[سالم عايش]

فالح الدهمان .. جانب السرب

تحمل الذاكرة الكثير من الجمال للشاعر فالح الدهمان، وهذا الأمر لم يأتي مصادفةً

أو محبة بل واقعاً مبنياً على مجموعة من النصوص الرائعة التي قرأتها له هنا وهناك .

وهذه النصوص الرائعة جعلت أسم فالح الدهمان مطلوباً أكثر ومنافساً لأسماء سبقته في

التجربة بسنوات عديدة ، ولكن نخبوية الطرح كانت جواز العبور الآمن .

وبعد هذا الشوط الجميل غاب فالح الدهمان عن الإعلام،وكان كل من يذكره يقال له أين

هو وأين ذهب وأين ينشر الآن ،وأذكر أيضا أنه نشر نصاً بنفس هذا الموضوع بعنوان

(انتهى) وكان مطلعه :

انتهى كيف انتهى عهدي : : : والذهب ما ينتهي عهده

فكانت هذه القصيدة بالنسبة لي بداية الصدمة ومع ذلك استبشرت بها خيراً .

وبعد هذا الغياب والحنين لروح فالح الدهمان وشعره ظهر للجميع عن طريق برنامج

شاعر المليون ظهوراً يليق بشاعر كبير، وللأمانة الشديدة فقد أنصف الشعر الحقيقي

وأنتصر لي ولكل محب للشعر.

ولكن المأساة الحقيقية أن جميع القصائد التي قالها كانت إما منشورة سابقاً أو محفوظةً

له سابقاً ولم يأتي بجديد.

وبعد مرحلة شاعر المليون بقدم قصائدها أعاد للجميع حنينهم لأسم فالح الدهمان فأصبح

مطلوب الجميع مثقفين وشعراء وهنا وقع المحظور، فأصبح شاعرنا يحيي أمسيات

ويجري لقاءات تلفزيونية أو عن طريق منتديات الإنترنت وينشر يميناً ويساراً في كل

المنتديات والمجالات حتى في البلوتوث ويقدم قصائد متهالكة لا ترتقي لما رسمه

الجمهور الواعي عنه ناهيك عن قصيدة واحدة من القصائد القديمة التي عرف بها

تشفع لذلك الموقف.

وهذه الخلطة الجديدة السخيفة لم أستسيغها ولم أعلم ما هي أسبابها ومسبباتها، كنت

أظن مثل الآخرين أنه لا يرغب بأن ينشر قصائده الجميلة والجديدة في المنتديات ولا

القنوات الشعرية رغبة بأن يتركها لديوانه كي تكون مفاجأة للجمهور، فأتى الديوانان

المقروء الصادر عن طريق هيئة أبو ظبي والمسموع الذي صدر عن طريق شركة

روتانا للصوتيات والمرئيات وما الأخير بأقل قبحاً من الأول.

ففي الشريط المسموع توجد 14 قصيدة جميعها سخيفة حد الشفقة باستثناء قصيدتين

وهما : (حارس الليل – خارج السرب) والكارثة أن هذا الشريط معنون له

(خارج السرب) وهذا العنوان الرائع يدل على التحليق مع الجوارح ولكن بتفرد بحيث

أنه خارج هذا السرب، والواقع أنه لا يناسب هذا العنوان الجميل لهذا الشريط السخيف

بل عنوانه (جانب السرب) بمعنى أنه ترك السرب وسقط سقوطاً مؤلماً !!

وهذا الانحدار المخيف في المستوى الشعري تركني بحيرة شديدة لا أعلم ماذا جرى

لفالح الدهمان .

هل نسي كيف تكتب القصيدة ؟ أو ماتت ملهمته ؟ أو أنه قتل الإحساس الذي كان

يكتب به ؟ أو أصابته عين حاسد ؟ حقيقة أنا بحيرة شديدة !!!

ختاماً:

أتمنى أن لا يأخذ هذا الموضوع أنه تهجماً على فالح الدهمان بقدر ما هو واقع مؤلم لي

ولكل محب للشعر.

والموضوع الأهم أن كل ما ينشر يصبح حقاً عام للجميع وتطاله يد النقد وهذا

ما أراه أنا .

وأعلم أنني قسوت بعض الشيء ولكن ما فعله فالح الدهمان بهذه الدواوين واللقاءات

يستحق هذه القسوة وأكثر.