منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - عليُّ بن الجَهْم وخبره مع المتوكل
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-2007, 07:21 PM   #1
منصور الرحيمي
( كاتب )

افتراضي عليُّ بن الجَهْم وخبره مع المتوكل


يروي كثير من الأدباء هذا الخبر لعلي بن الجهم، قالوا: كان علي بن الجهم شاعراً بدوياً، فوفد إلى الخليفة المتوكل ومدحه فقال:
أنت كالكلب في حفاظك للودِّ = (م)= وكالتيس في قراع الخطوبِ!!

فهاج جلساء الخليفة وطالبوا بقطع لسانه!! ولكن المتوكل ردّ هادئاً فقال: إنّه شاعرٌ بدويٌّ!! وسيتغيّر منطقه إذا عاش في بغداد.

وبالفعل... فلم يمرَّ على سكنى علي بن الجهم ببغداد أشهرٌ قليلةٌ حتى قال قصيدته المشهورة الرصافية ومطلعها:
عيون المها بين الرصافة والجسر = جلبْنَ الهوى من حيثُ أدري ولا أدري

نظرةٌ في هذا الخبر:

هذه القصة لم أجدها في المصادر التي اطلعتُ عليها، وفي ديوان علي بن الجهم نقلها المحقق الأستاذ خليل مردم بك عن كتاب محاضرات الأبرار لابن عربي الأندلسي المتوفى سنة 638 هـ، وبخلاف هذا كله ففي الخبر غرائب وعجائب:

1 ـ علي بن الجهم لم يكن بدوياً قطُّ، فهو ولد في بغداد وتعلّم في كتاتيبها، ونشأ فيها حتى وصل إلى مجالس الخلفاء.

2 ـ أن علي بن الجهم اتصل بالخلفاء قبل المتوكل، فقد اتصل بالمعتصم وبالواثق من قبله.

3 ـ أنّ الخبر فيه استهانة بشعراء البادية وضعف مقدرتهم الشعرية، والذي يقرأ المصادر الأدبية وكتب تاريخ الأدب يعرف أنَّ شعراء البادية كانوا عند أهل ذلك العصر هم أجزل الشعراء وأقدرهم مقدرةً وأملكهم لناصية البيان، وكبار الشعراء في ذلك العصر كانوا من شعراء البادية منهم: الحسين بن مطير الأسدي، والعتّابي، ودعبل الخزاعي، وعمارة بن عقيل بن بلال بن جرير الذي قال عنه المبرد: إنَّه خاتمة الشعراء، وعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي الذي نُسخ شعره بماء الذهب ـ كما يقول ابن المعتز ـ، وغيرهم كثيرٌ. ولذلك قال الجاحظ: [ إنَّ عامة العرب والأعراب والبدو والحضر من سائر العرب أشعرُ من عامة شعراء الأمصار والقرى من المولَّدة ] الحيوان 3/130، وانظر كذلك خبر الشاعر البدوي الذي حضر مجلس الأصمعي واسترذل شعر أهل الأمصار وأنشدهم من شعر أهل البادية ما أدهشهم حتى قال الأصمعي: اكتبوا ما قال ولو بأطراف المُدى على رقاق الأكباد!! ( زهر الآداب 2/454)

 

منصور الرحيمي غير متصل   رد مع اقتباس