منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - لا تكن عُشبا و أنت شجرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2010, 09:53 PM   #1
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

الصورة الرمزية عبد الله العُتَيِّق

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

عبد الله العُتَيِّق غير متواجد حاليا

افتراضي لا تكن عُشبا و أنت شجرة


" أيتها العُشبة الغضَّة تحت قدمي
عفوك عني
أنا أدوسك لحظة ،
و يدوسني الناس إلى الأبد "
بان مو - شاعر صيني

العشبة ، نبات أرضي ، و الأرضيُ موطوء ، و كل إنسان كان أرضيَّ الهمة سيوطأ . و متى استمر بأرضيته فهو مستديم طلبِ الوطءِ و راضٍ به .الأشجار ، نباتٌ أرضيٌ ، لكنه سماويُ القامة ، فلا يقدر أن يطأه أحد .

الناس كالنباتِ ، فمن كان قد منح نفسه العُشبيةَ فهو سيُعاملُ كما يُعامَلُ العُشبُ ، يؤكلُ ، و يوطأُ ، و يُجزُّ ، بل ربما أُحرقَ ، و ربكا كان أكلا لما يستحق و ما لا يستحقُ . و عندها لا يلُم أحداً .
و آخرون كنباتٍ كبيرٍ ، أشجارٍ فارعة الطول ، باسقة في السماء ، لا ينالها إلا من هو مثلها ، و الأشياء تجذب أشباهها ، منحوا أنفسهم أحوال الأشجار الكبرى ، معطاءة ، مُظلة ، مُلتجأٌ إليها ، فكانوا كذلك ، فعرفهم الناس بهذه ، و هم لزموا تلك الحال .

العُشبيون يغارون من الشجريين ، فلا يقفون عن بذل النقيصة بهم ، فإن تطاولَ العُشب ليصل الشجرة انقطع دون أن يُجاوز قدره ، و لا يمكن الوصول إليه إلا إذا انحنى الشَّجَريُّ إليه ، فيكون متنازلاً عن محله ، و من ترك مكانه فغيره أحق به .

بين العشبيين و الشجريين مفاوزُ معنوية ، و أُخرى حسية ، و لا تتم الحسية إلا بتمام المعنوية ، و كلٌّ يعطي الآخر و يُطعمه ، فعملية الحال بينهما : أعطني و أعطيك .

العُشبيةُ و الشَّجريةُ ، صفتان مكتسبتان ، و قد تكونان جِبِلِّيتان ، و لكن اكتسابهما أكبر و أشد ، فكلُ إنسان في حالةٍ فهو مكتسب إياها ، و كل امريء مُيسَّر لمسعاه .

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس