أخ مشعل مشكور أكثر بكثير من الشكر العادي لهذا الجهد الواضح في التوطئة لمسيرة النقد الأدبي.
لقد أوجزت تاريخاً حافلاً بالسجالات بأسلوب مرن قريب للأذهان.
أحب أن أضيف أن الناقد عليه التسلح بالمنهج النقدي الملائم لكن هذا لا يعني الانقياد الأعمى للمنهج ، فكثير من المناهج لا تتسق معطايتها ونص ما ، فمن الضروري أن يفعّل الناقدُ المنهج ويطوعه بمعطيات من تيارات أخرى ، لا أن يحبس المنهجُ الناقدَ ضمن قمقم لا يستطيع فيه الحراك وبالتالي سيبدو نصه الثاني - نقول الثاني على اعتبار أن النقد هو نص إبداعي ثان حسب جمهور النقّاد - أقول : إن نصه سيبدو مصاباً بفقر الدم ، والإبداع يتأتّى عادة من الانفلات من ضوابط قسرية ، وقد سمى النقاد شكسبير الرومانتيكي الأول لأنه بدأ ينسلّ رويداً رويداً من حكم أرسطو القصري بوحداته الثلاث على المسرح ( الزمان - المكان - وحدة الموضوع ) أسوق هذا المثال لأقدم فكرة الانفلات من أي أسر يكبّل الإبداع ، والنقد ما هو إلا نص إبداعي شأن النص الأول وأحياناً يفوقه ، ثم إن الناقد يجب أن يهتم بتكامل المناهج ( المنهج التكاملي ) ليضيف الرونق الجميل لدراسته .
والدراسة النقدية لا تعني الهجاء ولا تركز على الجانب الجمالي ، هناك ما يسمى بجمالية القبح ، مثلاً لو نظرنا لقصيدة السياب ( المخبر) لوجدنا الجمال الإبداعي في رصد قبح هذا المخبر.
النص النقدي إضافة على إضافة على إضافة أي نص على نص أو بتعبير آخر كما قال النقاد هو لغة على لغة على لغة.
ونحن من أنصار النص النقدي المفتوح لا المغلق ، وبذلك ستتولد عنه قراءات وقراءات لا تنتهي ، وتأتي تلك الجمالية من النصوص التي لا تعطي مفاتيحها بسهولة ، لأن الوضوح في أكثر الأحيان يقتل النص والمبد والناقد ، ذلك أنه مغلق ولا يضيف نصاً إبداعياً آخر.
أخي مشعل أشكرك من قلبي لتوطئتك المقتضبة المفيدة ، ولرشاقة ذهنك وقلمك في الإيصال.
تقبّل مرور أخيك المتواضع مع كل الأمنيات بالخير والعطاء المستمر.