الأرنبة الذهنية .. هل للشفاء من سبيل !!
أن تصدر حكماً على الأشياء \ الأشخاص \ الأماكن \ المواقف ، يتطلب هذا أن تتمتع بأقل حدّ ممكن من الوعي والحكمة والادراك يرفعك عن مصاف الحمقى على الأقل .
إن إصدار حكم ما يرتبط في الأساس بدرجة العدل التي يتحلى بها الفرد ، ونسبة المروءة والأخلاق التي تسكنه ، ولأن إصدار الأحكام غالباً ما يمسّ الآخرين لأنه وجهة نظر ناقدة يفترض به أن يتحلى بالصدق وعدم التحيز ، لهذا يتوجب على من يمارسه أن يرخي عنان فرس تفكيره قليلاً ولا يترك المغالاة تغالبه .
إن إصدار الأحكام من العمليات العقلية العليا التي لا يتم الوصول إليها جزافاً ، بل تسير حسب منطق عقلاني منظم . ينطلق من إستقراء التفاصيل للوصول إلى كلٍّ يقره العقل .، أما التعميم بعشوائية الحمقى وعدم إعمال الفكر في الأمور فهذا إن دل على شيء دل على ضيق الأفق ، وسخافة طرائق التفكير التي تمارس ، والتي يرفضها منطق هذا العصر الذي يقوده العلم والمنطق في كافة ميادينه .
وإن ينكر إحد فلن ينكر أن الكثيرين ما زالوا يمارسون القفز نحو اصدار الأحكام دون تروي . وتعميم نتائج هذه الأحكام الخاطئة على شريحة أو مدى أوسع ، ويعد هذا المرض العضال [ الأرنبة الذهنية ] كارثة فكرية تتعلق بالتعميم ، وكيفيته، ومستواه ، وطرق ممارسته .
وقد لا يصدق أحدنا أن البعض يمارس هذا الأمر مع ذاته ضد ذاته ، وكانه يقتص منها .
بل ومن النادر أن تجد أحد لم يقع فريسة براثن هذا الوباء ، فبينك وبينك تستطيع أن تستشف هذه الكارثة في جلسة لا يتجاوز عدد الحاضرين فيها [ واحد ] فقط
فهل هذا لأستسهالنا مضغ لحوم بعضنا البعض
أم أن منابع الخير فينا قد جفت ؟!!
الأرنبة الذهنية تصبح سلوكاً مشيناً حين تطلق أحكامك وتعممها لتأتي كل معطيات الواقع مناقضة لرؤاك
فتظهر كمن يرتدي نظارة سوداء يراقب من خلالها الدنيا وناسها ، فلا يرى إلا العتام .
وهذا إن كان لخلل فهو لخلل بك وليس في الآخرين .
إن الأرنبة الذهنية ممارسة عقلية \ سلوكية تقود الأفراد والمجتمعات نحو الهاوية ، لهذا نحتاج أن نغرس الخير في النفوس منذ الصغر ، فمعالجة مثل هذا الأمر لا يأتي بين ليلة وضحاها .
فمتى نصحو لكي ندرك أنه [ عند الغارة ما ينفع العليق ]
إن الأرنبة الذهنية ليست ببعيدة بنتائجها عن الإشاعة التي يطلقها البعض ليصدقوها في نهاية المطاف .
دون أن يحاسبوا أنفسهم إن كانوا قد زلّوا عن جادة الصواب قيد أنمله
يبقى أن الأمر وفي كلتا الحالتين تحكمه تقوى الله ، التي نحن أحق بها من بين جميع الأمم
فلنتق الله في أنفسنا ، وفي الآخرين .
فليس كل ما يُسمع يصدق
[ وليس كل وليد ظن يؤخذ به ]
مجلة صوت المبتعث