منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ تحت ضوء منارة ] قصة قصيرة ؛
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-25-2010, 02:09 AM   #1
سلمى الغانمي
( كاتبة )

الصورة الرمزية سلمى الغانمي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

سلمى الغانمي غير متواجد حاليا

افتراضي [ تحت ضوء منارة ] قصة قصيرة ؛


...

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الرصيف أرحب , وإضاءته الملتهبة مطرٌ نوريٌ , يتخلل للداخل ، ويؤنس وحشة الليل , الشارع الساكن الممتد أفضل من شوارع الضوضاء هناك بالأعلى , والساعة الثانية صباحاً تحت المنارة نهار الساعات القلقة في جوف يدعى النور , السيارات نادرة المرور .. هواء الشارع .. والرصيف المقابل لا يرون أمامهم إلا النوم لذلك هي ترى أنها بشبه نفق آمن ؛
مكان مخصص يحتضنها كل ليلة حتى متطفلو الأرصفة لا يفكرون بالاقتراب , رغم أنها تتمنى على الأقل واحداً منهم يبدد معها ما نال المكان منها من تراكمات , لا يهم إن كان تحت القناع ما كان , المهم أن تظفر ولو بشكل مؤقت بضمة تلغي سنين سابقة ولا تخلع القناع حتى تستمر بعيداً ؛
يرونها فتاة وهي في قرارة نفسها بلغت من العمر عتيا , لا تناسبها الألوان الفاتحة ولا الشعر المنسدل ولا حمرة الشفاه والخدين , إعجاب نظرات الغرباء لم تشعرها بعمر الزهور , دهشتهم بعقلها الأكبر لا يضمد بعضاً من شيء , كل ما تكرره في نفسها إحباطها المعتاد " لم أعش مراحلي فمن طفولتي نضوج " , اللعبة للأطفال .. الحلوى المصاص للصغار .. والتدَلُل لفتيات أراقبهم خفية ؛
رسمت على حائط الشارع حادثة قديمة مُخجلة أن تكتب كلاما .. نقشت على ظهر الرصيف تاريخ عام أكثر كآبة .. علقت بالمنارة عُقداً لعزيزة وصورة لا تغيب لراحلين , وانهمر البكاء ليس على تلك وإنما لغصة أخرى .. لهجرها الأقلام وصفوف الدراسة وضحكة الأصحاب ؛
تنسج الليالي دوماً بتقليب الصور والأحداث ورصاصات اللسان وبطش يد ، وتحكم غلقها بحادثة اليوم الجديدة , تربت على أكتافٍ في مُخيلتها تشاركها البكاء وتوعد المنارة والشارع والرصيف بأن لا تبكي بالغد ؛
تبدأ بتلاوة حزنها معهم حتى تنفض عنها مالا ينفضه الزمن – أظنها فقط حتى تستقبل السأم المُقبل وهي مستعدة لضربة أقوى وحتى تلتزم بوعدها معهم- مرة ومرة وألف مرة , لا يسعها الوقت لقراءة مآسي مُختزلة لابد أن تعود للبيت قبل الفجر حتى لا يكشف أحداً أمرها ,
تتصنع النوم بمهارة , تلامس أجفانها بأناملها المرتجفة , وتشد وترخي عضلاتها عندما يأتيها إيقاظ السجون وتبدأ اليوم دون أن تهدأ وينام الأمس .؛

!

سلمى الغانمي ؛ 26 / 11 / 1430 هـ |

 

التوقيع



الحُزن وحده من يغني , وتتجمهر حوله قلوب كأنها من بيوت طين مهجورة .

twitter : salma alghanmi

سلمى الغانمي غير متصل   رد مع اقتباس