أتَّقي أحداً ولا أحذرْ

إذ كيف يكتمُ عاشق حباً
ستشي به عيناه لو أنكرْ؟

والصمتُ في لغةِ الهوى حرفٌ
كسواه مثل المسكِ والعنبرْ

أعلنتهُ وأنا علــى ثقةٍ
أن الحياةَ أقلُ ما أخسرْ

ما عاد خوفُ الموت يشغلني
بل موت هذا الخوف لا أكثرْ

وحشان مُفترسان لا أدري
من منهما حقاً هو الأخطرْ

كم في التقاليد التي اهترأت
وُئِدتْ قلوبٌ بالهوى تجهرْ

كم في الترابِ مبادئٌ دُفنت
مع كل من قُتلتْ ولم تعذرْ

تخبو مع الأيام صرختها
وتموتُ لا أحدٌ لها يثأرْ

وكأن كل صبيةٍ منا
منذُ الولادةِ قبرها يُحفرْ

ويظلُ خوفُ العارِ يتبعها
في كل دربٍ حاملاً خنجرْ

فترى لها من فرطِ ما تخشى
جفناً ينام وآخراً يسهرْ

وإلى الرؤى كم مرة فرَّت
فإذا به مُتنكراً يظهرْ

ويجيئها بثياب من تهوى
وكأنه من حُبها يسخرْ

فتحارُ بين النوم صاحيةً
والصحو نائمةً على معبرْ

يا من ملكتُ بحبهِ ذاتي
وعرفتُ كيف الحب لا يقهرْ

وبحبهِ هذا غدا قلبي
في حجمِ هذا الكون بل أكبرْ

أنتَ الحبيبُ وأنتَ لي ذَنْبٌ
يا ليتَ ذنبي فيكَ لا يُغفرْ

سأعيشُ حيثُ يُريدني قلبي
حتى ولو كُفنتُ بالأحمرْ

فإذا قُتِلتُ فقاتلي يوماً
سيموتُ مغموراً ولا يُذكرْ

أما أنا فَلَسوفَ يُحييني
ذكرى يقام لها غداً منبرْ


د. طاهر عبد المجيد

 

د. طاهر عبد المجيد غير متصل   رد مع اقتباس