منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حديث الغمام
الموضوع: حديث الغمام
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2010, 01:23 AM   #7
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو
 
0 رقصة الهياج
0 دنيا المحبوية
0 ثرثرة
0 تقطير الضوء

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي مدفون الكنز ،،


قالت له زوجته وهو يهم بالخروج : خذ هذه الأشياء معك يا عزيزي ،،
حمل الأكياس وحاول أن ينزل ابنته الصغيرة التي كانت معتلية ظهره ،، وأبت أن توصل قدميها الأرض إلا بعد أخذ وعد منه بشراء لعبة لها ،،

فمنذ يومان كان يذهب إلى مكان جمع التبرعات ،،
يضع ما يحمله ويساعد قليلا لضيق وقته وللفوضى العارمة ،،
سار بسيارته حتى أوقفها أمام المركز وهو يبتسم لوعد صغيرته ،،
فاجأته فتاة تقول : هلا أخذتني معك ؟! ،،
نظر إليها متعجبا فأردفت : أنت ذاهب إلى هناك صح ؟! ،، يجب أن أتواجد هناك على الفور وأبي سيتأخر كثيرا حتى يقلني فخذني معك ،،
قال : لا مانع لدي ولكن إلى أين ؟! ،،
أجابت بعد ركوبها في السيارة : إلى الحي المنكوب بالطبع ،،

كان يحاول جاهدا ألا يذهب إلى هناك ،،
فبيته بعيدا عن ذلك الحي كما أنه لم ينساق إلى المشاركة بالتبرعات إلا بعد إلحاح زوجته ،،
وصلا إلى الحي فغادرته بسرعة وهي تقول : شكرا ،،

نظر بذهول فيم حوله ،،
أضواء سيارات الأمن ،،
وجموع تتحرك بجنون ،،
الكل يصرخ حتى ازدحمت برأسه أشياء لم يفهمها ،،
لم يفق إلا على طرق رجل الأمن على نافذته قائلا : تحرك ،،

سار على قدميه رافعا طرف ثوبه فوق الطين والمياه الآسنة ،، نظر إلى السيارات المعانقة لصفوف الدكاكين وبقايا الإسفلت الذي راح كما تتقشر الفاكهة ،،
واشتد ذهوله عندما سمع حديث رجل لآخر بأن ابنه مفقود ويظن بأنه في الحفرة خلف التل ،، والآخر يتمتم له بكلام لم يفهمه ،، حتى مر من جانبهما ،،
فأمسك بعنقه قائلا : هلا أنقذت ابني ؟! ،، هو جثة هامدة الآن أعلم ،، ولكن أريد أن أراه ،،
تلعثم وقال : أين ؟! ،،
فقال : هناك خلف هذه التلله هم يظنون بأن السيل لم يجرف ما به إلى هناك ولكني بحثت في كل مكان ولم أجده ،،
طمأنه بما استطاع وتابع سيره ،، وجد أنه أمام حفرة طينية كبيرة خلف التل ،، نزل على مهل حتى بلغها فغاصت ساقاه في الطين ،، تذكر حديث زوجته عن المشاركة والمواطنة فاستعذب الغوص بالطين أكثر نكاية بها ،،
كجامع لأحلام ضائعة ،، وتقفز برأسه الأسئلة ولا تجد الإجابات الآنية في زوايا المحال المحال أو على الأرصفة ،، تصوغها الأحلام المشروعة والمحفوظات المبتذلة ،،
توقف حينما اصطدمت قدمه بجسم صلب ،، فأدخل يديه فتبين بأن ما أمامه ما هو إلا صندوق ،، نظر حوله فشاهد رافعة ضخمة تجوب المكان ،، فأشار إلى سائقها بأن هنالك ما سيحمله ،،
وقف أماهم صندوقه الذي رُفع خلف التل ،، والتفت حوله وإذا بالرجل لا يزال يعترض المارة ويستنجد لابنه ،، حاول أن يرفع الصندوق فلم يستطع حتى شاهد الفتاة التي قدمت معه ،، أشار إليها فأتته مسرعة ،،
قال : هذا الصندوق ،،
فقاطعته قائلة : هل تريد من يساعدك على حمله ؟! ،، سنساعدك لا عليك ،،
وبصوت مرتفع قالت : أبي تعال إلى هنا ،، هذا هو الرجل الذي جئت معه ،، فلا تقلق ،،
وبلا مشقة تذكر وجد بأن حمله في سيارته بجانب الأكياس التي حملها من بيته ،، وألقى نظرة أخيرة قبل أن يغلق صندوق سيارته ،، فإذا به ضخم لا شبيه له إلا تابوت ،، أدخل رأسه وفتحه ليبصر وهج ذهب خالص وزكمت أنفه رائحة منتنة نافذة لحواسه ،، ولم يتابع ذهوله حتى وضع ما يحمله تحت السلم في بيته

* * *

قال صديقه : يا صديقي ما يحدث هو حصيلة وراث بيولوجي للإنسان تجعله قالبا بغريزته أو ناهبا بطبيعته ،،
تذكر الصندوق في بيته ولكنه قال : أنت تحكم على مجتمع بأكمله ،،
قاطعه قائلا : بل أنت محكوم من فوقك ومن تحتك بنهر عظيم يصب في بحر أعظم ،، وما أنت إلا ما تخلفه دلتا ً لا تظهر في الخارطة !! ،، كما هي حصيلة عالم تلعب فيه الفوضى المفبركة دورا رئيسيا ينشأ من انفجار كبير وينتهي بوفاة وانهيار وتحلل ،، فهل تذكر قصة علي بابا والأربعون حرامي ؟! ،، فلمن استنصرت بجهلك ؟! ،،
قال : ولكن الإنسان قادر بوعيه أن يتجنب الحروب مثلا ،، كما أثبت تكيفه على مر العصور ،، ولو غيبت المبادئ والأخلاق فخشية الخالق باقية ،،
فقال : اسكت فالحديث في ذلك عقيم ،، ثم أني تأخرت عن سهرتي الأسبوعية ،، هل سترافقني ؟! ،،
أجاب : تعلم بأننا نختلف كثيرا وفي هذا الأمر أكثر ،،
هز كتفيه وقال : حدثني عن عملكم التطوعي ،، يقال بأن هنالك جميلات يسرن فوق الطين ،،
ابتسم قائلا : هل هذا ما يهمك ؟! ،، لو تأتي معي اليوم فسوف ترى بنفسك ،،
ثم أردف بصوت هامس : لقد وجدت شيئا سأخبرك عنه ،،

* * *

فلم يعد الوطن يحتضن مشتغلين جدد بالفكر من خارج نظامه وتوجهاته ،، فلا يتيح لهم على الأقل الإسهام معه بإنتاج مفهوم آخر للعقل الإنساني التحولي ،، فهذا هو لب المجتمع ،، عقل طامع للتحرر من قيود المكان ليضرب في حدود الزوايا والأزمنة ،، مبلورا حداثة مغايرة ،، مختلفة ،، ومتجلية بإبداع فاحص ،، ناقد ،، ومستوعب لكل ما لا يفهمه أو يلتبس عليه ،، ويجتهد بالتالي لجعله مفهوما ،،لذلك غادر صديقه وفي رأسه ثقب يحاول لجعل الريش يليق بهذا الجنون ،،
أما صديقه فقد ذهب لسهرته حتى آخرها ،، وألقى بسيجارة ملفوفة إلى الفتاة التي أمامه قائلا : ألم أخبرك بأن صديق لي وجد كنزا ،،
فقالت بنبرة ناعسة : كلا لم تخبرني ،،
ضحك قائلا : صندوق ملئ بالذهب عليه نقوش عثمانية قديمة ،،
قالت : أنت تكذب ،،
قال : حسنا لا عليك مما أقول ،،

ولكنها تذكرت حديثه لاحقا في جلسة أخرى ،، حيث تواجد رجل كان على معرفة بصديقة مسئول كبير ،، وعندما وصل الأمر إلى الأكبر منه كان مجرد قطعة ذهبية أخذت من أرض تملكها إدارتها ،، فخاصم إدارات أخرى على أحقيتها ،، حتى صدر القرارات بالمطالبة من كل الجهات ،،

* * *

دخل إلى بيته وقد نسي لعبة ابنته ،، تناساها في حرب الشرعية والفضيلة وبرمجة عقل المجتمع على إيقاع تحريمي مرتاب ،، كيف ارتد العقل من حماسة العقل والانفتاح والإبداع إلى صراعات ومفسدات وكأن التيسير لا شرعية له ،، أصبح العيب أشد جرما من الكبائر والمحرمات المعروفة ومن الباب الآخر توقف نداء من أين لك هذا ،، وكل ذلك في مجتمع حي ومتوهج ومتحرك ،، ولكن ببطء ،، لذلك عاد في تالي يومه ليدفن ما وجده بمكانه

 

التوقيع

المتشرد


التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الدوسري ; 02-04-2010 الساعة 01:27 AM.

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس